رسمي ابو علي- لا بد انه ظهر في الاربعينيات من العام الماضي ذلك الفيلم الذي حمل عنوان حسن ومرقص وكوهين لم اشاهد ذلك الفيلم ولكنني ظللت اسمع عنه بين حين وآخر.. والان لست متأكدا انه كان فيلما او مسرحية.. على كل حال، فان ذلك الفيلم ظهر قبل ظهور دولة اسرائيل حيث المجتمع المصري كان يضم اغلبية اسلامية اضافة الى الاقباط واليهود.. ولا بد ان ذلك الفيلم كان يدعو الى الوحدة الوطنية - وربما كان فيلما كوميديا يلعب على المتناقضات والمفارقات بين المسلم والقبطي - المسيحي وبين اليهودي كوهين - وهو الاسم الاكثر شيوعا لليهودي في الافلام والقصص المصرية.
لم اشاهد ذلك الفيلم، لكن لديّ احساس بانه لا بد انه افضل من الفيلم الذي شاهدته قبل ايام ويحمل عنوان حسن ومرقص ودون كوهين، هذه المرة - ويقوم بتمثيله اكبر نجمين في مصر - عادل امام وعمر الشريف. واظهارا لحسن النوايا منذ البداية فقد قام عادل امام المسلم بدور القس القبطي مرقص اما عمر الشريف - المسيحي فاسند اليه دور الشيخ حسن - ورأيناه وهو يرسل لحيته ويحمل مسبحة مردداً بعض الآيات القرآنية وخاصة عندما تضطره الظروف الى دخول الجامع.. وفي كل الحالات بدا محافظا على قدر كبير من وسامته ورشاقة جسمه.
اذن فعادل امام هو مرقص وعمر الشريف هو الشيخ حسن.. وسبق ان قلنا ان كوهين قد تم شطبه لاسباب معروفة.
الان، ومن عنوان الفيلم يستطيع أي شخص ان يخمّن ان الفيلم يدعو الى الاخوة الاسلامية - المسيحية في مصر والى التعايش والتسامح.. الخ.
الفكرة جيدة وكبيرة وخاصة ان هناك مشاحنات وخلافات لا تزال تجري بين المسلمين والاقباط.
ولكن، للاسف الشديد، فان المعالجة لهذا الموضوع الخطير الحساس جاءت سطحية وفارغة وتقوم على اللعب الكوميدي عندما يضطر كل من عادل امام وعمر الشريف الى تبديل الادوار فيحمل كل منهما لقب صاحبه.
المعالجة جاءت سطحية وذكرتنا بنمط الفكاهة السائد لدى من يسمّون بالمضحكين الجدد وعلى رأسهم محمد هنيدي - كوميديا خفيفة من حواضر الفكاهة المصرية في مثل ظروف الفيلم.
كما أن الفيلم لم يكن مضحكا - فقد حاول عادل امام ان ينتزع بعض الضحكات او حتى بعض الابتسامات ولكنه فشل وكأنه بات فاقدا القدرة على اضحاك الآخرين.. واظن ان مشكلة عادل امام لا تكمن في سنّه المتقدم نسبيا ولا في مظهره الآخذ في الترهل والانتشار، ولكن مشكلة امام تكمن في انه بات يختزن فائضا ثقيلا من النجومية بات يظهر عليه حتى لو قام بدور متسول او متشرد.
عادل امام بات منفوخا نفخا بالنجومية الزائدة ولم يعد قادرا على التعامل تعاملا معقولا مع الآخرين - ولعلنا لا نزال نذكر موقفه الغريب الساخر من بعض الصحفيين الاردنيين عندما كان هنا في عمان قبل بضعة اشهر.
عادل امام ينوء اذن باطنان النجومية ولذلك بات مغرورا معتقدا بانه يحق له ما لا يحق لغيره، يحق له ان يبهدل الصحفيين او ان يصفع كل من يصادف في افلامه رغم عدم ورود الصفعة في السيناريو.
فطالما انه عادل امام، نجم النجوم، وحصان السبق الرابح في السينما المصرية لثلاثين سنة على الاقل ? فان هذا الارث بات ظاهرا عليه - العِزّ الزائد والمونة الزائدة في كل امر وفي كل شأن.
ولكنه للاسف لم يعد مضحكا ولولا الملامة لقلت انه بات ثقيل الظل غليظا.. وافضل شيء له ان يقوم باجراء عملية عاجلة لشفط فائض النجومية والغرور وشوفة الحال.. او ان يعتزل ولا بأس في ذلك فلديه من الامجاد والفلوس ما يكفي.
[email protected]