مفهوم المذهب في الفقه الاسلامي

مفهوم المذهب في الفقه الاسلامي

بقلم : د. عبدالعزيز عزت الخياط

المذهب لغة: من ذهب ولها معان عدة:.
ذهب: مر ومضى ومات1، وذهب به: ازاله، وذهب علي كذا: نسيته، قال بعض ائمة اللغة والصرف: ان عدي الذهاب بالباء فمعناه الاذهاب، او بعلى فمعناه النسيان، او بعن فالترك، او بالى فالتوجه.
والمذهب: المعتقد لأنه يُذهب اليه، والطريقة: يقال ذهب فلان حسناً أي طريقة حسنة2، وذهب مذهب فلان: قصد قصده وطريقه، وذهب في الدين مذهبا: رأى فيه رأياً3 وللناس فيما يعشقون مذاهب أي طرائق.
المذهب شرعاً
المذهب: طريقة المجتهد في استنباط الاحكام من الكتاب والسنة والاجماع والقياس ومجموع الاجتهادات والآراء الفقهية التي توصل اليها في امور الناس وفق القواعد الاصولية والفقهية والمقصود بالاحكام الشرعية والحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء او تخييراً والاقتضاء يعني احد امرين: اما الطلب جازماً وهو الامر كوجوب الصلاة، واما الطلب غير جازم وهو الندب سنة مؤكدة كصلاة سنة الظهر او غير مؤكدة كصلاة سنة العصر، واما النهي جازماً وهو التحريم كتحريم الاحتكار والربا، واما النهي غير جازم وهو كراهة الفعل خفيفة وهي الكراهة التنزيهية كأكل الثوم عند الصلاة، او شديدة وهي الكراهة التحريمية كقوله تعالى لا تسألوا عن اشياء عن تُبدَ لكم تسؤكم .
وقد كان الناس في عهد النبوة يأخذون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان الحكم لكل ما يحتاجون الى بيانه، وكانوا اذا اجتهد بعضهم في مسألة يرجعون الى رسول الله فيبين لهم الحكم فيها او ينتظر نزول الوحي فيها اذا خفي على رسول الله حكمها، واذا بعث اصحابه الى الولايات معلمين ومرشدين للناس فحكموا باجتهادهم رجعوا الى رسول الله فيصوب احكامهم او يصححها حسب ما علم من الوحي المنزل عليه وكان عليه السلام يجتهد فيما لا يكون عنده حكم من الوحي فيصوبه او يعلمه انه فعل خلاف الاولى، وقد كان ذلك في بعض المسائل؛ منها ما اجتهد فيه عليه السلام في مسألة اسرى معركة بدر اذ رأى عليه السلام فدية هؤلاء الاسرى وكان الاسلام في اول امره يحتاج الى الشدة في معاملة اعدائه فنزل قوله تعالى ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم 4 ومنها ان النبي عليه الصلاة والسلام بعث الى اليمن قاضياً فحفر قوم زبية للأسد فوقع الاسد فيها وازدحم الناس عليها، فوقع فيها رجل فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر حتى صاروا اربعة فجرحهم الاسد فهلكوا، وحمل القوم السلاح - كما يقول سيدنا علي - وكاد يكون بينهم قتال، فأتاهم علي فقال لهم (اتقتلون مائتي رجل من اجل اربعة تعالوا اقض بينكم، فللأول ربع الدية وللثاني ثلثها وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة، وجعلت الديتان على ونصف سدس الدية على من حفر الزبية لقبائل العرب الاربعة فسخط بعضهم، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم واخبروه بقضاء علي اجازه وقال: القضاء كما قضاه علي .
