الجاهــــة الكريمــة

تاريخ النشر : الأربعاء 12:00 7-11-2007
No Image

الرأي-أبواب- أتت كلمة الزواج من مادة ''زوج'' وأتت بمعنى الاقتران والاندماج والتوحد؛ فالزواج هو الرباط المقدس والميثاق الغليظ الذي تبارك عراه الشرائع وطبيعة المجتمعات التي تميل إلى إفشاء المودة والرحمة والسلام، ويحمل التراث الإسلامي قصصاً كثيرة للزواج يمكن أن نلمح منها قاسماً مشتركاً هو يسر عملية الزواج وبساطة إجراءاتها حتى أنها كانت تتم أحيانا في يوم أو بضعة يوم.
ولأن المجتمعات العربية تعودت أن تهرول للخلف وأن تركض كلما سنحت الفرصة للتعنت والتزمت ملزمة نفسها ما لا يلزم، تعقدت عملية الزواج حتى أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على كاهل أي شاب وفتاة يقبلان على هذا المشروع، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية سعت الكثير من المجتمعات العربية للخروج من مأزق العادات التي تشكلت على امتداد قرون ولكن تواصل الضغوط الاقتصادية أبقى على الزواج ضمن خانة المعادلات الصعبة والأسئلة المفتوحة في المجتمع العربي.
الوضع في الأردن يعد أكثر تعقيداً؛ قياساً بالمجتمعات العربية المجاورة، فالزواج تلحقه سلسلة طويلة من الإجراءات والعادات التي لا يمكن تفسيرها بصورة منطقية سوى أنها ما وجدنا عليه آباءنا، وحتى تلك الرؤية تتساقط أمام قراءة التاريخ الاجتماعي في الأردن الذي تميز ببساطته وتلقائيته الفطرية، ومن أكثر العادات المرتبطة بالزواج إثارة للاستغراب عادة الجاهة التي يجب أن تردف بكلمة الكريمة، حيث يتبادل الطرفان إسباغ هذه الصفة في حوارهما المقتضب والمكرر والقريب من المحفوظات المدرسية.
الجاهة تبدأ غالباً بعد الاتفاق على جميع التفاصيل بين أهل الشاب والفتاة، وأحيانا كثيرة بعد قيام الطرفين بإنفاذ العقد الرسمي لدى الجهات المختصة، ومع ذلك يجب ألا تفقد هذه الجاهة تقاليدها العتيدة التي تبدأ بأن يطلب الشاب من أقاربه وأنسبائهم وأصدقائهم بأن يرافقوه إلى منزل الفتاة أو صالة استئجرت خصيصا لتلك الغاية حيث يجدون عددا موازيا من أقارب العروس ومعارفها في انتظارهم لتتم تقاليد الجاهة حول فنجان القهوة الذي يوضع لرأس جاهة العريس بانتظار أن يلبى طلبه ليرتشفه، وتبدأ الأجواء الاحتفالية التي تقتصر في جانب الرجال على توزيع الحلويات بينما تتعالى أصوات الزغاريد والأغنيات الراقصة على الجانب الآخر أي في النسخة النسائية للجاهة، وتنفض الجاهة خلال أقل من ساعة بعد أن حققت غرضها الاستعراضي لتتيح الفرصة للعروس للتباهي بجاهتها التي أتت بفلان وعلان لطلب يديها بين زميلات العمل والصديقات.
رأس الجاهة الموكل بالطلب من جهة العريس ورأسها المخول بالقبول من طرف العروس هما نجما الجاهة الحقيقيان وهما الوجبة الرئيسية لطقوس النميمة والتباهي التي تتبع الجاهة، وعادة ما يكونان من الشخصيات التي تحمل مكانة اجتماعية بارزة، وكلما ازدادت تلك المكانة أصبحت الجاهة ''دسمة'' و''مشرفة''، وعادة ما تقاس المكانة بالمنصب السياسي أو الثراء، لدرجة أن يضطر العريس أحيانا لأن يطلب خدمة الجاهة من شخصية لا تربطه بها أي صلة، بما يدفع أهل العروس لأن يطلبوا بالمثل من شخصية لا تربطهم بها أدنى المعرفة أن تقرر ولو صوريا مصير يد العروس.
