بسام العموش .. ثلاثون عاما (اخونيا) وجد نفسه خارجا بمقال: هنالك أصوات متشددة داخل الحركة الإسلامية أفقدتنا المنابر في المساجد والصحف

بسام العموش .. ثلاثون عاما (اخونيا) وجد نفسه خارجا بمقال: هنالك أصوات متشددة داخل الحركة الإسلامية أفقدتنا المنابر في المساجد والصحف

ماجد الأمير- لم يرتكب أية مخالفة تنظيمية طيلة فترة انتمائه لجماعة الاخوان المسلمين التي زادت على ثلاثين عاما، ولكنه فصل من الاخوان على خلفية كتابته مقالا في صحيفة الرأي ينتقد أسباب مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات النيابية عام 1997 .
بسام العموش أحد القيادات الإسلامية الذي شكل قرار مقاطعة الاخوان منعطفا مهما في حياته السياسية. في هذا الحوار يكشف عن تفاصيل ومحطات مهمة في حياة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي ونظرته للعمل الإسلامي.

قرار مقاطعة الانتخابات

يتحدث بالتفصيل عن خروجه من الحركة الإسلامية وقرار الجماعة بالمقاطعة، فيقول ''لم يسجل الاخوان المسلمون علي أية منقصة طيلة تاريخي مع الجماعة وكنت ملتزما بقرار الجماعة أثناء وجودي في مجلس النواب وحجبت الثقة عن جميع الحكومات التزاما بقرار الحركة الإسلامية''.
ويضيف ''كنا في الحزب والجماعة مع المشاركة في انتخابات عام 97 وكان هناك قرار بذلك، وصوت مع المشاركة حوالي 85% من أعضاء الحركة الإسلامية''، ويروي ''نحن نقول إن الأصل هو المشاركة والفرع يحتاج الى مبررات فليس معقولا ان تنقلب نسبة التأييد للمشاركة في الحركة الاسلامية من 85% مع المشاركة الى نفس النسبة مع المقاطعة خلال شهر لذلك طلبنا داخل التنظيم مراجعة قرار المقاطعة لأننا كنا نرى أن المقاطعة ستؤدي الى توتر في العلاقة مع الحكومة فكنا ضد قرار المقاطعة لأنه ليس من مصلحة الحركة الاسلامية كما انه ليس من مصلحة الوطن''.

الفصل من الجماعة

ويقول ''تفاجأنا ان هناك مقالات في صحيفة السبيل من قياديين في الحركة الاسلامية مع المقاطعة فقررت ان اكتب في الصحافة لأن القيادة سمحت لنفسها ان تناقش القرار في الصحافة ومن حقي أن أناقشه وكتبت مقالا في صحيفة ''الرأي'' أرد فيه على الاسباب التي قالت قيادة الجماعة انها قررت المقاطعة بناء عليها وعلى اثر المقال قررت قيادة الجماعة تحويلي الى محكمة اخوانية تم تشكيلها من ثلاثة اشخاص ورفضت المثول امام المحكمة لسببين: الاول ان اثنين من اعضائها من تيار الصقور فكانت نتيجة المحكمة معروفة سلفا، والثاني تنظيمي وهو انني من شعبة الزرقاء فالاصل ان تتم محاكمتي من خلال شعبتي وليس من خلال هيئات اخرى ولكن القيادة لم توافق على طلبي فرفضت المثول وقررت المحكمة الاخوانية فصلي من جماعة الاخوان على اثر المقال ثم قرر حزب جبهة العمل الاسلامي فصلي ايضا كصدى لقرار الجماعة''.
ويضيف ''لقد طلب مني المراقب العام للجماعة آنذاك عبدالمجيد الذنيبات ان اقدم استئنافا من أجل إعادة النظر فى قرار فصلي ولكنني قلت له هناك مقولة لسيد قطب عندما طلب منه تقديم استرحام من الرئيس عبدالناصر فقال (ان كنت محكوما بحق فانا ارتضي حكم الحق وان كنت محكوما بباطل فانا اكبر من ان استرحم الباطل).
ويدلل على ان قرار فصله كان مقصودا ويدخل في سياق التصفيات داخل الحركة بان العقوبات في الجماعة واضحة وكثيرة والفصل لا يقع الا في حالتين فقط، الاولى اذا انتمى العضو الى تنظيم مشبوه مثل الماسونية والثانية اذا ثبت عليه قضية اخلاقية.

