د. زيد البشايرة - يتهافت آلاف الطلبة المحتاجين في الجامعات الأردنية الحكومية هذه الايام فرحين مبتهجين على مكاتب الملحقين الثقافيين للسير بإجراءات حصولهم على المنح والقروض- بعد أن أعلنتها وزارة التعليم العالي والجهات المانحة الأخرى- والسنتهم تلهج بالدعاء إلي الله أن يحفظ جلالة مليكنا المفدى ويديم علية الصحة والعافية. لقد أسعدت هذه المكارم الهاشمية آلاف الأسر على امتداد اريافه وبواديه وحواضره، لتضاف إلى مكارمه الاخرى وأحدثها قوافل الخير الهاشمية التي انطلقت مؤخرا إلى كافة أرجاء الوطن. وكعاملين في الجامعات، لنا فرحة خاصة نلاحظها ونحس بها ونحن نشاهد أبناءنا الطلبة يقومون بالتسجيل في المساقات المطروحة دون حاجة إلى إجراءات تأجيل دفع الرسوم الجامعية، وتأجيل الدراسة بسب ضيق الحال.
وكلما سمعت بهذه المنح والقروض، تعود بي الذاكرة إلى ذلك اليوم الجميل - والتاريخي في حياتي- من صيف عام 2003 عندما تشرفت ومجموعة من أبناء محافظة الطفيلة بلقاء جلالة الملك في قصر رغدان العامر، وعلى المائدة الملكية، وفي جو مفعم بالمحبة، وبعيد عن الخطابات الرنانة، كان الحديث أغلبة في الشأن العام. وكوني مختص في التربية، كان هذا هو مجال مداخلتي، وكان التركيز على تطوير التعليم المدرسي والعالي في جميع أنحاء الوطن. ونتيجة لاجوا اللقاء الودية والصريحة والمريحة، تشجعت وطرحت بين يدي جلالته موضوع التوسع في الابتعاث لطلبة جميع المناطق وخاصة النائية منها وفي المستويات المختلفة وخاصة مرحلة البكالوريوس. واذكر أنني قلت لجلالته؛ أن حملة الدكتوراه الموجودين في هذه الجلسة - جميعهم وزراء سابقون إلا العبد الفقير لله- ما كان لهم الحصول على هذه الدرجة لولا البعثات العلمية. أذكر أن جلالته نظر إلى معالي الدكتور باسم عوض الله، الذي بدوره دون شيء ما. ومن هذه الصناديق، صندوق خاص بدعم التميز والإبداع من الأفكار المبدعة الرائدة في المملكة وهو صندوق الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يمكن الطالب المتميز وغير المقتدر من الحصول على منحة دراسية تغطي تكاليف دراسته الجامعية. وقد دأب هذا الصندوق على تقديم منح للطلبة المتفوقين غير المقتدرين، بناء على أسس محددة مسبقا أساسها التميز والحاجة المادية المثبتة بموجب وثائق رسمية مصدقة.
وهذه المنح موزعة جغرافيا حسب مناطق المملكة بمعدل ست منح لكل لواء، ينبغي للمتقدم من اجل الفوز بواحدة منها أن يحقق أعلى معدل من النقاط التي خصص الجزء الأكبر منها للتحصيل الأكاديمي، ودخل الأسرة ومكان إقامتها وعدد الأخوة الدارسين في الجامعات، وأن لا يتلقى المتقدم للمنحة أي دعم من أي جهة كانت. وتتم المفاضلة بين المتقدمين بدرجة عالية من الشفافية والعدالة لدرجة أنه من حق أي متقدم الاعتراض إذا شعر بأنه أحق من غيره بالمنحة.
