أمل أبو صبح ورويدا السعايدة - بعدما لمسنا الخوف الشديد الذي أصاب بعض العائلات في المجتمع الاردني اثر ظهور الهواتف المحمولة الحديثة المثبت داخلها كاميرات مدمجة بحجم صغير لا ترى، مما يصعب اكتشافها. وسبب الذعر جاء بعدما تم نشر صور بعض الفتيات بملابس السهرة الفاضحة أثناء حضورهن بعض الاعراس في الاردن، فتم نشر صورهن بين الشباب بعد قيام فتيات متلصصات بتصويرهن دون علمهن.
كيف يواجه المجتمع هذه القضية؟ أسئلة كثيرة تتعارك في الذهن: هل المجتمع الاردني سيتحمل تبعات استخدام الموبايل بطريقة سيئة؟ وكيف ينظر المجتمع لقضية نشر صور السيدات عبر هذا الجهاز وبثها وتمريرها الى هواتف اخرى؟ وهل المجتمع بحاجة لهذه التقنية ولا يستطيع الاستغناء عنها؟ في هذا التحقيق نحاول البحث في هذه القضية.
معتز العبادي مسؤول مبيعات في محل للهواتف النقالة، قال: «الاقبال كبير على هذا النوع برغم أنه الاغلى في السوق». وأكد أنه باع في شهر 20 قطعة، وان ثمن الجهاز الواحد منه يتراوح ما بين 250 و300 دينار اردني. وأوضح ان من مميزاته ان المستخدم يستطيع التقاط صور لأي شخص دون أن يلاحظ، كما انه يستطيع الاحتفاظ ب «100» صورة او مسحها او ارسالها لهواتف اخرى او نشرها على الانترنت. كما انه لن يضطر لشراء فيلم وطبعه وتحميضه.
وأشار العبادي الى ان.. مؤشرات البيع في تزايد مستمر بسبب التكنولوجيا المتطورة بحيث اصبحنا نشهد كل فترة تقدم وأشياء جديدة في تقينة الخلويات.
أما عبدالله رمضان طالب في كلية الحقوق، الجامعة الاردنية، فيقول: «إن المشكلة ان التكنولوجيا وصلت لحد لا يستطيع أحد ضبطها، فهناك ساعات وولاعات سجائر أصغر في حجمها من الموبايلات، إذ تحتوي على كاميرات تصوير، وهو ما يجعلني أعتقد بأن الحل ليس في منع دخول الجهاز، لأن الخطأ في الاستخدام وليس في الجهاز، ولا يعقل ان نتجنب استخدام كل تطور تقني بدعوى ان له مضار، فالانترنت لها مضار كالاختراقات او القنوات المحظورة، ولكن لا يستطيع مجتمع متطور ان يعيش بدون انترنت. وتابع رمضان.. أنا لم أشتر هذا الهاتف لكنني سأشتريه لأنه سيتيح لي تصوير المستندات المليئة بالبيانات».
ومن جانبه يعتبر الطالب فهد الرمحي ان هذا النوع من التكنولوجيا يعد نقمة ومع هذا فهو يرى ان الكاميرا الخفية يجب ان يرخص باستخدامها بضوابط معينة، كأن يجاز استخدامها للعاملين في الشرطة والصحفيين، بحيث يستوجب منح ترخيص أسوة بمن يريد حمل السلاح او قيادة السيارة لان مثل هذه الاجهزة خطيرة جدا.
«أم محمد» ربة بيت، قالت: أنا ضد وجود هذا الموبايل في مجتمعنا، لأني لا أرى ايجابيات لهذا الاختراع، واعتقد اننا سنصبح مضطرين لكتابة هذه العبارة على كروت الدعوة لأي عرس «ممنوع اصطحاب الجوالات» كما يكتبون «ممنوع اصطحاب الاطفال». فنحن عندما يكون عندنا عرس لأحد من أبنائنا، نرقص ونغني ولا نلتزم بالحجاب واللباس المحتشم لأن كل الموجودين من أهل الدار وكلهن سيدات ويمنع منعا باتا دخول الرجال، وهذا حال أغلب الاردنيين، الذين يحرصون على اقامة حفلات غير مختلطة، وهذا الشيء نابع من اننا من أصول شريفة وقيم نتفاخر بها، ووجود مثل تلك الخلويات في صالات الافراح قد يحدث مصائب وليس مشاكل فحسب. لأن تصوير أي فتاة دون علمها، وعدم معرفة مصير هذه الصورة يشكل بحد ذاته كارثة، قد تؤدي الى عواقب مخيمة نحن في غنى عنها.