البدايات

بسام العموش يتحدث عن بدايات التنظيم في مدينة الزرقاء فيقول ''لقد كانت الاتجاهات اليسارية والقومية هي المسيطرة على الساحة قبل عام 1970 وكان أمرا طبيعيا أن يشاهد المواطن صور ''لينين'' معلقة في الشارع إضافة الى انه ليس مستغربا ان يقوم عدد من الشيوعيين بالاحتفال بعيد ميلاد لينين وفي ظل هذه الاجواء انتسبت الى جماعة الاخوان المسلمين عام 1971 .
ويشير العموش إلى أن انتسابه للجماعة كان انتسابا عقائديا ولاسباب التدين والدخول الى الجنة ولم يكن له أي معنى سياسي في البداية.
ويروي العموش عن المحاذير السائدة عند الناس عن الانتماء للعمل الحزبي. ويقول ''لقد كان التنظيم يوزع مجلة الشهاب التي كانت تصدر عن جماعة الاخوان في لبنان وكنت ادخلها الى منزلنا بالسر لقراءتها لان الاهل كانوا يخافون علي من الانتماء الى الاحزاب نتيجة الاعتقاد السائد عن الاحزاب''.
ويصف العموش الاجواء داخل الجماعة في تلك الفترة بانها ''غاية في الروحانية'' ويروي العموش انهم كانوا في طليعة المد الاسلامي في تلك الفترة وانهم بدأوا مبكرا في تحمل المسؤولية كون العمل الاسلامي كان في بدايته.

رياضة اخوانية

ويتحدث عن فكرة إنشاء فرق رياضية في المساجد التي ابتدعها الاخوان من أجل العمل الجماهيري، ويقول ''كنا أول ستة اشخاص ابتدعوا فكرة فرق كروية للمساجد والآن توسعت الفكرة واصبح هناك فرق كثيرة للمساجد تمارس الرياضة''.

دراسة في المغرب

العموش سافر الى المغرب من أجل الدراسة الجامعية وعن تلك المرحلة يحدثنا قائلا ''سافرت الى المغرب للدراسة الجامعية واكتشفنا انه لا يوجد هناك تنظيم للاخوان المسلمين في المغرب وبدأت العمل من اجل إنشاء تنظيم للاخوان المسلمين في المغرب من خلال الاتصال مع شباب مغربيين متدينين من اجل العمل الاسلامي''، العموش يقول ''بدأنا العمل في المغرب على الرغم من النفوذ الكبير للشيوعيين واليساريين واتذكر ان الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية في المغرب اصدر بيانا داخل جامعة فاس ضدنا ووصفنا فيه باننا مرتزقة الحسن الثاني''. ويضيف ''طالبنا من ادارة الجامعة بان تخصص لنا مسجدا حيث لا يوجد في الجامعة آنذاك مسجد للصلاة ولكن ادارة الجامعة اعتذرت لنا عن انشاء مسجد ولكننا قررنا مع مجموعة طلاب مصريين ومغاربة ان نصلي في ساحة مكشوفة في الجامعة الامر الذي جعل ادارة الجامعة تضطر الى تخصيص مكان للمسجد في الجامعة واتذكر انني زرت هذه الجامعة بعد عشرين عاما من تركها فوجدت فيها مسجدا تم بناؤه من جديد.
العموش وخلال فترة الدراسة في المغرب وكما يقول انه لم ينقطع عن جماعة الاخوان المسلمين في الزرقاء وقام بارسال توصية الى قيادة الاخوان في الاردن بان يتم ارسال وفد اخواني للمغرب من اجل الاسراع في انشاء تنظيم للجماعة هناك لانني وجدت ان الظروف مهيأة لتأسيس حركة للاخوان في المغرب.
العموش يفضل أن يقدم خلاصة تجربته في تقييم العمل الاسلامي بنوعين الاول عمل اسلامي تقليدي يمثله الاخوان المسلمون بشكل عام وجماعات اخرى قريبة من الاخوان ويقول ان طريقة الاخوان المسلمين في العمل تؤدي الى نوع من التكلس في حين ان هناك نوعا ثانيا من العمل الاسلامي متنور ويفهم المتغيرات ويدرك حقائق التوازن الدولي ويهيىء نفسه الى السلطة ويمثل هذا النوع الاتجاهات الاسلامية في تركيا وماليزيا والمغرب.
العموش يقول ان جماعة الاخوان المسلمين لم تطرح حتى الآن موضوع تشكيل حكومة، ويرى انه لا يوجد لدى الاخوان المسلمين في الاردن استراتيجية لتشكيل حكومة ويقول ان الجماعة ما زالت تناقش مسألة المشاركة في الحكومة او حتى في السلطة التشريعية.
العموش يقول ان جماعة الاخوان يجب ان تجرب مسألة تشكيل الحكومات ولكن بشرط ان يقدموا اطروحة وبرنامج حكومة متكاملا وان يقدموا فيه اجابة كاملة عن تساؤلات كثيرة لها علاقة بالمجتمع المحلي والدولي ابرزها موضوع اتفاقية السلام بين الاردن واسرائيل والعلاقات الدولية اضافة الى القضايا الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية.
ويقول ''ان من يريد تشكيل حكومة عليه ان يفكر بعقلية الدولة وليس الحزب''.

