د. علـي نايفة.. مرجع الدوائر الأكاديمية والبحثية وزينة المحافل والمؤتمرات العلمية والهندسية

د. علـي نايفة.. مرجع الدوائر الأكاديمية والبحثية وزينة المحافل والمؤتمرات العلمية والهندسية

حسني عايش - لما كان العالِم في العالَم المتقدم يُقدّر أو يُقاس بعطائه، أي بإنتاجه العلمي فقد برز الأستاذ العالِم الدكتور علي حسن نايفة (وإخوانه الأربعة) وأبناؤهم وبناتهم الأربعة عشر، على الساحة العلمية والهندسية الامريكية والعالمية.
ولد علي نايفة كما أقدر في أواسط الثلاثينات من القرن الماضي، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة قريته شويكة من أعمال طولكرم، والثانوي في المدرسة الفاضلية الثانوية العريقة في مدينة طولكرم.
وعلي نايفة هو الإبن البكر لأب أكمل الابتدائية فقط، وأم لم تدخل المدرسة أصلاً، ولكنهما كانا شديدي الحرص على تعليم أولادهم مهما كلفهم ذلك من تقشف وتضحيات.
بعد تخرجه في المدرسة الفاضلية عمل الشاب علي نايفة معلماً متنقلاً أو منقولاً بين المدارس الأردنية في الضفة الشرقية، وبعون الله وتوفيقه تيسرت له بعثة للدراسة في أمريكا على يد إحدى الجمعيات الامريكية. وقد سافر إلى هناك والتحق بكلية عادية. ولما تخلت عنه الجمعية التي استوفدته بسبب استقلاله في الفكر، اضطر للعمل ليس جليساً لأحد الأطفال فقط، بل كأم وأب له كان يطعمه ويسقيه وينظفه ويلبسه ويلاعبه طيلة غياب الأبوين، ليتمكن من دفع رسوم الكلية والإنفاق على نفسه.
وفي أثناء زيارة أحد أصدقاء أسرة الطفل وبعد تعرّفه عليه واستذكائه له أصر على علي تقديم طلب للدراسة في جامعة ستانفورد المعروفة والمشهورة فرد عليه: أنّى لي ذلك وأنا بالكاد أقدر على كلفة دراستي في الكلية. ولكن هذا الجواب لم ينل من إصرار ذلك الرجل الذي يسره الله له، على محاولة إلحاقه بهذه الجامعة، فقد أحضر له ذات يوم طلب التحاق بالجامعة وطلب منه تعبئته ثم أخذه وقدمه لها. ولم تمض سوى مدة قصيرة حتى جاءه الجواب من الجامعة بالقبول مع البعثة أيضاً.
وهكذا التحق علي نايفة بجامعة ستانفورد حيث برزت قدراته ومواهبه العلمية واستقطبت انتباه أساتذته وزملائه، لدرجة أن أحد الأساتذة كان يعجب من عدم قيام هذا الطالب بكتابة أية ملاحظات في أثناء المحاضرة. ولذلك كان يرفع مستوى محاضرته في الحصة التالية ليُرَكّعِه، ولكنه لم يركع فقد كان يحصل على العلامة الكاملة في كل امتحان. وأخيراً صار هذا الأستاذ وغيره أصدقاء مقربين للطالب علي نايفة، وافسحوا له المجال لتخطي الحدود والقيود الرسمية في التحصيل، فحصل على البكالوريوس في سنتين ونصف، وعلى الماجستير في سنة،وعلى الدكتوراة في سنة. وهكذا أنجز مراحل الدراسة الجامعية الثلاث في أربع سنوات ونصف، وهو إنجاز غير مسبوق إلى الآن في أمريكا حسب علمي واستقصائي.
وفي أثناء دراسته استقدم إخوته الثلاثة للدراسة في أمريكا واحداً وراء الآخر. وقد تمكنوا جميعاً من الحصول على درجات الدكتوراة والأستاذية في تخصصاتهم في الهندسة وواحد في الفيزياء. ولأن المد العالي يرفع جميع السفن فقد سار على خطاهم أبناؤهم وبناتهم الأربعة عشر، فحصل تسعة منهم على درجة الدكتوراة في الهندسة، واثنان على درجة الدكتوراة في الحقوق، وثلاث من البنات على البكالوريوس الذي اكتفين به بسبب الزواج وتقديم متطلبات الأسرة على أي متطلبات أخرى.
ومما تجب الإشارة إليه هنا هو قيام أحد أبناء علي نايفة بدراسة الطب والتخصص في الجراحة، والعمل أستاذاً وجراحاً في جامعة جون هوبكنز، بعد حصوله على درجة الدكتوراة في الهندسة الميكانيكية. ربما لذلك أصبح في الجراحة أقدر من غيره بسبب هذا التخصص المسبق.
