الشعر المعاصر في الأردن: الجذور والبدايات .. بقلم : محمد المشايخ

الشعر المعاصر في الأردن: الجذور والبدايات .. بقلم : محمد المشايخ

ينطلق مؤرخو الحركة الأدبية الأردنية - عند حديثهم عن الشعر- من مطلع القرن الماضي، حيث كانت تسود ألوان من الشعر النبطي، الذي يتناقله البدو في مضاربهم، كما يربطون بين الشعر وبين ظهور المؤسسات التعليمية ونشوء الوسائل الاعلامية، ويرى المؤرخون أنفسهم، أن الحركة الشعرية في الأردن، قد نشأت في بلاط الأمير عبدالله بن الحسين في عمان، حيث تردد على هذا البلاط عدد من المبدعين أهمهم: عرار، عبدالمنعم الرفاعي، خير الدين الزركلي، روكس العزيزي، سعيد الكرمي، حسني فريز، ضياء الدين الرفاعي، عيسى الناعوري، الأمير عادل أرسلان، محمد الشريقي، محمد صبحي أبوغنيمة، وقد كان الأمير نفسه شاعرا، وله معارضاته المشهورة مع بعض الشعراء الأردنيين، واستطاع وعهد الامارة أن يهيئ ظروف ازدهار الشعر في الأردن، وتطوره ليواكب هموم الجماهير وتطلعاتها، ومن نماذج تلك الحقبة، نقتطف من قصيدة للأمير عبدالله بعنوان «نبوية»:
«رب نشكو من غياب خير نبي
وعداة تؤزها البغضاء
أظهروا البغي والفجور وصالوا
فجلونا وفي الجلاء بلاء
بعد هذا وبعد ما كان قبلا
كيف ترضى فعالهم آباء
فعزاء فيما اعترانا عزاء
وقعة من شهودها كربلاء»
وبعد نكبة فلسطين تألق عدد كبير من الشعراء أبرزهم: فدوى طوقان، ثريا ملحس، خليل زقطان، حكمت العتيلي، تيسير سبول، كمال ناصر، سليم دبابنة، اسماعيل عبدالرحمن، عزالدين المناصرة، سلمى الخضراء الجيوسي، حسني فريز، عيسى الناعوري، أمين شنار، محمد العزة، أيوب طه، عبدالمنعم الرفاعي، سميح الشريف، محمود الأفغاني، مصباح العابودي، سيف الدين زيد الكيلاني، راضي صدوق،ومن شعر عيسى الناعوري:
«قريتي دمية تعز مثالا
زادها مبدع الربيع جمالا
تكتسي مطرف الربيع وشاحا
وتلف السناء بردا وشالا»
وكان للأحداث التي شهدها الأردن في الخمسينيات، وللأفكار المطروحة في الساحة الأردنية في تلك الفترة، التي جاءت بعد نكبة فلسطين عام 1948، وبعد استقلال الأردن، أثرها الكبير مما جعلهم يصحون ويثابرون على طباعة ما أبدعته قرائحهم من قصائد عبر الصحف والمجلات العربية، فصدرت عدة دواوين منها : «أناشيدي» لعيسى الناعوري، «عشيات وادي اليابس» لمصطفى وهبي التل، «الأشعار» لعبدالمنعم الرفاعي، ديوان عبدالرحيم محمود، «المشعل الخالد» لأمين شنار، «قربان» لثريا ملحس، «أغاني الفجر» لخالد نصرة، «همسات القلوب» لغازي الرفاعي.
كان قد نحا عرار نحو الحداثة في وقت مبكر، فكتب قصيدة «كأس محطم» التي نشرتها جريدة «النسر» الصادرة في عمان بتاريخ 26/5/1949، ثم أعاد د.زياد الزعبي نشرها تحت عنوان «يا مي» استنادا إلى أوراق عرار الخاصة، التي تشير إلى أنه قد كتب هذه القصيدة عام 1939، وهي تتكون من أربعة وستين بيتا شعريا موزعة على أحد عشر عنوانا فرعيا. وكنموذج على شعر تلك المرحلة، ومنها:
«إن الزمان ولا أقول زماني
بين الطوابع والرسوم رماني
وأحال لذاتي وساوس حاسب
يهذي بضرب ثلاثة بثماني
فانظر إلى الندمان كيف تفرقوا
بعدي وكيف علا الغبار دناني»

غلبة الرومانسية
وعلى الرغم من غلبة الرومانسية على معظم قصائد شعراء تلك الحقبة، إلا ان شعراءها وبحق ظلوا يمثلون فترة النبوغ الحقيقي والابداع المتجه نحو الكمال الجمالي والموضوعي.
