* قرأ على السراج .. وعاش حياة يغلب عليها طابع التحدي
إعداد ملك يوسف التل - حديثه ممتع ومريح يعكس شخصيته الهادئة وثقته واعتزازه بقدراته، مثلما يعكس قناعاته وتصميمه وتواضعه في التعبير .. حياته غنية في أكثر من حقل الأمر الذي يؤكد أنه صاحب تجربة متنوعة بجوانبها المتعددة . في السلط ولد أبو محمد عام 1944 ودرس في مدارسها وكانت دفعته الأولى التي تقدمت لامتحان الثانوية العامة '' التوجيهي'' .. كان من الأوائل في صفه إضافة لما تميز به من نشاط رياضي حيث كان لاعبا في فريق كرة السلة الذي استطاع أن يحصد بطولة المملكة على الضفتين في عام 1958وكان له أيضا نشاط ثقافي ومسرحي مثلما له مساهمة مبكرة في الإذاعة الأردنية . هذا النشاط أعطاه ثقة ووسع مداركه وفكره وقدرته على التعامل الاجتماعي وعدم الارتباك في مقابلة الناس .أما نشاطاته السياسية التي كانت تجمع في الخمسينيات بين التيارات الإسلامية والشيوعية واليسارية كان د . الساكت يحضر جلساتها لكنه لم ينتسب ولم ينتظم الى أي منها ليخرج باختيار الوسطي المستقل . إلا أن الحركة التي جذبته أكثر من غيرها وشعر بانسجام مع طروحاتها كانت الحركة الدينية بحكم القاعدة الدينية والروحية حيث شعر بانسجام كبير مع جماعة الإخوان المسلمين وقياداتهم بحكم اطلاعه على نشاطاتها فوجدها تلائم الأرضية الفكرية والثقافية لمجتمعنا ورغم ذلك لم ينضم لجماعة الإخوان المسلمين .. تربيته وسنه والتوجه المنزلي والعائلي لم تشجعه في حينها أبعد من التوجه نحو الاستقلالية والالتزام بمهمة الطالب نحو دراسته عندما تم اختياره مع عدد من طلبة التوجيهي لإرسالهم في بعثة دراسية في الجامعات العراقية .. اختاره وصفي التل ومعه زياد فريز وشتيوي الجمعاني ودخل كلية التجارة والاقتصاد وتخرج عام 1966وكان الثالث على زملائه في الكلية ..
عاد الى الاردن وعمل في البنك المركزي بعد اجتيازه امتحان القبول من قبل لجنة كان على رأسها خليل السالم المحافظ الأول للبنك المركزي ومن ثم الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتحليل المالي وقد حصل على دبلوم عالي في الاقتصاد ودبلوم آخر في التحليل المالي من معهد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عام 1973 ليتابع دراسته بحصوله على درجة الدكتوراه من بريطانيا عام 1976وبعد عودته تم اختياره مديرا عاما للدائرة الاقتصادية في الجمعية العلمية الملكية ومستشارا للأمير الحسن في مكتبه الخاص لمدة ثماني سنوات .
أما محطته الغنية فكانت الفترة التي قضاها في الديوان الملكي .. كانت سلسلة إضافية من التعلم في ديوان جلالة الحسين ومدرسة نموذجية لتعلم السلوكيات وأدبيات العمل السياسي والاجتماعي لتسهم جميعها بالتعرف على آليات صناعة القرار .. كما أن وجوده أثناء دراسته في جامعة اكسفورد كان محطة أساسية في صقل بنائه الفكري والمنهجي .
أما النيابة فد فكر بها في كل دورة .. يضع الخطوط العريضة لخوض الانتخابات لكنه يجد نفسه على كرسي الوزارة وهذا ما حصل معه في انتخابات المجلس الحادي عشر عام 1989حيث حمل حقيبة وزارة الزراعة وكان أول وزير اقتصادي يأتي لهذه الوزارة ، وكذلك في المجلس الثاني عشر عام 1993 حيث حمل حقيبة وزارة الصناعة والتجارة وفي المجلس الثالث عشر حمل حقيبة وزارتي الاتصالات والنقل .
نجاحاته وتميزه لا شك انها كانت موضع حسد العديد من المقربين تحديدا .. يقول أبو محمد : من يعمل ويتقدم يحسده الآخرون . لكن أشكر الله أن حسادي وان كانوا قلة إلا أنني أقول لهم وأنا أعرفهم '' سامحكم الله'' . أما صفة الخجل والهدوء فهو خجول كما يقول لأنه لا يسعى وراء موقع أو مركز .. وبالنسبة للهدوء فهذه نعمة بأن يمسك الإنسان أعصابه وان كان لا يغفل أو يتغافل عن خطأ . وهو الذي يغضب عندما يقع الظلم على ضعيف ، مثلما يغضب عندما يرى القادر على الإنتاج معطلا ، ويحتد عندما تعض يد النكران كل ما يتم إنجازه ..
في بدايات حياته كان أبو محمد عنيدا جدا حيث مرحلة الشباب تغلب عليها المثالية .. هو من برج الدلو ومواليده يتصفون بالعناد حتى ولو كان لا يؤمن بالأبراج .
لم يعط شبابه استحقاقاته .. أعتقد أنه نادم لكن خجله يمنعه من الاعتراف وان كان يعزز ذلك بأن هذه المرحلة مرت بصراع نحو بناء الذات .. لقد حاول والده تهيئة ما استطاع له ولاخوته من معيشة وظرف جاد مسؤول وجلب النعمة ضمن حدود إمكانياته ، لكنه عاش حياة يغلب عليها التحدي حاملا ارث أهله وعائلته وسمعتهم الطيبة لكن هذا لا ينفي انهم كانوا يقرأون على السراج ويسيرون مسافات طويلة سيرا على الأقدام من المدرسة الى البيت وبالعكس .
وان كان د . بسام الساكت يستطيع تقديم ما هو أفضل ويطمح بأن يتمكن من ان يزداد عطاؤه وانتاجه ويكون بذلك سعيدا جدا فهو أيضا يجد سعادته مع أسرته فلديه من الأبناء جوانا من مواليد 1973 خريجة الجامعة الأمريكية في بيروت قسم الآثار ، ومحمد خليل وزين وهما توأمان من مواليد 1975 وكلاهما خريج الجامعة الأميركية في بيروت .. زين إدارة أعمال ومحمد خليل علاقات خارجية .