النوبة منطقة ذات تاريخ عريق، تقع في الجزء الشمالي الشرقي من افريقيا، وتمتد جنوبا من الشلال الاول في صعيد مصر الى قرب مدينة الخرطوم في السودان، كما تمتد شرقا الى قرب البحر الاحمر، وغربا الى الصحراء الليبية، وكان الجزء الجنوبي منها حتى نهاية الشلال الثاني يسمى قوش او كوش، وهو اسم اطلقه الفرعون المصري سيزو ستريس الاول، احد ملوك الاسرة الثانية عشرة، عندما غزا النوبة نحو عام 1950ق.م وكان الاغريق يطلقون على النوبة اسم اثيوبيا او الجزء الشمالي منها حتى الشلال الاول، قرب مدينة اسوان المصرية، فكان يسمى واوات. وقد توصل علماء الاثار في ستينات من القرن الماضي الى ان منطقة النوبة كانت مزدهرة بالحياة والنشاط قبل توحيد مصر على يد الملك الفرعوني مينا نحو عام 3100ق.م. وفي تلك المرحلة المبكرة عرفت النوبة بعض الممالك الصغيرة، وكانت موطنا لمناجم المعادن، وعلى رأسها الذهب، ولهذا كانت مطعما لفراعنة مصر، وتكررت محاولات غزوها على امتداد التاريخ القديم. وخضعت للسيطرة المصرية اكثر من مرة. وقام الفرعون المصري امنحوتب الاول بتدمير مملكة كوش التي قامت في فترات الاستقلال عن مصر. وكان ذلك في ثلاثينات القرن السادس عشر قبل الميلاد، وفي عهد الفرعون تحوتموس الاول امتدت السيطرة حتى جنوب الشلال الرابع، اي داخل اراضي السودان، وشيئا فشيئا تمصرت النوبة تقريبا الا في بعض الفترات القصيرة التي استعادت فيها حريتها وذابت في الكيان المصري حتى استطاع بعض حكامها غزو الاراضي المصرية ذاتها عام 712ق.م واسسوا الاسرة الخامسة والعشرين التي نسبت الى الكوشيين، ابناء مملكة كوش القديمة، ومع ذلك لم ينقطع التآمر من الجانبين، النوبي والمصري، حتى دخلت المسيحية اعالي النوبة عام 540ميلادية ثم تأسست هناك بعض الممالك الصغيرة مثل علوة ودنقلة، وفي عام 652 ميلادية استولى جيش المسلمين الزاحف من مصر على دنقلة المسيحية، وفرض الجزية على أهلها حتى القرن الرابع عشر، حين اجتاح ارضها المماليك القادمون من مصر. ونشأت بعدها مملكة الفونج الاسلامية، وانتشر الاسلام في النوبة التي توزعت ارضها اليوم بين مصر والسودان. ولا توجد لغة نوبية واحدة، وانما يوجد عند علماء اللغات ما يسمى باللغات النوبية، وهي مجموعة لغات ولهجات مستخدمة في ارض النوبة