لقد كان الأستاذ علي نايفة وما يزال مصدراً للإقتداء والاهتداء في أسرته وبلده ووطنه. صار مضرب الأمثال عند الآباء والأمهات الذين يعرفونه أو يعرفون عنه للأبناء. كما صار مرجعاً ومعتمداً للأقارب والمعارف والأصدقاء في الدراسة الجامعية في أمريكا. وهو بذلك كله وبإشرافه على تخريج 75 دكتوراة وما بعد الدكتوراة في الهندسة والرياضيات والفيزياء صار أشبه بالينبوع المتدفق على جميع الجهات.
وكما ذكرت في البداية يُقدّر العالِم في بلاد التقدم بإنتاجه العلمي ، وبمصدر درجاته والأساتذة الذين أشرفوا عليها لنيلها فيرتفع أو يهبط إلى مستواهما. أما في البلاد العربية فيقاس بصوته العالي، أو بقوة العشيرة أو القبيلة، أو على الأصح بالواسطة والمحسوبية اللتين يتناسب بهما المقام أو المركز طردياً مع درجة قوتهما وعكسياً مع مربع الكفاءة والمقدرة والعطاء، أي بمن يعرف لا بما يعرف .
لقد نشر الأستاذ علي نايفة 415 (أربعماية وخمسة عشر) بحثاً أصيلاً في مجلات علمية متميزة ومعتمدة ذات سمعة عالمية (Archival Journals) أي أكثر من بحث واحد في الشهر، كما تكرر الأخذ أو الاقتباس عنه (Citation) خمسة عشر ألف مرة.
وألف - أيضاً - عشرة كتب علمية في الهندسة والرياضيات التطبيقية والفيزياء تدرس في كثير من الجامعات بما في ذلك جامعات العدو الإسرائيلي وترجم بعضها إلى الصينية، واليابانية، والروسية. وكتب 37 (سبعة وثلاثين) باباً في كتب علمية وهندسية مشتركة. ولتعميم الفائدة جعل بعض كتبه متاحاً بالكامل على الانترنت. وللأستاذ علي نايفة - فوق ذلك - براءات اختراع عدة مسجلة في أمريكا وأوروبا والصين واليابان.
أما الغريب والمثير (أو النكتة) في قصة حياة الأستاذ علي نايفة فرفض نقابة المهندسين ذات يوم الاعتراف بشهاداته وتسجيله عضواً فيها بسبب كلمة الابن (Junior) الواردة في اسم الجامعة (Stanford Lelland Junior University) ظناً من النقابة أن كلمة جونيور تعني كلية جامعية متوسطة وليس اسم ابن مؤسس الجامعة Stanford الذي تبرع بإنشائها تخليداً لذكرى ابنه الذي يحمل اسمه.
لقد اشتغل الأستاذ علي نايفة بعد تخرجه في الجامعة لمدة سبع سنوات في شركتين للطيران حيث كان يجري بحوثاً في موضوعات صعبة ومعقدة في الميكانيكية والفيزياء والرياضيات مثل: Reenty Physics, orbital mechanics Shock Wave Structure, Plasma Waves, nonlinear Vibrations, asymptotic expansions, flight mechanics ,Water Waves, Hydrodynamic stability, transpiration cooling, waves in elastic media, asymptotic expansions وقد اكتسب بهذا العمل وما انطوى عليه من بحوث وإنتاج خبرة صناعية نادرة. وشكلت العائدات العالية التي حصل عليها من هذا العمل رافعة للصرف على تعليم إخوته وتحسين معيشة أسرته وأهله. وعندما استكفى تقدم للعمل في التعليم الجامعي فيVirginia Polytechnic Institute and State University وقد عين فوراً استاذاً كامل الأستاذية في المعهد والجامعة. وهو اليوم برتبة أستاذ متميز في الهندسة فيها: University Distinguished Professor of Engineering وعبر مشواره العلمي والهندسي الطويل قدم الأستاذ علي نايفة 559 (خمسماية وتسعة وخمسين) عرضاً علمياً (Presentation) في مؤتمرات علمية وهندسية عالمية أي أكثر من عرض واحد في الشهر. كما نظم وأشرف على سبعة عشر مؤتمراً علمياً وهندسياً عالمياً وآخرها سيعقد في عمان /الأردن بين 23-20 آذار 2008 تحت عنوان: الميكانيكيات الدينامية Dynamic Mechanics .
وعلي نايفة حاصل على ثلاث دكتورات فخرية روسية، وبولندية، وألمانية (من جامعة ميونيخ العريقة). لعل هتلر يتململ في قبره وهو يرى عربياً ينال مثل هذا التكريم من جامعة ألمانية عظيمة. وكما أعلم فإن حملة الدكتوراة الفخرية أقل بكثير من حملة الدكتوراه الدراسية والحصول على الدكتوراة الفخرية أصعب منالاً لأنه يتعلق بالإنجاز والعطاء والتاريخ كما في حالة الأستاذ علي.