ولأن تزعم الجاهات يدلل على دخول الشخص في مكانة اجتماعية جديدة فإن الكثيرين يسعون لمخاطبة والد العريس لحجز تلك المكانة، والبعض يوسط المقربين ليحظى بفرصة قيادة الجاهة، وتقاس أهمية الجاهة بعدد المشاركين فيها ومناصبهم كما تقاس بفخامة مكان الاستقبال الذي أخذ ينتقل من البيوت ومن دواوين العائلات إلى الصالات من فئة النجوم الخمسة، وبرغم التكاليف الباهظة التي تترتب على الجاهات في كثير من الأحيان إلا أن أحدا لم يسأل عن ماهية تلك العادة ناهيك عن السؤال الذي يعتبر نوعا من التطاول على ضرورتها، فإذا كانت ضرورية للإشهار فإن العرس يقوم بهذه المهمة بصورة أكثر كفاءة وتتيح هامشا أوسع بطبيعة الحال للثرثرة والنميمة، وإذا كانت ضرورتها بالفعل لطلب يد الفتاة فهذا يعني أنها تحتمل الرفض كما تحتمل القبول، فهل يستطيع أحد في الأردن أن يذكر أي جاهة زواج لم تنته بشرب فنجان القهوة المرة؟؟
الجاهة عادة متأصلة حتى أنها تتم إذا طلب أحدهم ابنة عمه أو خاله للزواج، وفي هذه الحالات تصل المظهرية لذروتها حيث تكون الموافقة تمت أحيانا منذ سنوات، ومعظم ترتيبات عقد القران أصبحت تنتظر اللمسات الأخيرة، وبذلك تكون الجاهة بالفعل لمجرد الجاهة، وتصبح هذه العملية برمتها بعيدة عن المعقول ومنطق الأشياء، وفي هذا السياق يوضح الشيخ علي الزيدان الحنيطي القاضي العشائري واحد المرشحين لمجلس النواب الخامس عشر، ان جاهة خطبة العروس اختلفت عما كانت عليه واصبحت تقليداً اعمى، فضلاً على انها باتت تشكل ''تمثيلاً'' لا يرقى الى المصداقية او السبب الذي اوجدت من اجله الجاهة.
ويستذكر الشيخ الحنيطي الجاهة في الماضي، حيث كانت تقوم على اساس اقناع ذوي العروس بالموافقة والقبول لهذا العريس، وخصوصاً اذا كان من خارج الاقارب، وقد تتكرر الجاهة اكثر من مرة اذا ما كانت هنالك ممانعة من قبل اهل العروس، كما ان الجاهة كانت تقتصر على عدد بسيط من اهل الخاطب، وليس كما يفعل اليوم.
ويستهجن الشيخ الحنيطي من الجاهة التي تتجه نحو اهل العروس بمئات الرجال وعشرات المركبات مما يشكل مشقة نفسية ومالية على اهل الخاطب، وفي النهاية تكون هذه الجاهة تتقمص دوراً تمثيلياً كونها تتم بعد ان يكون العريس قد عقد قرانه على العروس، وبالتالي فان الجاهة كما يسميها البعض، مسرحية مدبلجة.
ودعا الشيخ الحنيطي إلى التقليل من الجاهات ومن طقوسها التي لم تعد خافية على احد، كونها خرجت عن الاطار الذي وضعت من اجله اصلاً، كما ان اقتصار الجاهة على اقارب كل من العريس والعروس فيه خفض للنفقات، وتقليل من العبء على الناس.
الجاهة عادة عربية تتواجد بصورة هامشية في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان، ولكنها تصبح فريضة اجتماعية في الأردن، علما بأن المجتمع الأردني مجتمع صغير يعرف الناس فيه بعضهم البعض جيدا، ويصبحون جميعا أقارب بدرجات متفاوتة في المعاملات الحكومية وأي جزئية تستلزم القليل من الواسطة والكثير من المراعاة، لذلك يستبعد أيضا أن تكون الجاهة بمثابة بادرة حسن نوايا وبطاقة تعريفية من أهل الشاب الراغب في الزواج، بما يعزز أنها في حقيقة الأمر مجرد احتفالية استعراضية مثل حراسة الصبة.
وحراسة الصبة قصة يعرفها الأردنيون جيداً، تروى على سبيل النكتة تدليلاً على البيروقراطية المتوارثة، ولكن يبدو أن كثيراً من الصبات الاجتماعية ما زالت تستوطن عقولنا بنفس الطريقة، وكأن مسيرتنا نحو التقدم هي حرب ضروس ضد الصبات الاسمنتية والاجتماعية على السواء.

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}