عمان- محمود الزواوي - تعرض الممثل الأميركي المولد والأسترالي النشأة والعالمي الشهرة لمواجهة ثانية مع اليهود داخل وخارج هوليود في غضون عامين. والمواجهة الجديدة التي ما زالت تداعياتها مستمرة نشأت عن حادث وقع في أواخر شهر تموز حين كان هذا الممثل الشهير يقود سيارته في إحدى الأمسيات بسرعة كبيرة في ولاية كاليفورنيا تحت تأثير المشروبات الكحولية، وعندما أوقفه أحد رجال الشرطة صب جام غضبه على اليهود، وشتمهم بأقسى العبارات الجارحة وحملهم مسؤولية جميع الحروب في العالم. ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف حملات اليهود ضد ميل جيبسون الذي اتهموه بـ«معاداة السامية»، وهو مصطلح ابتكره اليهود الأوروبيون في أواخر القرن التاسع للتعبير عن المشاعر المعادية لليهود.
وكانت المواجهة الأولى بين ميل جيبسون واليهود قد حدثت حين قام بإنتاج فيلم «آلام المسيح» قبل عامين، حيث تعرض الفيلم وميل جيبسون لحملة شعواء شنتها بعض المنظمات اليهودية الأميركية والكتاب اليهود، بالإضافة إلى الأوساط اليهودية في هوليوود والمعروفة بنفوذها الواسع في عاصمة السينما، وذلك بحجة أن فيلم «آلام المسيح» يثير مشاعر معاداة اليهود لأن الفيلم يربط موت السيد المسيح باليهود..
ومنذ وقوع حادث السيارة والهجوم الذي شنه ميل جيبسون ضد اليهود قام هذا الفنان الشهير باتخاذ سلسلة من الإجراءات للتكفير عن ذنبه. ففي اليوم التالي للحادث أصدر بيانا قدم فيه لليهود اعتذارا على ما بدر منه وأكد أن ما تفوه به من عبارات جارحة لا يمثل شخصيته ولا يعبر عن مبادئه. وكرر هذا الاعتذار بعد ذلك في أكثر من مناسبة، من أهمها مقابلة أجرتها معه المذيعة المعروفة ديان سوير في البرنامج الصباحي لشبكة أي بي سي التلفزيونية الأميركية، والذي يشاهده ملايين الأميركيين، حيث قال إنه يشعر بالخجل مما تفوه به من كلمات، وأكد أنه ليس كذلك، وقال إنه شعر بالإذلال العلني على نطاق عالمي بسبب ما حدث.
وقد تعرض ميل جيبسون بعد وقوع ذلك الحادث لحملة يهودية شعواء في هوليوود وخارجها تضمنت عشرات المقالات التي اتهمته بمعاداة السامية. وكان من أول الإجراءات التي اتخذت في هوليوود ضده أن استوديو والت دزني قام بإلغاء العقد المبرم مع ميل جيبسون لتوزيع فيلمه الجديد «أبوكاليبتو» الذي سيفتتح في دور السينما في الولايات المتحدة وفي سبع عشرة دولة أخرى في أوائل شهر كانون الأول المقبل. ومن المعروف أن عددا من مدراء استوديو دزني من اليهود. إلا أن هذا الأستوديو عدل عن قراره السابق ووافق من جديد على توزيع هذا الفيلم التاريخي الذي بلغت تكاليف إنتاجه 50 مليون دولار، خاصة بعد أن قدم ميل جيبسون اعتذاره الرسمي على شبكة تلفزيونية أميركية قومية هي أي بي سي التي تملكها شركة والت دزني. ويتضح أن هذه الخطوة، أي اعتذار ميل جيبسون على هذه الشبكة التلفزيونية بالذات، كانت خطوة مرتبة لتمهيد الطريق للصفح عنه من قبل الشركة الموزعة للفيلم الجديد. إلا أن هذا الاعتذار لم يكن كافيا لإرضاء المنظمات اليهودية الأميركية الرئيسة كليا. وقال الحاخام مارفين هير عميد ومؤسس مركز سيمون فيزنثال لذكرى المحرقة والدفاع عن حقوق الإنسان والشعب اليهودي «إن ميل جيبسون لم يتصل بي أو بالمركز. فقد قال بعض الأشياء المقيتة والشنيعة عن اليهود، ولا أعتقد أن التكفير عن ذلك يتم عن طريق إجراء اتصالات هاتفية مع اليهود العاملين في هوليوود أو بإصدار بيان صحفي. وقد اتصل بي يهود من جميع أنحاء البلاد وقالوا إنه لم يغيروا رأيهم بميل جيبسون لمجرد أنه أصدر بيانا صحفيا».
وقد استغل ميل جيبسون فرصة إجراء المقابلة التلفزيونية ليذكر اليهود بالحملة التي تعرض لها على أيديهم عندما قام بإخراج وإنتاج فيلم «آلام المسيح» حيث قال «لقد تعرضت لحملة علنية شرسة، وتم أثناء ذلك انتهاك حقوقي بطرق مختلفة ومتعددة كمواطن أميركي وكفنان وكمسيحي وكإنسان، ولكنني لم أسمع آنذاك كلمة اعتذار واحدة». يشار إلى أن فيلم «آلام المسيح» تعرض لحملة يهودية غير مسبوقة أثناء إنتاجه وبعد عرضه في دور السينما، إلا أن تلك الحملة أدت إلى نتائج عكسية وأسهمت في زيادة إقبال الجمهور على مشاهدة الفيلم. وسجل الفيلم عددا من الأرقام القياسية في الإيرادات، وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية على شباك التذاكر 612 مليون دولار، علما بأن تكاليف إنتاج الفيلم اقتصرت على 30 مليون دولار، اضطر ميل جيبسون إلى دفعها من جيبه الخاص بعد أن رفضت جميع استوديوهات هوليوود تمويل الفيلم. وقد رافق عرض فيلم «آلام المسيح» إقبال شعبي واسع على شراء اسطوانات وأشرطة الموسيقى التصويرية للفيلم وعلى شراء الكتب الجديدة والمنتجات والهدايا الدينية المرتبطة بالفيلم والتي تقدر إيراداتها بمئات الملايين من الدولارات. ويقدر دخل الممثل ميل جيبسون من فيلم «آلام المسيح» ومنتجاته بنحو نصف مليار دولار، وهو من أعلى الأرباح في تاريخ السينما بالنسبة للمبلغ المستثمر في إنتاج الفيلم.