تأسيس الجبهة

العموش يتحدث عن بدايات تأسيس حزب جبهة العمل الاسلامي ولقاءات عقدت بمقره الرئيسي مع سفراء دول غربية ويقول: لقد استقبلنا العديد من السفراء بطريقه حضارية وقدمنا لهم اجابات كثيرة عن تساؤلات كانوا يطرحونها علينا حول موقفنا من قضايا كثيرة ابرزها السلام مع اسرائيل وكيفية التعامل مع المسيحيين كما قدمنا اجابات واضحة حول هذه القضايا من خلال وثائق مطبوعة بعدة لغات.
ويرى العموش حدوث نقلة نوعية في طريقة تفكير الاخوان المسلمين واصبح الحوار بين الاخوان والغرب بما فيها اميركا مسموحا ويقول: لقد كان الاخوان يرفضون الحوار مع اميركا ولكن الآن اصبح مسموحا فالاخوان المسلمون الآن يعلنون انهم على استعداد للحوار مع اية دولة باستثناء اسرائيل.
ويعود العموش للحديث عن كيفية تأسيس حزب جبهة العمل الاسلامي ويقول ''كنت عضوا في مجلس شورى الاخوان وطرحت مسألة تأسيس حزب سياسي على ضوء قانون الانتخاب وكانت هناك خلاف داخل مجلس الشورى على تأسيس الحزب ولكن في النهاية قرر المجلس انشاء الحزب ولكن تم وضع 16 شرطا جعلت من حزب جبهة العمل الاسلامي وكأنه قسم من اقسام الجماعة''.
ويرى العموش ان الشروط التي وضعتها الجماعة على الحزب كانت وراء انسحاب العديد من المستقلين من الحزب وبقي الحزب في غالبيته من الاخوان.
ويقول ان فكرة انشاء الحزب كانت من اجل استيعاب الاسلاميين داخل الاخوان وخارجها في الحزب ولكننا قبلنا في البداية شروط مجلس الشورى على تأسيس الحزب على مضض من اجل الحصول على موافقة الاخوان على تأسيس الحزب وكان لدينا امل ان تتغير هذه الشروط مع الوقت وتتغير رقابة الجماعة على الحزب.

اختيار امين عام الحزب بيد الاخوان

العموش يقول ان صاحب اختيار الامين العام للحزب هو مجلس شورى الاخوان كما ان المواقف السياسية للحزب هي بيد الجماعة، ويضيف عندما قررت جماعة الاخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات قرر الحزب فورا المقاطعة.
العموش يرى ضرورة ان تعطي جماعة الاخوان المسلمين للحزب الحرية في اختيار قراراته سواء في التأييد او الرفض وان يكون قرار العمل السياسي للحزب وان لا تكون هناك جهة رقابية عليه ويتذكر العموش انه اثناء النقاشات بتأسيس الحزب قال أحد أعضاء مجلس شورى الجماعة ''لقد سميته يحيى ليحيى'' في اشارة الى اعطاء الحزب قراره في كل شيء.

