المقصود بآليات الصراع الدولي هو عملية مأسسة الصراع الدولي وادارته واتخاذ القرارات الكبرى فيها ومصدر هذه الاهمية هو ان وحدات النظام الدولي كانت تسعى دائما الى ادارة تفاعلاتها مع الصراع عبر مراتب وترتيبات مؤسسية، فتنعكس داخلها مصالح الدول الاعضاء واهدافها وسبل الدفاع عنها والحفاظ عليها. ولقد جسد هذا التعبير المؤسسي الاحلاف العسكرية في فترة الحرب الباردة واعني تعبير الصراع الدولي، وبقي ذلك ان النمط العام للصراع خلال كل مرحلة زمنية لا بد ان يفرز البنى المؤسسية اللازمة لادارة هذا الصراع، لكن تعيين وتحديد حالة الصراع كان ولا يزال شديد التعقيد بعد انتهاء فترة الحرب الباردة بفعل سيولة ظاهرة الصراع خلال او طوال القرن العشرين، وقد ادت هذه الخاصية الى تداخل العلاقات الصراعية والتعاونية بين الدول ولعل انخراط دول التحالفات في صراعات مع بعضها البعض مثل صارخ على هذا الوضع الصراعي المتسيب، وزاد من تعقيد الصراع هيمنة الدولة الكبرى الولايات المتحدة على الامم المتحدة. ومن الظواهر اللافتة في بداية القرن الحادي والعشرين هو التزايد المستمر في استخدام وسائل العنف والدمار كأدوات يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ استراتيجية العدوان غير المباشر. بعد هذه المقدمة الضرورية لتبيان حالة العالم من خلال الصراع وآلياته يمكن طرح السؤال التالي: هل ادى او يمكن ان يؤدي هذا الصراع وادارته الى ما هو قائم الان من استشراء وتفشي نوع من النازية الجديدة اسمها الارهاب؟ وهل نحن امام راديكالية جديدة تستمد قوة مبادئها من الليبرالية؟ رغم انه غالبا ما تتباعد عنها. والحقيقة ان واقع الامر لا يعدو الامر ان يكون اتجاها عقليا مختلفا تماما عن المألوف يقوم على الاعتقاد في الامكانيات الكامنة للخلاص في القوة السياسية والتي تتمثل في قدرتها على مواجهة وتصفية كل الرواسب القديمة التي باعدت بين الانسان ونظمه التي يمكن ان تمارس نوعا من التأثير غير المحدود والمروع احيانا في اعادة تأهيل الانسان ليعيش متفاعلا مع النظم الاجتماعية، حيث ان الراديكالية عندما تمتزج بالقوة تصبح لديها الايمان بقدرة العقل على صياغة نظام اجتماعي جديد وأهم ما يميز راديكالية القرن الحادي والعشرين هو اتجاهها العلماني وذلك لقناعتها المستندة الى الامل في بناء مجتمعات سياسية بعيدة عن التدين والتشبث بالتراث الديني. نتوقف قليلا عند مفهوم محاولات قيام مجتمعات غير متدينة لأن هذه المفاهيم تستند في داخلها الى القوة في تغيير البناء الاجتماعي وما يجري الان في العراق وفلسطين هو راديكالية متميزة بسماتها المدنية وان كانت هي عنفية بالضرورة، وهذا يعني ان الصراع الراديكالي العالمي الحالي قد افرز بالضرورة ايضا هذه النازية الجديدة او الارهاب الجديد المتعدد الالوان. فمحاولات فرض القوة لتغيير المجتمعات القديمة الى مجتمعات تتعايش مع الليبرالية هو ديكتاتورية ارهابية اجاب عليها الباحث «هاتا ارتدت» التي وصفت فرض اتجاهات سياسية موجهة بالقوة انها دكتاتورية وهي في واقع الحال تتدخل بشؤون الناس الحياتية مقابل تقديم وعود مثالية للوصول الى مجتمعات سليمة لا صراع فيها ولا طغيان. اين نحن العرب من هذا الصراع المعقد والقوي؟ الحقيقة ان الارض العربية ومنذ فجر التاريخ كان لها انساقها الداخلية المتمثلة روحيا بالاديان، ورغم ان القبلية كظاهرة مستشرية في الوطن العربي لا صلة لها بالدين حيث الدين مناف للقبلية الا ان الطابع الديني واضح من خلال الانساق الاجتماعية التي تمارس عبر الاجيال والتي قد تبدي مقاومة شديدة لمحاولات تغيير السياسات والمجتمعات بالقوة ولهذا تظهر آليات ادارة الصراع وكأنها تسعى لتوليد الارهاب رغم التظاهر بمحاربته وسوف نحاول في موضوع قادم اكتشاف المزيد من الصراع وانعكاساته على الامة العربية ولالقاء الضوء على كيفية تجنب اضرار الصراع على الوطن العربي.