ولم تتكون المذاهب في عهد الصحابة واما تفاوتوا في الفهم والاجتهاد كما علمهم رسول الله، ان يعتمدوا على العموميات لتستنبط منها المسائل الجزئية الطارئة في مختلف نواحي الحياة، فقد مهد لهم سبل الاجتهاد ودربهم عليه ورضيه لهم وبين لهم ان لهم فيه ثواب ان اصابوا وجه الحق عند الله ام اخطأوا، وكان اجتهادهم بمعناه الواسع، فقد نظروا في النصوص في دلالتها فقاسوا واستحسنوا، وكان اجتهادهم مقصوراً على ما ينزل بهم من الحوادث، وكان هناك جماعات من الصحابة لكل منهم آراء مختلفة كعمر وعلي، فكان لعمر بن الخطاب آراء ومعه جماعة من الصحابة كعبد الله بن مسعود، وكان لعلي بن ابي طالب اجتهادات فقهية ومعه جماعة من الصحابة، وكان لعبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر اجتهادات فقهية كذلك، قال ابن قيم الجوزية في اجتهادات الصحابة5 وقايس علي بن ابي طالب وزيد بن ثابت في المُكاتَب6، وقايسا في ميراث الجد والاخوة، وقولهما في الجد انه لا يحجب الاخوة وقاس ابن عباس دية الاضراس بالاصابع فقال اعتبرها بها وروي عن ابن عباس انه ارسل الى زيد بن ثابت افي كتاب الله ثلث ما بقي؟ فقال زيد انا اقول برأيي وتقول برأيك 7.
وابرزها طريقة ابي بكر وعمر وعلي:.
فطريقة ابي بكر انه اذا ورد عليه مسألة نظر في كتاب الله تعالى، فان وجد فيه ما يقضي به قضى، وان لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان وجد فيها ما يقضي به قضى فيه، فان اعياه ذلك سأل الصحابة: هل علمتم ان رسول الله قضى فيها بكذا وكذا فان لم يجد سنة سنها رسول الله جمع رؤساء الناس فاستشارهم فاذا اجتمع رأبهم على شيء قضى به.
وطريقة عمر انه كان يفعل فعل ابي بكر، فاذا اعياه ان يجد ذلك في الكتاب والسنة سأل: هل قضى ابو بكر فيه بقضاء فان كان له فيه قضاء قضى به، والا جمع علماء الناس واستشارهم فاذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به8، وكان لعمر مدرسة في الرأي يتبعه فيها عبدالله بن مسعود وابو موسى الاشعري وغيرهما.
وطريقة علي طريقة صاحبيه الا انه كان اكثر اعتماده على ما علمه من رسول الله عليه الصلاة والسلام وله اجتهادات كثيرة، وله مدرسة في الرأي يتبعه فيها عدد من الصحابة منهم ابو عبيدة السلماني وشريح القاضي وغيرهما.
ثم بدأت عند التابعين وتابعيهم تتكون المذاهب الفقهية لكل مذهب امام ذو طريقة في الاجتهاد وله اصول يعتمد عليها في الاستنباط، ولكل منهم اتباع وتلاميذ يحملون علمه وفقهه واجتهاداته الى الملأ، ويفرعون عليها ويلتزمونها وينشرونها بين الناس.

الفرق بين المذهب والفرقة
وقد نشأت بين المسلمين فِرَق وهي غير المذاهب وبينها اختلاف فرقي، ونعني به اختلاف الفرق الاسلامية او المنسوبة للاسلام، وهي فرق متعددة قديمة وحديثة، اكثر الخلاف عندها في مسائل العقيدة، وهي لا تعنينا في هذا البحث ولا نريد الخوض فيها، ولا البحث فيما خلفته من فرقة دامية بين المسلمين وما سببته من حروب وقتال دموي بين الخوارج واهل السنة، وبين الشيعة والحكم الاموي والعباسي، وبين الحشاشين (النصيرية) وبين المسلمين، وكيف عمل المستعمرون الغربيون على تنمية الخلافات بينها وايجاد او تشجيع او تبني فرق جديدة كالبهائية والاحمدية والبابية، وان كنت احب انوه بأن الحديث الذي ردده كثير من المحدثين والباحثين في الفرق قد ضعفه كثيرون، وهو حديث افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة، وستفترق امتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار الا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال ما انا عليه واصحابي رواه الترمذي واسناده غريب، وقد روي روايات متعددة عند الترمذي وابي داود، وقد طعن في هذه الروايات، وقال عن بعضها ابن معين9 حديث باطل لا اصل له كما روى ابن عبدالبر10.