أما عبداللطيف جمعة، موظف متقاعد، فيقول: «ان التكنولوجيا سلاح ذو حدين، لكن في هذا العصر لن يستطيع احد ان يمنع اختراق التكنولوجيا لكافة مناحي الحياة، وبفرض منع تداول هذا الجوال المتلصص فان ذلك لن يؤدي لمنع التصوير، لأن الذي يريد التصوير قد يستخدم الكاميرا المدمجة في الساعات الصغيرة، فالمنع ليس هو الحل».
وتتفق سميرة الادريسي موظفة في شركة خاصة، مع هذا الرأي، وتبدي اعجابها به متمنية شراءه، لأنها ستشعر أنها تمتلك تكنولوجيا متطورة. وتعترض سميرة على من يطالب بسحبه من الاسواق، مؤكدة ان ذلك سؤذي لرفع ثمنه تطبيقا لمبدأ الممنوع مرغوب.
ويتساءل معتصم النجار، محاسب في شركة برمجيات.. أليس هناك ميكروفونات تسجيل في حجم الزر؟ كما ان الانترنت مليئة باعلانات كاميرات المراقبة الصغيرة واللاسلكية، ويرفض سحب الموبايل الحديث من السوق، قائلا: انه مهم جدا لمراسلي الشبكات الاخبارية، مشيرا لاستخدام مراسلي قناة الجزيرة له، وأغلب المحطات الفضائية له، هذا بالاضافة لأهميته بالنسبة للصحفيين الذين يعتمدون عليه احيانا كثيرة بدل من الكاميرا الصحفية.
وختم كلامه محرفا لبيت شهير للامام الشافعي:
نعيب هواتفنا والعيب فينا وما لهواتفنا عيب سوانا
ونهجوا ذا الجوال بغير ذنب ولو نطق الجوال لنا هجانا
ومن جانبه قال ابراهيم ناصر، مصمم جرافيك.. أعطني أي صورة لك ولسوف أجعلك ترى نفسك بما لم تره. وابراهيم يعمل في مجال تكنولوجيا الجرافيكس، لذا فهو يرى ان المسألة ليست قاصرة على تصوير فتيات في جلسات نسائية، ولكن من الممكن اذا وقعت صورة أي فتاة او حتى رجل في يد خبير بمجال التصوير فهو قادر على عمل مونتاج للصورة بقص الوجه وتركيبه على جسد آخر قد يكون عاريا.
ويؤكد ناصر.. الموضوع يتعلق بالتربية والاسرة، لعدم تطبيقنا للدين الاسلامي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. «تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي»، وقال.. «انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق»، وقال ايضا.. «أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا»، كما أمرنا الله «ولا تجسسوا...».
وعن رأي الدين.. فقد سبق وأن بين المفكر الاسلامي الدكتور احمد الكبيسي، رأيه في هذا الموضوع، في حديث له لاحدى الفضائيات، قائلا: «ان المرأة وبالرغم من أن لها ان تخفف في الحفلات النسائية، لكن اذا وجد احتمال لنشر صورها بأي وسيلة خاصة في ظل وجود هذه الاجهزة الخفية التي تكشف كل الاسرار، ففي هذه الحالة يصبح التخفف من الملابس حراما».
وفي النهاية، نتساءل.. هل مضى زمن الحياء؟ وهل ولت أيام كان فيها الستر أولى، حتى عشنا لنرى ضرورة كتابة جملة «نتمنى لأجسادكن لباسا ساترا ولأطفالكم نوما هادئا» على بطاقات الدعوى لحضور عرس ما؟!!.
واذا كنا نجابه المتلصصين، فاننا نطالب المرأة ألا تمنح الفرصة لأحد، فليس معنى تواجد المرأة في مجتمع نسائي ان تظهر بملابس تحطم كل ساتر، فالله لن يفضح الا من فضح نفسه لكي يحقق قول القائل.. «لا حياة لم لا حياء له».
عبارات مثيرة على بطاقات الافراح
12:00 22-6-2006
آخر تعديل :
الخميس