تستدعي العبارة اللافتة التي جاءت في حديث جلالة الملك عبدالله الثاني يوم اول من امس خلال ترؤسه جانبا من اجتماع مجلس الوزراء وقفة تأمل وتدقيق في معانيها وما انطوت عليه من رسالة واضحة وحازمة لا تحتاج الى تأويل او تفسيرات في شأن مفهوم الوظيفة العامة سواء كان المرء وزيرا ام خفيرا.
المنصب الحكومي في نظر جلالة الملك هو تكليف لا تشريف بدءأ من الوزير وليس انتهاء بأي وظيفة عامة في أي موقع في هذا البلد الطيب ما يعني في الدرجة الاولى ان من يجلس على كرسي الوزارة يجب عليه ان يعمل ليلا نهارا لخدمة المواطن وخدمة هذا البلد وحتى تبدو الامور اكثر وضوحا لكل من التبس عليهم هذا المفهوم او تجاهلوه فان جلالته وضع ما يقوم به شخصيا في خدمة الوطن والمواطن امام الجميع مثل ما علي واجب لخدمة بلدي الكل عليه واجب ايضا .
نحن اذا امام مرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة اعادة الامور الى نصابها ووضع النقاط على الحروف بعد ان اعتقد البعض وهنا يجب ان لا يستثني احد نفسه بعد ان تحدث جلالة الملك بأقصى درجات الوضوح والصراحة وسمعه كل ابناء شعبنا لأن المطلوب اولا واخيرا هو انجاح أي خطة او برنامج تضعه الحكومة وبما يحقق الهدف الذي وضعت من اجله وان كان الحديث الملكي مكرسا يوم اول من امس لحماية المواطنين من ارتفاع الاسعار فان المسألة يجب ان تؤخذ في الاطار العام اعتبارا من اليوم، اذ لا يعقل ان يتعطل عمل الوزراء لان حديثا يدور حول تغيير او تعديل وزاري .. وليس مقبولا ايضا ان يدخل الوزراء في التكهن بمن سيخرج من الفريق الوزاري او يدخل اليه.
هذه امور او شائعات لا يختلف الاردنيون جميعا حول دورها في الحد من انتاجية الوزراء وخلق المزيد من الارباكات والاشكالات التي لا تخدم قضايا التنمية ولا تسهم في تحقيق الاهداف بل وتشكل تعطيلا لمصالح المواطنين الحياتية اليومية المباشرة وتعيق مسيرة التحديث والتطوير في الاردن تماما كما تضع العصي في عجلات استراتيجية الاصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي لم تتغير والتي اكد جلالة الملك اننا ماضون فيها بلا تردد او كلل او تباطؤ..
العبارة الملكية واضحة وحازمة ..
على الوزير أن يعمل بجدية حتى اخر يوم في منصبه ولأن المنصب الوزراي تكليف لا تشريف فان كل وزير مدعو الى ترجمة مثل هذا المفهوم على ارض الواقع والذي يعني في جملة ما يعني العمل بكل جدية وفق مسؤولياته والاسهام الفاعل والميداني في تنفيذ المشروعات التي تعود بالمنفعة على المواطنين وتخدم المصالح الوطنية العليا في الوقت نفسه.
ولأن جلالة الملك يدرك بعمق ان لكل وزير (كما لكل انسان) قدراته وامكاناته فإن دعوة جلالته كانت قاطعة في حديثه لمجلس الوزراء اذا كان هناك أي وزير يشعر انه لا يستطيع تقديم ما هو مطلوب منه فليقدم استقالته من الحكومة اليوم .
نحسب ان الرسالة وصلت ولم يعد من خيارات امام الحكومة والفريق الوزراي سوى العمل والمزيد من العمل وبذل كل الطاقات والابداعات من اجل خدمة الاردن وترجمة كلنا الاردن الى واقع ملموس يحس به المواطن ويشعر ان الدولة الاردنية تحميه...
المحرر