ومن قصائد تلك المرحلة أيضا، نقتطف من شعر عبدالمنعم الرفاعي قوله:
«عمان يا حلم فجر لاح واحتجبا
عفوا إذا محت الأيام ما كتبا
وملت نحوك بالأنات أكتمها
أبكي المنابر والأعلام والقببا
أبكي لوحدي، فحتى دمعتي فقدت
من طول غربتها خلا ومصطحبا»
وبعد إنشاء المملكة، وإعلان الوحدة بين الضفتين، وحتى حرب حزيران 1967، تشابكت المؤثرات الثقافية والفكرية بين الأردن وفلسطين شرع الشعراء يتغنون ببطولات شعب فلسطين وأمجاده، ويكشفون النوايا التوسعية للاحتلال، ومن قصائد تلك المرحلة، للشاعر وليد سيف :
«لغتي مروج من ذهب
لغتي عناقيد الغضب
لغتي عباءات القصب
لغتي خيال نازف من عمق ذاكرة العرب
لغتي مرايا الروح، ايقاع السنابل
حتى تنمو في جدار السجن في أفق تطوقه السلاسل»

الشعر والحداثة
وفي الوقت الذي أحدث فيه الشاعر فايز صياغ قفزة بالشعر الأردني باتجاه الحداثة، بمؤازرة نخبة من الشعراء آنذاك، مثل عزالدين المناصرة، إلا ان النقاد رأوا في ديوان الشاعر عبدالرحيم عمر «أغنيات للصمت» الصادر عن دار الكاتب العربي في بيروت عام 1963، نقلة نوعية في الشعر الأردني من «المذهب الرومانسي، إلى المدرسة الواقعية الجديدة».
وفي مقدمة الديوان، رسم الشاعر الأجواء التي تحلق فيها حركة التجديد في الشعر المعاصر، وقال: (الشعر العالمي كله يتجه الآن للغناء، والحاجة الغنائية مقرونة باستفحال أمراض العصر وحضارته، والمستقبل في حاجة إلى غنائية الشعر، وبالتالي إلى رسالته، ومن حتمية الحاجة إلى هاتين الصفتين من صفات الشعر، نستطيع أن نرى بعض ملامح شعر المستقبل، بعض ملامح التطور في اتجاه تجديدنا الشعري إلى البساطة ولا أقول السذاجة ثم استرجاع ما كاد يفلت من يد الشاعر الحديث من الموسيقى والعفوية، ورأيي أن حركة الشعر الحر الذي يعتمد التفعيلة ويكررها حسب مقتضيات الزخم الشعري والمتصل الجذور بتراثنا الأدبي هو اللون الشعري الوحيد الصالح لهذه المهمة، على أن يتخلص مما أوقعه فيه بعضهم من عيوب الغرابة والنقد).
يقول الشاعر عبدالرحيم عمر:
«وطن به ظمأ الصليب
وليت ما قدمت من دمع ومن عرق
جرى يوما بأوردة الوطن
وطن له وجه الحبيب
وقد أشاح فما قنطت ولا يئست
وكل عالمك الرحيب
أصداء اعراض «ولن»
وطن يؤملنا ويخذلنا
وحلم الفارس المفجوع
وجه حبيبة ترنو لنخوته
وحي لا يرى ذلا به
وإذا قضى فله كفن».