ولا يجوز ان نسمي المذاهب فرقاً لانها تبحث في الفروع ضمن اطار العقيدة الاسلامية والقواعد من الكتاب والسنة، والخلاف في الاجتهادات ناشئ عن اختلاف في فهم اصول الكتاب والسنة وقواعدها، والاختلاف في اصول الدين يؤدي الى تفرق الامة شيعاً وفرقاً، وهو المذموم الوارد في قوله تعالى ولو شاء الله لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم 11وهذا الاختلاف هو في الاراء والفرق والنحل والاديان والمعتقدات.

الاختلافات الفقهية
الاختلاف الفقهي خير كله، لأنه دراسة عميقة لمعاني الكتاب والسنة، واستنباط الاحكام منها، وكل فقيه مجتهد يسعى الى ان يبذل جهده للوصول الى احسن استنباط لحكم شرعي يتوصل اليه، وكان عمر بن عبدالعزيز يقول ما احب ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختلفون لأنه لو كان قولا واحداً لكان الناس في ضيق، وانهم ائمة يتقدى بهم، فلو اخذ رجل بقول احدهم لكان سنة 12وقد مدح الفقهاء القدماء الخلاف الفقهي وعدوه رحمة، قال الشاطبي الخلاف في مسائل الفقه محض الرحمة وهم ومن تبعهم باحسان رضي الله عنهم 13، وقد قال جماعة من السلف الصالح بأن اختلاف الامة في الفروع ضرب من ضروب الرحمة وبيان كون الاختلاف المذكور رحمة ما روي عن محمد بن القاسم قال لقد نفع الله باختلاف اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمل، لا يعمل العامل بعلم رجل منهم الا وجد فيه سعة 14، يقول الشاطبي ومعنى هذا انهم فتحوا للناس باب الاجتهاد وجواز الاختلاف فيه، لانهم لو لم يفتحوه لكان المجتهدون في ضيق، لأن مجال الاجتهاد ومجالات الظنون لا تتفق عادة فيسير اهل الاجتهاد مع تكليفهم باتباع ما غلب على ظنونهم مكلفين باتباع خلافهم، وهو من تكليف ما لا يطاق، وذلك من اعظم الضيق، فوسع الله على الامة بوجود الخلاف الفروعي فيهم، فكان فتح باب للامة للدخول في هذه الرحمة، فكيف لا يدخلون في قسم من رحمة ربك، فاختلافهم في الفروع كاتفاقهم فيها والحمد لله 15.
وروى ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله قال عن عثمان بن عطاء عن ابيه قال: لا ينبغي لأحد ان يُفتي حتى يكون عالما باختلاف الناس (أي الفقهاء) فإنه لم يكن كذلك رد من العلم ما هو اوثق من الذي بين يديه كما روي ان سعيد بن أبي عروبة قال: من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما 16 وقال الشاطبي من لم يعرف مواطن الاجتهاد لم يبلغ درجة الاجتهاد 17، ونقل عن قتادة قوله من لم يعرف الاختلاف لم يشم انفه رائحة الفقه وعن مالك لا تجوز الفتيا الا لمن علم ما اختلف الناس فيه .
والاختلاف الفقهي شجرة طيبة اصلها ثابت وفروعها متعددة تنمو وتمتد، اصوله البحر الزاخر من اصول التشريع من النصوص، وما اخذ منها من القواعد التي عرفت فيما بعد بطريق الائمة في الاستنباط، وكيفية تخريج الفروع الفقهية على اصولها من لدن الصحابة رضي الله عنهم الى عصر الائمة والى عصرنا هذا في الاجتهاد وهو بذل الوسع في استنباط الحكم الشرعي من الادلة التفصيلية .

اسباب الخلاف بين الفقهاء.
الاختلاف بين الفقهاء اختلاف في فروع الفقه ويرجع الى اصلين ريسيين هما:.
1- احتمال النصوص الشرعية.
2- اختلاف المدارك والافهام.