انتخابات 89 نزيهة

والتي يقول العموش انها كانت انتخابات تجريبية فكانت نزيهة لكي يعرف كل طرف قوته وقوة الآخر ويرى ان الاخوان تندموا كثيرا على انهم لم يرشحوا عددا اكثر حينما ظهرت النتائج. ويتذكر انه في بداية عام 1989 اجتمع حوالي مائة شخصية اسلامية من الاخوان وخارجها لمناقشة كيفية خوض الانتخابات النيابية وكان هناك اتجاهان واحد يقول بعدم خوض الانتخابات بقائمة كبيرة.
العموش يقول لقد تفاجأ الجميع بما فيهم الحركة الاسلامية بحجم ثقلنا في تلك الانتخابات الامر الذي نبه الجميع لحجم الاخوان وثقلهم.
ويرى العموش ان قانون الصوت الواحد جاء لتحجيم القوى السياسية ولكنه يقول انه ليس لدى الاخوان المسلمين استراتيجية بالحصول على كل شيء.
ويشير الى انه بامكان الحركة الاسلامية الحصول على مقاعد اكثر مما يحصلون عليه الآن من خلال تنظيم انفسهم بطريقة افضل.

الاخوان من الداخل

العموش يعود الى الحديث عن الجماعة من الداخل ويقول ان هناك اصواتا متشددة داخل الحركة الاسلامية وهي موجودة منذ زمن بعيد ولكن قيادة الاخوان المسلمين الحالية معتدلة ومنتمية لدينها وبلدها ويتعاملون برشد ويؤكد اهمية دعم الخط الحالي لقيادة الاخوان من اجل خير الجماعة والبلد.
يقول ان المعتدلين هم من قام بحل الازمة الاخيرة ''ازمة العزاء'' بين الحكومة والحركة الاسلامية وهم من اخرج النائبين من السجن. العموش يرى ان وضع المتشددين داخل الجماعة يتراجع ويقول ان الجيل الجديد والشاب في الجماعة متنور واكثر واقعية.
العموش يقول ''الرأي المتشدد لا يجلب الخير لاحد وهم من افقدنا المنابر في المساجد والصحف''.
العموش الذي شغل موقع سفير الاردن في ايران يتحدث عن رؤيته لكيفية العلاقة بين الاردن وايران فيقول ان الاردن يحرص ان تكون علاقاته مع ايران طيبة ولكن ايران دولة كبيرة ولها برنامج خارجي وتنطلق من البعد المذهبي''.
ويضيف: نحن ضد التشيع السياسي ونرفض ان يكون الاردن محطة لايران.
العموش يقول يجب ان تكون سياستنا مع ايران قائمة على الاحترام المتبادل والحذر. جمعية المركز الاسلامي التي اصبح العموش رئيسا لهيئتها الادارية المؤقتة والتي تعتبر اكبر جمعية خيرية في الاردن من حيث الممتلكات وهي الذراع الاجتماعية والخيرية لجماعة الاخوان المسلمين يؤكد العموش انه مسؤول عن الملف الاداري في الجمعية، ويشير الى انها تقوم بعملها الخيري الكامل سواء في مجال رعاية الايتام او غيرها.
ويقول ان هناك ارتياحا من جماعة الاخوان المسلمين على اختيار بسام العموش رئيسا للهيئة الادارية المؤقتة رغم انهم يطالبون باعادة الهيئة الادارية السابقة او اجراء انتخابات جديدة لاختيار هيئة ادارية منتخبة.
ويرفض العموش الحديث الذي يقول ان الهيئة الادارية المؤقتة تعمل على احداث تغيير في تركيبة الهيئة العامة للجمعية والتي غالبيتها من الحركة الاسلامية ويقول ''لا يوجد لدينا مخطط لتغيير تركيبة الهيئة الادارية في الجمعية ولكننا نلتزم بنظام الجمعية والقانون في قبول اعضاء جدد لان من يريد ان يتقدم للعمل التطوعي فنحن نرحب به''.