عمان - بترا - حمد الحجايا -اينما كنت على اي من جبال عمان السبعة تشاهد (مسجد ابو درويش) بلون حجارته التي جمعت بين الابيض والاسود وجلبت من الرويشد شرق المملكة ومعان جنوبها ليبنى على تلك الربوة ، فبدا وكأنه تاج مرصع بحجر كريم يزين غرة جبل الاشرفية .
وفي كل فجر تستمع الى الاذان بصوت رخيم يشقشق هدأة الليل من مئذنة مسجد (ابو درويش) المطلة من على ربوة جبل الاشرفية ، ينادي الى الصلاة ويعلن عن ولادة يوم جديد يبدأ بأصوات المهللين إلى الله في الطرقات وتسابيح المتوضئين في باحات المساجد التي تردد في جميع مآذنها ذاك النداء.
انشىء المسجد عام 1962 على نفقة الحاج حسن مصطفى شركس (أبو درويش) وعرف باسمه منذ ذلك الحين وفقا لما ذكره رئيس اللجنة الادارية للمسجد الشيخ عمر عثمان الشنقيطي .
واضاف لوكالة الانباء الاردنية ان الحاج (ابو درويش) رسم المخططات الهندسية للمسجد بنفسه واستعان بتنفيذ النقوش والرسومات بالخطاط سامي نعمة الذي ابدع في زخرفة جدرانه بفنية وتقنية عالية ما زالت ماثلة بروعتها وجمالها . واوضح انه عندما بدأ الحاج (ابو درويش ) بوضع اساسات البناء للمسجد مر عليه الشيخ سعيد المفتي الذي اشار عليه ببناء مدرسة واقامة المسجد فوقها ، فاخذ بمشورته ..
وبين الشيخ الشنقيطي ان الحاج (ابو درويش) عمل مقاولا للبناء في منطقة العقبة ثم مسؤولا عن صيانة خط ( التابلاين ) الانبوب الذي ينقل البترول من السعودية الى سوريا مرورا بالاردن.
وقال الحاج عبد الحي لافي البالغ من العمر سبعين عاما وعمل مديرا للمدرسة التابعة للمسجد منذ عام 1965 لقد نقص على (ابو درويش ) المال لإكمال بناء مئذنة المسجد وبعض مرافقه الامر الذي دعاه الى بيع قطعة ارض كان يملكها في المفرق ، لكن المبلغ لم يكن كافيا مما اضطره الى الاستدانة لاكمال المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 36 مترا من سطح المسجد وعدد درجاتها 83.
وبين ان مكتبة المسجد تحتوي على ما يقارب الثلاثة الاف من امهات الكتب ،ومن الداعمين لها صديق الحاج (ابو درويش) مصطفى صبحي الوارملي اول كاتب مالية في الاردن وكان يزود المكتبة بكل ما يتوفر لديه من كتب من خلال عمله .
ولفت لافي الى ان المقرىء الشيخ سعيد سمور عمل اماما للمسجد ودرّس علوم القران الكريم فيه خاصة علم قراءات القرآن مبينا انه اول من بدأ بتدريس هذا العلم في الاردن ، وأعد مساقا لتدريس طلبة كلية الشريعة في الجامعة الاردنية بناء على طلب هيئة التدريس فيها .
وقال ان الحاج (ابو درويش) الذي توفي في شهر رمضان عام 1981 كتب وصية بوقف المدرسة والمسجد والعمارة المقابلة له لله تعالى مشيرا الى انه ومنذ وقفها تبعت لدائرة قاضي القضاة ، ويشرف على شؤون المسجد والمدرسة لجنة ادارية يعينها قاضي القضاة .
المهندس رائف نجم المختص في العمارة الاسلامية قال ان الطراز المعماري لمسجد (ابو درويش) يجسد فن العمارة الاسلامية التي جمعت بين المملوكية والعثمانية من حيث التجانس والتماثل والالوان في هيكل البناء ومزجت بين اللونين الابيض والاسود بصورة جميلة اضافة الى البساطة في التصميم وسهولة الانتقال بين ارجاء المسجد .
واضاف نجم ان الزخرفة في المسجد استخدمت ضمن العناصر الانشائية في التصميم المعماري في البناء ولم تكن دخيلة عليه ، واصبح الحجر المبني منه المسجد بلونيه الاسود والابيض من عناصر الزخرفة.
ومسجد ( ابو درويش) بطرازه المعماري الاسلامي القديم اصبح انموذجا جماليا لفن العمارة الاسلامية في العصر الحديث ومقصدا سياحيا جميلا على ربوة من روابي عمان السبع .