ولم يكن الاختلاف في اصل مجمع عليه من الفروع، ولا في امر من المقررات الثابتة التي لا يجوز الاختلاف فيها، وهي ما علم من الدين بالضرورة مثل فريضة الصلاة خمس صلوات وكون الاستقبال فيها الى الكعبة، ومقادير الزكوات والمحرمات من النساء في الزواج، ومقادير المواريث، مما هو قطعي الثبوت في القرآن الكريم قطعي الدلالة18)، او ثبت بالسنة المتواترة التي هي قطعية الثبوت قطعية الدلالة كرفع اليدين في افتتاح الصلاة ورفع اليدين عند الدعاء والطواف حول الكعبة سبع مرات.
وكما ذكرنا قبلاً اختلف الفقهاء بعد، وكان لبعضهم مذهب في الاجتهاد واتباع، ونشأت المذاهب الفقهية الكثيرة، وكانت حسب ما استقر عند المسلمين اقسام: اهل السنة ولهم فقه مدون في مذاهب خمسة، واهل الشيعة الجعفرية لهم مذهب جعفري (نسبة الى الامام جعفر الصادق) او الاثنا عشرية (لأنهم يلتزمون باقوال أئمتهم الاثني عشرية بدءا من سيدنا علي وانتهاء بالامام العسكري) والزيدية (نسبة الى الامام زيد بن العابدين بن سيدنا الحسين بن علي) ولكل منهم فقه مدون؟ والاباضية (نسبة الى عبدالله بن اباض) ولهم فقه مدون.
واستقر العمل بثمانية من هذه المذاهب في بلدان كثيرة وهي: أ- مذاهب اهل السنة وهي: 1- المذهب الحنفي 2- المذهب المالكي 3- المذهب الشافعي 4- المذهب الحنبلي 5- المذهب الظاهري ب- الشيعة: 1- الشيعة الجعفرية 2- الشيع الزيدية ت- المذهب الاباضي وقد عُمل زمنا بالمذهب الظاهري في الاندلس وشمالي افريقيا ثم تقلص اتباعه حتى انتهوا؟ ولكن عندما جددت مناهج تدريس الفقه في جامعة الازهر على المذاهب السبعة ضم المذهب الظاهري اليها فاصبحت ثمانية؟ وقد اعتبرت هذه الثمانية مصادر تقنين الفقه الاسلامي ولا سيما عند وضع القانون المدني بدءاً في الاردن.
واسباب الاختلاف بين الفقهاء فهم دلالات الكتاب والسنة وهي بايجاز: 1- اختلاف قراءات القرآن 2- اختلاف فهم الالفاظ في القرآن؟ مثل كون اللفظ مجملا او مشتركا او حقيقة او مجازا؟ او في دلالة الامر او النهي بمعنى ان يكون الامر للوجوب او الندب او النهي للتحريم او الكراهية.
3- عدم الاطلاع على الحديث كله؟ فلم يكن المجتهدون يطلعون على كل الاحاديث؟ اذ لم تكن قد جمعت كلها ودونت الا في وقت متأخر.
4- الشك في درجة الحديث ان كان متواترا او صحيحا او ضعيفا مع درجات كل منها.
5- الاختلاف في فهم النص وتفسيره كما قلنا في فهم الفاظ القرآن؟ وكذلك في فهم نص القرآن والحديث أي دلالة النص بعامة.
6- الاشتراك في اللفظ كمعنى القرء والعين.
7- اختلاف الرواية وضعف السند او قوته.
8- تعارض الادلة وهو باب واسع بتناول التأويل والتعليل والجمع والتوفيق وعدم النسخ.
9- عدم وجود نص في المسالة.
10- الاختلاف في القواعد الاصولية كمعنى الحروف ومعنى ادوات الاستفهام.
11- الاختلاف في الادلة الفرعية الاستحسان والمصلحة المرسلة وسد الذرائع والاستصحاب وغيرها.
12- الخلاف حول الاجماع19.
وقد اتفق الفقهاء على ان الاصل في الاخذ بالقواعد الاصولية القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والاجماع (مع اختلاف اهل السنة في معناه وكذلك معناه عند الشيعة الجعفرية).
والقياس عند جمهور الفقهاء.