وفي عام 2004 اقر نظام صندوق دعم الطالب في الجامعات الأردنية الرسمية يهدف الى تقديم المنح او القروض إلى الطالب ، وفقا لأحكام هذا النظـــام، وذلك لتغطية أي رسوم جامعية مقررة ســواء كان ذلك بصورة كليــة أو جزئيــة، تتكون عوائده من نسبة مئوية من مقدار الدعم الحكومي السنوي للجامعات الأردنية الرسمية، ونسبة مئوية من مخصصات البعثات العلمية التي ترصد في الموازنة العامة والهبات والتبرعات التي ترد إلى الصندوق على أن تؤخذ موافقة مجلس الوزراء عليها إذا كانت من مصدر غير أردني بالإضافة إلى المبالغ المسددة من القروض التي تسترد من الطلبة بعد تخرجهم. تقرر المنحة أو القرض سنويا وبحد أعلى لا يتجاوز مقدار الرسوم الجامعية السنوية (أي ما يغطي رسوم 45 ساعة معتمدة). وتخصص المنح أو القروض تنافسيا وعلى أساس حصول المرشح للاستفادة منها على أعلى النقاط وفقا لأسس ومعايير يقرها مجلس الوزراء وعلى أساس تنافس أبناء اللواء الواحد.
وتقدم هذه المنح أصلاً للطالب المتميز دراسياً والمحتاج مادياً، وضمن أربعة معايير لبيان الطالب المحتاج لتأهيله للحصول على منحة أو قرض، وهي معدل الطالب وعدد إخوته في الجامعات أو كليات المجتمع فكلما زاد إخوته زادت فرصته في الحصول على المنحة أو القرض، ثم بعد الطالب عن الجامعة والمعيار الأخر وهو دخل الأسرة ويحدد بكم دخل الوالد والوالدة إن وجد وعدد أفراد الأسرة، بناء على المعايير الموضوعة لاختيار المستفيدين من المنح والقروض فنسبة الدقة عالية جدا. وفي هذه السنة حاز ما لا يقل عن 100 طالب على منح أو قروض من هذا الصندوق. ويتم تسديد القرض الذي يحصل عليه الطالب من الصندوق خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات بعد تخرجه او خلال سنتين من تاريخ ارتباطه بعمل ما أيهما اقل وذلك وفق أسس ومعايير خاصة.
واعتبارا من الفصل الأول من العام الدراسي 2006 / 2007 أعلنت وزارة التربية والتعليم عن بدء العمل في برنامج البعثات الدراسية لنيل درجة البكالوريوس في الجامعات الأردنية الرسمية على نفقة الوزارة في التخصصات التعليمية التي تحتاجها الوزارة لتأهلين معلمين ليلتزموا بالعمل في الوزارة بعد تخرجهم وفي مديريات التربية التي اوفدوا منها، الأمر الذي سيعالج النقص الحاصل في أعداد المعلمين في بعض التخصصات وفي بعض المناطق. والجدير ذكره أن هذا النظام كان معمول به سابقا وأوقف قبل عدة سنوات.
ولا يفوتني أن أذكر بالخير أيضا صندوق الاميرة منى لدعم طلبة التمريض والمنح المقدمة أيضا من شركة زين وبنك سوستيه- جنرال وشركة الدخان وشركة الاسمنت وغيرها من الشركات التي تقدم بعض المنح لبعض الطلبة المحتاجين. استجابة وانسجاما مع توجهات جلالة الملك ومبادراته لدعم بناة المستقبل وفرسان التغيير. درس تعلمناه من جلالة الملك، أنه بالإرادة والمتابعة يمكن أن يتحقق الكثير، إذا كان هناك إخلاص وعزم على العمل، وكيف لا وهو من رفع لنا شعار أهل العزم وألهمنا للسير على خطاهم، وحفظ الله جلالته وبارك له عيد ميلاده الميمون، وسدد على طريق الخير خطاة. فقد بادل الأردنيين الوفاء بوفاء عملي على طريقة جلالته واستحق منهم البيعة الدائمة غير المتجددة. من منح صندوق الأميرة منى.