وشهدت فترة الستينيات، قبل نكسة حزيران 1967، وبعدها، الكثير من المواهب الشاعرية الشابة، التي استطاعت فيما بعد أن تثبت وجودها، وأن تساير حركة الشعر الحديث في الوطن العربي كله، وانتشر بعد عام 1967، شعر المقاومة الذي كان شعرا وطنيا حماسيا، يبعث الأمل في النفوس، رغم ظروف اليأس والاحباط، وتتعدد الأصوات الشعرية التي ترى في المقاومة خلاصا من آثار النكسة، فاستمرت الأصوات الشعرية السابقة في العطاء، وبرزت أصوات شعرية جديدة، ومن الذين أثبتوا جدارة تستحق الاهتمام في هذه الحقبة الشعراء: د.وليد سيف، محمد القيسي، عبدالله رضوان، علي فودة، علي البتيري، محمد ضمرة، سمير الشوملي، غسان زقطان، مؤيد العتيلي، أحمد المصلح، محمد الظاهر، خالد الساكت، د.فواز طوقان، ادوارد حداد، خالد محادين، نايف ابوعبيد، نجيب القسوس، محمد سمحان، نجيب القسوس، ماجد غنما، حسني زيد الكيلاني، د.جميل علوش، عدنان عيسى، سهيل السيد أحمد، د.محمود الشلبي، حيدر محمود، سليمان المشيني.
استشراف المستقبل
ورغم الصدمة التي هزت الشعراء في الأردن من أعماقهم، الا انهم كانوا أهلا للتعبير عنها وعن أبعادها، وإن كان بعض الشعراء حتى هذه الفترة ما زالوا يسيرون في ركب القصيدة التقليدية، فإن مضامينهم تجاوزت الماضي، وواكبت الحاضر، واستشرفت المستقبل، ومن الدواوين التي ظهرت في تلك الفترة: صلوات للفجر الطالع(خالد محادين) قصائد في زمن الفتح (د.وليد سيف) أحزان صحراوية(تيسير سبول) الوجه الذي ضاع في التيه (فدوى طوقان) أغنيات للأرض (نايف ابوعبيد) أغنيات للصمت (عبدالرحيم عمر) أخي الانسان (عيسى الناعوري) العودة من النبع الحالم (سلمى الجيوسي) خبأنا الصواريخ في الهياكل ومحاجر في الكهوف (ثريا ملحس) همس الذكريات (محمد سليم الرشدان) الفارس العربي الجديد (محمد عطيات) اكليل الشوك(مي الجبجي) عرس الصحراء(د.جميل علوش) لظى وعبير (خالد نصرة) على درب الكفاح (محمود الروسان) شتاء ونار(أيوب طه) نداء الجراح (حنا ابوحنا) صور باهر والمكبر(محمد منصور) النبوة والقومية وصخرة الوحدة ويقين الحب (محمد حسن علاء الدين) لنا عودة(علي البسيوني) قبل أن أموت (بهجت عبدالله يعقوب) أعناق الجياد النافرة (فواز عيد) الضائعون (رجا سمرين) شعر وادي القرى(رياض حمزة) ضفائر غبار (طاهر عصفور) الخبز في بلدي (رجوة عساف).
وكنموذج على شعر تلك المرحلة، نقتطف من قصيدة «احتراق» للشاعر محمد ناجي عمايرة :
«أريدك
أعرف أن الطريق إليك طويل
وأن البلاد التي أطلعتك
تقاتل دون الحقيقة
لا تعرف المستحيل
وأن العيون التي غادرت جفنها
ذات ليل طويل
تعانقني في سباق المسافات
تضرب صدري، وقلبي
فيورق في داخلي
شجر يابس
كان من ألف جيل».