وقد اتخذ كل مجتهد من المجتهدين في مذهبه اصولا خاصة به اعتمد عليها في الاجتهاد ودون الاخرين غير الاصول الاربعة: وهي:
1- الاستحسان
2- الاستصحاب
3- عمل اهل المدينة
4- سد الذرائع
5- مذهب الصحابي
6- شرع من قبلنا شرع لنا
7- البراءة الاصلية
8- العرف
9- المصالح المرسلة.
واصول مذهب مالك عشرة هي:
1- الكتاب العزيز؟ نصه الذي لا يقبل تأويلا؟ وظاهره الذي يقبل التأويل؟ ودليله وهو مفهوم المخالفة؟ مفهومه وهو مفهوم الموافقة؟ وهو فحوى الخطاب (وهو ان يدل اللفظ - لا في محل النطق - على ثبوت حكم ما ذكر لما سكت عنه) مثل قوله تعالى (ولا تقل لهما أف) فهم منه حرمة التأفيف ومنه أخذ حكم الاشد وهو حرمة الضرب؟ وتنبيهه وهو التنبيه على علة الحكم
2- السنة
3- الاجماع
4- القياس
5- عمل اهل المدينة
6- المصالح المرسلة
7- قول الصحابي
8- الاستصحاب
9- الحكم بسد الذرائع
10- العرف.
وقد اوصلها ابن رشد الى ستة عشر اصلا اذ يفصل في موضوعات الكتاب كما ذكرت؟ وبعضهم زاد الاستصحاب ومراعاة الخلاف فمرة يراعيه واخرى لا يراعيه448.
واصول مذهب ابي حنيفة سبعة:
1- الكتاب
2- السنة
3- اقوال الصحابة
4- القياس
5- الاستحسان
6- الاجماع
7- العُرف.
واصول الشافعي سبعة هي:
1- الكتاب.
2- السنة.
3- الاجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة. 4- ان يقول بعض اصحاب النبي قولا من غير مخالفة.
5- اختلاف آراء اصحاب النبي فيأخذ من أقوالهم ما هو اقرب الى الكتاب والسنة، او ما هو ارجح عنده في القياس.
6- القياس على امر عُرِف حكمه بواحد من الكتاب او السنة او الاجماع.
7- الاستدلال بعمل أهل مكة.
أصول مذهب احمد بن حنبل ثمانية:
1- اذا وجد النص اخذ بموجبه، ولم يلتفت الى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان.
2- لا يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب، ولا عدم علم بالمخالف الذي يسميه اكثر الناس اجماعا، ويقدمونه على الحديث الصحيح. فهو يقدم الكتاب اولا ثم الحديث ثانيا.
3- فتوى الصحابة، واذا وُجدت فتاوى متعددة في الأمر الواحد تخير اقربها الى السنة، وقد يأخذ بروايتين أو اكثر.
4- يأخذ بالحديث المرسل ويرجحه على القياس.
5- يأخذ بالقياس، ولا يستعمله الا عند الضرورة القصوى.
6- يكره الفتوى في مسألة ليس فيها أثر. 7 - يذكر الاصوليون الحنابلة ان من اصوله:
1- سدُّ الذرائع.
ب- الاستصحاب.
ث- المصالح المرسلة.
والحديث الصحيح عند ابن حنبل يشمل الضعيف منه، وهو ليس بالباطل ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب اليه فالعمل به. والضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من اقسام الحسن.
8- ويأخذ بالاستحسان بمعنى الحنفية.
واصول مذهب زيد ستة: اصول زيد بن علي قريبة من مناهج الفقهاء الاربعة ابي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل، وان تقدم في حياته عن الشافعي وابن حنبل.
1- يعتمد في فتاواه على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه، وقد حواها كتاب المجموع رواية ابي خالد عمرو بن خالد الواسطي تلميذ الامام زيد.
2- يأخذ بالاجماع.
3- يجتهد ان لم يجد نصا من كتاب ولا سنة، وهو يعتبر اقوال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه من السنة، وقد يخالفه في اجتهاده كما خالفه في عدم جواز اخذ الزكاة من اموال اليتامى وقد اجازها علي بن ابي طالب
4- يأخذ بالقياس، ويُدخل فيه الاستحسان.