وعلي نايفة مؤسس ومحرر مجلتين علميتين هما مجلة الديناميات غير الخطية(Non linear Dynamics) ومجلة الاهتزاز والتحكم (Journal of Vibration and Control). وهو أيضاً معتمد من دار نشر وايلي وأولاده في نيويورك لتحرير سلسلة من الكتب العلمية. كما أنه زميل في أربع جمعيات علمية وهندسية أمريكية.
أما الجوائز التي حصل عليها أو التي تنهال عليه فحدث عنها ولا حرج وآخرها (أول) جائزة تصدر عن الجمعية الامريكية للمهندسين الميكانيك Thomas Caugheg Award, 8002))، أي أن الجمعية منحت أول جائزة تصدر عنها له وليس لغيره في أمريكا والعالم، وقد بررت منحها له لتفوقه في مجال الميكانيكا الدينامية: ممارسة وبحثاً وتعليماً وقيادة متميزة استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً. وسوف تسلم له في اول اجتماع عام للجمعية في مدينة بوسطن في شهر نوفمبر من هذا العام (2008).
أما بقية الجوائز الأخرى التي حصل عليها فكثيرة. وعليه سأكتفي بذكر الجوائز التالية: جائزة دولة الكويت في العلوم سنة 1981.
جائزة جمعية الفضاء والطيران الامريكية سنة 9519: For Seminal contributions to perturbation methods, nonlinear dynamics, acoustics, and boundary-layer transition : praiseworthy for their quality relevance, timeliness, and lasting influence on the aerospace community. جائزة جمعية المهندسين الميكانيكيين الأمريكيين (J.P.Den Award ,7991).
وأول جائزة لجمعية مماثلة سنة (2005 Lyapunov Award,) لاسهاماته الحياتية في مجال الديناميات غير الخطية.
5- وجائزة ولاية فرجينيا للعلوم سنة (2005 (Life Achievement award, .
ووسام الشرق الذهبي لإنجازاته الاستثنائية في التعليم والبحوث من أكاديمية العلوم المتداخلة والدراسات المتقدمة سنة 2007.
Gold Medal of Honor of the Academy of Trans - disciplinary Learning and Advance Studies for Unusual accomplishment in أما إسهاماته العربية فكثيرة أيضاً، فقد أسس كلية الهندسة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة سنة 1976 وقد قاد فريقاً لذلك من 35 عضواً/أستاذاً/عميداً للهندسة في أمريكا بما في ذلك أساتذة وعمداء في معهد ماسوستش للتكنولوجيا (MIT) وهارفارد، وستانفورد، وبيركلي، وفرجينيا للتكنولوجيا.
كما أسس كلية الهندسة في جامعة اليرموك وعمل عميداً لها من 1980-984 . وأنشأ برنامجاً في الميكانيكا Computational Mechanics في تونس، وشارك في بحوث تعاونية في الهندسة في تركيا والأردن ومصر وتونس.
لقد تخرج تحت إشرافه 75 طالباً وطالبة من درجة الدكتوراة وما بعد الدكتوراة في الهندسة والفيزياء والرياضيات كانت لهم وما تزال إسهامات وبصمات مهمة في التدريس والبحوث، فأكثر من نصفهم تبوأ مواقع جامعية مرموقة، والباقي يعملون في الصناعة والتصنيع والبحث والتطوير.
عندما تتطلع على موقع آل نايفة على الانترنت تقف له ولهم إجلالاً واحتراماً على ما أنجزوه وما يزالون ينجزونه. لقد برزوا وصاروا صيغة عربية Figure في خلفية أمريكية Background على الرغم من كل ما فيها من عقبات ومعيقات لكن الذهب يلمع حتى في الوحل.
وإذا كان لدى الأستاذ علي نايفة من ثروة فهي من إنتاجه العلمي أولاً. وهي أحد أشرف الثروات والعائدات، فمن مثله ومن مثلهم.
حقاً إنه مرجع الدوائر الأكاديمية والبحثية وزينة المحافل والمؤتمرات العلمية والهندسية وإن كان أبعد ما يكون عن الأضواء أو وسائط الإعلام التي خطفت أحد علماء العرب الحائز على جائزة نوبل من البحوث والعطاء العلمي وحولته إلى نجم تلفزيوني. وربما لهذا يزيد عدم حصول علي نايفة على جائزة نوبل(مع أنه يستحقها من زمان لو... ) تدفقاً وعطاءً . يقول جورج أولاه الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1994 أنه قرر بعد الحصول على الجائزة ألا ينجرف في هذا التيار وأن يظل المعمل (المختبر) هو همه الأكبر (روز اليوسف في 23-29/2/2006)، فأطال الله عمر د. علي نايفة وآله ومتعهم بالصحة والعافية لمواصلة العطاء.