المعارك النقدية
وقد انتظم صعود هذه الحركة الشعرية في السبعينيات، رغم ميل معظم الكتاب في تلك الفترة للقصة القصيرة، والانشغال في تأجيج وتفجير المعارك النقدية، وتعتبر تلك الحقبة، من أخصب الفترات التي شهدتها الحركة الشعرية في الأردن، ويمكن القول ان ما كتب عن شعرها، يعادل الشعر الذي أبدع خلالها، وفي الوقت نفسه، فإن حوالي سبعين شاعرا اجتمعوا في سنواتها، وأبدعوا، وإن كان بعضهم قد أثبت وجوده قبلها، وبعضهم استمر في هذا الاثبات بعدها، فإن الحقيقة الملموسة من خلال الدواوين المطبوعة إبانها، تشير إلى التطور الذي اصابها على مختلف الأصعدة، سواء من حيث المضمون الشعري الملتزم، أو من حيث العناية بجماليات الشعر المعاصر، وهذه أسماء بعض شعراء هذه الفترة، وأسماء بعض الدواوين التي أبدعوها:
ابراهيم نصرالله (جسدي كان الغربال) عبدالله رضوان (خطوط فوق لافتة الوطن، أما أنا فلا أخلع الوطن) ابراهيم العجلوني (تقاسيم على الجراح) أحمد شقيرات (الرقص على جثث الجياع) كمال رشيد (شدو الغرباء) حسين حسنين (ضرب الخناجر ولا) علي البتيري(لوحات تحت المطر) عبدالعزيز العتوم (شروق الشمس) عزالدين قطيش (أغاريد الفجر) علي الزعبي (أحلام السنابل) علي محمد (صرخة الغرباء) محمد منصور (خماسيات الجمال) نبيل عطيه (ولربما تتصحفين وتصفحين) تيسير عطاالله (مشاعر مع الحسين) خليل العبويني (البحث عن الزنبقة البرية) رزق رزق الله (رحلة الصمت) حيدر محمود(يمر هذا الليل) سليمان المشيني (صبا من الأردن)، محمد القيسي (إناء لأزهار سارا، الحداد يليق بحيفا، رياح عزالدين القسام)، د.وليد سيف (وشم في ذراع خضرة)، خالد الساكت (لماذا الحزن) عبدالرحيم عمر(قصائد مؤرقة) د.جميل علوش (خوابي الحزن) عبدالله منصور(الرحيل عن الأرصفة المنسية، غدا سفري، مواويل للحب والحرب)، غسان زقطان ومحمد الظاهر (عرض حال للوطن) محمد ضمرة (أحاول أن أبتسم وقافلة الليل المحروق)، عبدالله الشحام (تهاليل للمجيء الثاني، الدم والتراب) محمد لافي (مواويل على دروب الغربة، الانحدار من كهف الرقيم)، عبدالمنعم الرفاعي (المسافر) محمد سمحان (أناشيد الفارس الكنعاني، معزوفتان على وتر مقطوع) مؤيد العتيلي (أينا يعقد المقصلة) مهنا ابوغنيمة (أغاني طائر النورس) موسى الأزرعي (أيام الورد، ندهة على الحارث الثالث) أحمد ابوعرقوب (توقيعات على قيثارة الرفض) سميح الشريف (خطوات) علي الزعبي (أحلام السنابل) محمود الشلبي(هكذا يسمو الوطن) حلمي الأسمر وعلي مبارك (قصائد من وراء الحدود) سهيل السيد أحمد (بذار، تشرينيات) علي فودة (قصائد من عيون امرأة) ادوارد عويس (ريادة) ثريا ملحس (قضايا ومجامر) يوسف العظم) في رحاب الأقصى) ابراهيم المومني (الآلام) عبدالحفيظ أبونبعه (يومي وأمسي والمنى، حمائم السلام) د.فواز طوقان(البحيرة) رزق رزق الله (رحلة الصمت) أسمى طوبي (حلمي الكبير) أكرم الشقيري (نداء إلى الأحرار) سمير الشوملي (قصائد للحب والموت) سمير القطب (النغم) أنور هلال (نوافذ القطار والزيتون) عقل عصفور (خفقات قلب) نزيه القسوس(يوميات حزيران) حامد الزغول (القريب) حسين خريس (الحكاية وجدان، كفر أسد) سعاد عبدالنبي (نذرت نفسي) محمد الشوبكي (خفقات قلب، قنبلة الحرية) محمود الشلبي (عسقلان في الذاكرة) محمود فريحات (قبس المجد، مواكب العطاء) مصطفى الصيفي (قناديل للسفر الطويل) ناهض حتر(عاشق من عمان، أحلام وأغاريد) يوسف العظم(السلام الهزيل، لبيك) أحمد ابوسعدون (أغنيتي اليك)، أديب ناصر (خطوات على طريق الآلام) أديب رفيق محمود (صلوات على مذبح الحياة والموت)، جاك لحام (أغاني الصغار).
ونتوقف عند هذا المقطع من قصيدة للشاعر خالد الساكت:
«لي صديق وفي..كلما زارني بسريري المهيض الشقي
يهيج، يعبئني بالهموم..بعذابات عصر قعيد سقيم
وبالعدل كيف يداس..والجيل كيف يضيع
مرسلة مقلتاه..شررا حارقا، ويداه
خنجر، تهمة..كنت في وهمه..سببا لتردي الحياة
يتدفق، يتشظى سلاسل منفرطات
عن النفط والسوق والأرض والأنجم المائلة
عن الخمر والربح والصوم والحج
المغازي من العيد..والتعزيات..الرحيل الزروع الدروع المخابز والسابلة
وعن ميزة العائلة..ومن ثم يمهد منطفئا
كالرؤى الميتة الذابلة».