5- يأخذ بالمصالح المرسلة. والاستحسان عند الزيدية ان يتعارض قياسان احدهما ظاهر ضعيف التأثير، والثاني خفي قوي التأثير فيؤخذ بالخفي.
والمصالح المرسلة هي المصالح المتفقة مع مقاصد الشرع ولا يشهد لها نص خاص بالالغاء او الاثبات.
6- اذا لم يوجد سبيل من سبل الاستدلال اخذ بحكم العقل استنادا الى ان ما اقر العقل حسنة يكون مطلوبا، وما يقر العقل قبحه يكونن منهيا عنه حيث لا نص من كتاب او سنة. وهذا قريب من مذهب المعتزلة الذين جعلوا للعقل سلطانا في الحكم على حسن الاشياء او قبحها. لكن الزيدية جعلوا حكم العقل بعد القياس والاجماع والمصالح المرسلة.
ولا يمنع الزيدية ان يأخذوا من المذاهب الاخرى، وهم يتلاقون مع مذهب ابي حنيفة كثيرا في المعاملات، ومذهبهم مذهب جامع وليس مقصورا على اجتهاد الامام زيد.
اصول جعفر الصادق تسعة: منهاج الامام جعفر الصادق هو منهاج الائمة الاثني عشرية وهو:
1- الاخذ بكتاب الله تعالى والاعتماد على فهمهم له، واستخراج احكام الفقه من نصوصه.
2- الاخذ بالسنة، ويعتمد الجعافرة على روايات آل البيت، وان جعفر الصادق يأخذ عن عدد من الصحابة والتابعين في رواياته.
3- اذا لم يسعفه نص من كتاب او سنة يأخذ بما اتفق عليه آل البيت وهو (الاجماع) عنده، وهو اجماع قطعي.
4- يأخذ بالقياس وهو (المصلحة) عنده.
5- الاخذ بكتاب الله تعالى والاعتماد على فهمهم له، واستخراج احكام الفقه من نصوصه.
6- الاخذ بالسنة، ويعتمد الجعافرة على روايات آل البيت، وان جعفر الصادق يأخذ عن عدد من الصحابة التابعين في رواياته
7 - اذا لم يسعفه نص من كتاب او سنة، يأخذ بما اتفق عليه آل البيت وهو (الاجماع) عنده، وهو اجماع قطعي
8- يأخذ بالقياس وهو (المصلحة) عنده
9- يأخذ بحكم العقل حيث لا نص. وهو العمل بمطلق الرأي والاجتهاد معتمدا على العقل، روي عن جعفر انه قال ما من امر يختلف فيه اثنان الا وله اصل في كتاب الله، ولكن لا تبلغه عقول الرجال 452.
اما القياس بالمعنى الذي اخذ به الائمة الآخرون فقد رفضه في مجال التشريع، قال ان اصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس، فلم تزدهم المقاييس من الحق الا بعدا، وان دين الله لا يصاب بالمقاييس 453.
اصول مذهب داود الظاهري تسعة: اول من ظهر القول بظاهرية الشريعة، أي اخذ الاحكام من ظواهر النصوص من غير تعليل لها ونفى العمل بالقياس، قال عنه الخطيب البغدادي اول من اظهر انتحال الظاهر ونفي القياس في الاحكام قولا، واضطر اليها فعلا فسماه دليلا 1.
ومعنى الدليل: الاعتماد على صريح النص أي الاخذ بدلالة النص.
