يبدأ العمل بالحوار النظري ليأخذ شكل صيغة او خطة عمل تحديدا للتنفيذ والانجاز، وذلك ضروري ليعرف العامل على اي درب يسير والى اي غاية ينتهي، لان العامل على غير علم كالسائر على غير طريق يهدم اكثر مما يبني ويفسد اكثر مما يصلح وهو اسوأ ما يبتلى به العمل العام، وتصاب به المؤسسات، وصناع القرار، والادارات الحكومية والذي يؤدي بها الى التيه والعقم والتناقض. والحوار البناء والخلاق هو الذي يتعلق بالعمل وتوصيفه، والقاء الضوء على الامور المحيطة به، ومتعلقاته المختلفة، حتى يحصل التفاعل بين العمل والعامل وبين المشروع والقائمين عليه، لازالة العقبات من امامه، واخذ التوجيهات للخطوط العريضة، والمفاصل العامة التي تسبق التنفيذ والانجاز وهو عادة ما تقوم به المجالس التشريعية واللجان المتخصصة ذات العلاقة. وعندما يكون الحوار هدفا بحد ذاته، او وسيلة لكسب الوقت على حساب العمل والانجاز، او هروبا من المسؤولين والاكتفاء بتحقيق المصلحة الخاصة، او عدم القدرة او النية لتحقيق اي شيء، فان الحوار يصبح عبثا ومضيعة للوقت والجهد، وجدلا فارغا يخلو من اي مضمون او فائدة. والاصل في العمل العام هو الانجاز، واظهار العمل ليصبح مكشوفا ومشاهدا بالعين المجردة وملموسا، لدفع عجلة التطوير والتنفيذ، والذي يعني التغيير بكل ما في هذه الكلمة من معنى والذي يطال الممارسات السلبية والاساليب العقيمة والهياكل القديمة، لان التوقف عن ذلك يعني الكسل وتفويت الفرصة، وارخاء الحبل للترهل والانتهازية واستشراء الكسب غير المشروع وظهور الاستئثار والاحتكار. ان ادارة دفة العمل العام تعني المراقبة والمرابطة، واظهار المؤسسات الى حيز الوجود لتكون عاملة ومثمرة، تعطي كما تأخذ وتبذل كما تستفيد، ليكون انجازها مشهودا وواضحا ومجديا، والمبادرة الى التعيين والاستغناء على مستوى الاشخاص، والتفكيك والتركيب على مستوى الاجهزة والادارات، لتتمكن السفينة من التحرك، ومدافعة الامواج العاتية، والتيارات المعاكسة، والوصول الى شاطىء الامان.