الشعر والقضايا الوطنية
وفي الثمانينيات، وتحديدا بعد الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان، تكاثر الشعراء، وانتشرت دواوينهم في الوسط الثقافي العربي، مسجلة تقدما ملحوظا في حركة الشعر العربية، غير أن السؤال الذي كان يطرح نفسه آنذاك: هل واكب الشعراء الأردنيون العصر الراهن بما يتطلبه من جماليات ومضامين؟ هل تجاوز اولئك الشعراء الساحة المحلية الى العربية وربما العالمية؟ وطالما كان لدينا كل ذلك العدد من الشعراء، فلماذا كان يشكو بعض النقاد من قلة الشعراء في الأردن؟ ومع ذلك، كان القارىء وما زال هو الحكم الأول والأخير على ذلك الكم الهائل من الانتاج الشعري، الذي ساهم في إنتاجه شعراء منهم : ابراهيم الخطيب، ابراهيم خليل،د.ابراهيم ناصر، ابراهيم نصرالله،د.احسان عباس، احسان الفرحان، أحمد الخطيب، أحمد الريماوي، أحمد الصديق، أحمد طعمه، أحمد غطاشة، أحمد القدومي، أحمد الكواملة، أحمد المصلح، أحمد نصرالله،إدوارد حداد، ادوارد عويس، أديب عفيف الخياط، أديب نفاع، أكرم أبوسمرة، أكرم النجار،آمال سلام، أمجد ناصر، أمينة العدوان، باسل طلوزي، باسم هيجاوي، بديعة الحديد، تيسير حمدان، جاسر الحداد، جمال الخلفات، جمال عابدين، جمعه منسي، جميل أبوصبيح، جميل علوش، حابس العسوفي، حامد مبيضين، حبيب الزيودي، الذي نقتطف من شعره نموذجا، يمثل تلك المرحلة، يقول:
«على وطن واضح كالغياب
تحط الأغاني حماما
تحط وفيها كلام جميل
وفيها غموض يقود الأحاسيس من يدها
نحتسي نخب هذا الغموض وننسى الكلاما
ربحت لأني شربت بكفي حتى ارتويت
من النبع، ثم طلعت مع الزرع في الحقل
ثم هطلت عليه غماما
وكنت أعالج بالناي نهر المحبة
كي لا يجف وكنت أملح بالشعر خبز اليتامى».

(وبالعودة لمتابعة شعراء هذه المرحلة، نكمل تسميتهم حسب الأحرف الهجائية): حسن الربابعة، حسني أدهم جرار، حسني فريز، حسين بكر العزازي، حسين راشد، حسين الزغول، حلمي الأسمر، حنا المصو، حيدرمحمود، خالد أحمد، خالد علي، خديجة أحمد رشيد، خلف خازر الخريشة، خلف الخصاونة، خليل العبويني، خير الحناوي، خيري منصور، داود معلا، دلال العلمي الخالدي، رؤوف الحناوي، راشد عيسى، راضي عبدالهادي، رجاء ابوغزالة، رشاد الصغير، رشيد زيد الكيلاني، رؤوف الحناوي، رياض حتاوي، رياض سيف، زكي الحناوي، زكي الخصاونة، زهير عبيدات، زياد العناني، زينات أبوشميس، ساري أمين، سليمان القضاة، سلوى السعيد، سليمان عويس، شحدة الزاغ،شريف قاسم، شفيق عريضة، شهلا الكيالي، صالح الجيتاوي،صالح الزيودي، صالح صبيح، صالح ناجي، صبحي القطب، صقر الصقور،طاهر رياض، عائشة الرازم، عبدالحفيظ ابونبعة، عبدالرحيم مراشدة، عبدالرزاق السعيد، عبدالرزاق حسين، عبدالفتاح الكواملة، عبدالقادر صالح، عبدالله أبووردة،عبدالله أبومغلي، عبدالله الشحام، عبدالله اليماني، عبد الرحيم طبيلة، عبدالفتاح عمر، عبدالقادر صالح، عبدالمجيد النسعة، عبدالوهاب ابونافع، عبدالوهاب صالح، عبدالوهاب عبدالحليم، عثمان حسن، عدنان رحاحلة، عدنان عبيدات، عزالدين المناصرة، عطاالله ابوزياد، عطاف الجانم، علي الخوالدة، علي عبيد الساعي، علي الفزاع،الذي نقتطف من شعره هذه القصيدة:
«لم يصل منك خبر..تلكم الأيام تمضي
موحشات مثل قلبي..وأنا أرقب أن يأتي الخبر
وعلى بوابة العمر انتظار موجع
وعلى قيثارة الروح ضجر
تلكم الأيام تمضي، مثل أشلاء غمامة
لا غبار الركب يعلو من بعيد، لا ولا انشق فضاء عن حمامة»

اسماء شعرية
وبالعودة للترتيب الهجائي لشعراء الثمانينيات تبرز أسماء:علي فواز عرسان، علي فودة، علي القيسي، عمر ابوزيد، عمر ابوسالم، عمر ابوالهيجاء،عمر بهاء الأميري، عمر شبانه، غازي الخطيب، غازي كابلي، غالب قرالة، غسان زقطان، غسان العموش، فايز التلاوي، فايز سميح، فراس العبادي، فواز الهنيني، فهد الريماوي، فواز طوقان، فياض خيري، فيصل جرادات، كمال رشيد، مازن شديد،ماجد دودين، مأمون حسن، مأمون فريز جرار، محمد الأبرش، محمد الادريسي، محمد أبوسمرة، محمد جلال النجار، محمد الجهالين، محمد حماد، محمد الرمحي، محمد سعيد حامد، محمد صالح يوسف، محمد عرموش، محمد سمحان، محمد صيام، محمد عبدالله القواسمة، محمد عثمان، د.محمد عصفور، محمد علي المحسيري، محمد غزيل، محمد القيسي، محمد الكسجي، محمد مقدادي، محمود رقبان، محمود الشلبي، محمود عبدالحميد الأفغاني «شاعر شباب فلسطين»، محمود عبده فريحات، محمود مفلح، مروان الحديد، مريم الصيفي، مصطفى القرنه، مصطفى النبالي، منور قبلاوي، موسى حوامدة، موسى نفاع، مهنا ابوغنيمة، ناصر النمري، نافذ خليل ابراهيم، ناهد سدر، نزار عوني اللبدي، نوال عباسي، هارون هاشم رشيد، هاني الهندي، هايل العجلوني،هيام رفائيل زيادات، هيثم الطاهر، هيام رمزي الدردنجي، وهيب البيطار، وهيب حسين رابعه، يحيى حاج، يحيى نبهان، يوسف أبولوز، يوسف حمدان، يوسف الديك، يوسف زريقات، يوسف عبدالعزيز، يوسف العظم، يوسف غيشان.
تذكرنا هذه الأسماء جميعها، بأجيال شعرية حملت مشعل الموقف الفكري الجاد، والوطني الملتزم، والأيديولوجي المتقدم، شعراء غرسوا بذرة الشعر المتألق والمتوهج والمتقدم موضوعيا وجماليا، فأثمر فيما بعد إنتاجا غزيرا، عجزت كل وسائل الطباعة والنشر عن إيلائه ما يستحق من اهتمام، هذا مع الإشارة إلى ان الكثرة في عدد الشعراء، والكثرة في عدد الدواوين، لا تعني أن تلك الغزارة كانت على حساب الجودة، بدليل أن مقارنة ما نشر في تلك الحقبة، وما تلاها، يؤكد أن قوة حياتنا الشعرية في ماضيها، وذلك بعد أن كثر الخلط واللغط، على ضوء اضطراب الموقف من الشعر والنثر معا.
وبانتهاء حقبة الثمانينيات، نودع فترة أنجبت عيون الشعر الأردني، وخلدت قوته وسموه وتماسكه، نودع أجيالا كانت تعرف أن قوة الشعر في موسيقاه وايقاعه وصوره ومعانيه السامية، ومضامينه المقاومة، نودع أجيالا كانت قريبة من اللغة العربية بكل جزالتها وقوتها ومتانتها، وعلى معرفة بعلم العروض، وعلم البلاغة، وعلم الجمال، وذلك دون التقليل من شأن الجيل اللاحق، والذي ضخ دماء جديدة هزت حركة الشعر العربية من جذورها.
كاتب اردني