واصوله في اجتهاده كما وضحها علي بن حزم وشهره به ما يلي:
1- الكتاب فيه كل شيء استنادا الى قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء)454 ، وقوله (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)455، فيأخذ بظاهر النص دليلا
2- السنة، ياخذ كذلك بظاهرها
3- الاجماع، وهو اتفاق اقوال الصحابة
4- ينكر القياس وهو القول بالرأي، ويرى ان الافتاء بالرأي ضلال، وينكر حديث معاذ في الاجتهاد
5- يرى ان النصوص لصالح العباد، لكن لكل نص موضوعه فيقتصر عليه ولا يفكر في علة مستنبطة منه. ويقول ان في عمومات الكتاب والسنة ما يفي بما هو غرض الشريعة من وجوب وحرمة وغيرها، وما لم نجد نصا على حكمه او على ظاهره فقد تجاوز الله عنه 457
6- يرى انه لا تحريم ولا تحليل الا بالنص
7- الاستصحاب أي الحكم بالاباحة الاصلية، ومعنا بقاء الحكم المبني على النص حتى يوجد دليل من النصوص يغيره
8- منع التقليد منعا مطلقا، فلا يجوز للعامي عنده ان يقلد بل عليه ان يجتهد
9- عدم العمل بخبر الواحد لانه ظني.
اصول مذهب عبدالله بن اباض ستة: منهاج الاباضية منهاج اهل السنة، ومصادر اجتهادهم تعتمد على ما يلي:
1- الكتاب لا يعدلون به غيره، ولا يعدونه الى سواه ما وسعهم لفظه الصريح او ظاهره او تأويله الذي لا يتنافى مع اصل من اصول الدين
2- السنة باقسامها، ويعتمدون في الحديث على الجامع الصحيح للامام الحبيب بن الربيع المتوفى عام 170 للهجرة
3- الاجماع المستند الى دليل من كتاب او سنة او قياس على اصل او اجماع سابق
4- القياس
5- الاستدلال ومن بعض انواعه الاستصلاح او المصالح المرسلة وسد الذرائع والاستصحاب والعرف الصحيح.
6- القواعد الفقهية العامة المتمثلة في خمس قواعد هي:
1- الشك لا يرفع اليقين
ب- المشقة تجلب التيسير
ت- الضرر يزال
ث- الامور بمقصادها
ج- العادة محكمة. هذه اصول المذاهب بايجاز حتى تتبين كيفية اعتمادهم على اصولهم وقواعدهم في الاجتهاد وهو يحتاج الى تفصيل واف لا يتسع له هذا البحث.
والله سبحانه وتعالى اعلم

* اكاديمي ومفكر اسلامي اردني


 الهوامش:

1-المعجم الوسيط 1/316.
2-تاج العروس للزبيدي 2/ 449-451.
3-المعجم الوسيط 1/317.
4-سورة المائدة / 101.
5-اعلام الموقعين عن رب العالمين لأبن قيم الجوزية 1/62 - 36.
6العبد الذي يتفق مع سيده عتقه اذا دفع مبلغاً من المال.
7-المصدر السابق 1/65.
8-اعلام الموقعين لابن قيم الجوزية 1/62.
9- احد كبار علماء الحديث والنقد والتجريح في العصر الرابع الهجري.
10- سمعت الدكتور القرضاوي يقول في احدى محاضراته قد حققت هذا الحديث فوجدته حديثاً ضعيفاً لا يعتمد عليه .
11- هود/ 118 - 911.
12 الاعتصام للشاطبي 3/10.
13- الاعتصام للشاطبي 3/10.
14- هو القاسم بن محمد بن ابي بكر من الفقهاء السبعة بالمدينة واعلمهم بالسنة واشدهم نقداً للحديث، وحدث مالك ان عمر بن عبدالعزيز قال: لو كان لي من الامر شيء لاستخلفت اعيمش بني تميم يعني القاسم، توفي سنة 106 للهجرة.
15- الاعتصام للشاطبي 3/11 - 31.
16 تفسير النصوص للدكتور اديب الصالح 1/12 الطبعة 3.
17- الموافقات للشاطبي 4/160.
18- تاريخ المذاهب الاسلامية للشيخ محمد ابو زهرة 2ظ57.
19-الانصاف في التنبيه على الخلاف لعبدالله البطليوسي، الانصاف في اسباب الخلاف لحجة الله ولي الدهلوي، مقارنة المذاهب لشلتوت والسايس /7، تاريخ المذاهب الاسلامية لأبي زهرة، الفقه وادلته لوهبة الزحيلي 1/69، محاضرات في الفقه المقارن لمحمد سعيد رمضان البوطي /10.