ليلى الشافعي و«الوهم والرماد» .. بقلم : نبيل سليمان

تاريخ النشر : الجمعة 12:00 3-2-2006

في المجموعة القصصية (الوهم والرماد) للكاتبة المغربية ليلى الشافعي يتجدد سؤال الأنوثة والإبداع بعامة، والأنوثة واللغة بخاصة، شأنه كلما اقترحت كاتبة متفردة جوابها المتفرد، على النقيض من الجواب الذي يتطوح في فضاء السائد والمهيمن، والذي يظل ذكوريا وإن تلفح بعباءة الأنوثة.
في قصة (الروخو) تكتب ليلى الشافعي: «أستل الكلمات من معجم فقير ثاو في الذاكرة، أرصصها الواحدة تلو الأخرى، ثم آمرها بالعبث في حميمية وجوه عرفتها، فينزلق السواد متدحرجا فوق بياض محتمل (...) غير ان الكلمات تخرج عن طوعي فأنصاع لطوعها، تتسلل من ذاكرتي وتقول أشياءها وتمضي».
تضيء هذه السطور شطرا مهما من المكابدة اللغوية للكاتبة، مثلما تضيء أيضا لعبتها القصصية، وهذا ما يجد (بيانه) في القصة الأولى (ما يشبه التقديم) والتي يمكن القول إنها بمثابة (بيان قصصي). فالساردة / الكاتبة التي تداهمها الرغبة الفجائية بالأمومة، واحبت رجالا كثيرين عبروا كالمراكب المهاجرة، تعلقت بمن حسبته مختلفا، لكنه هاجر إلى عوالم سرية لا تعرفها، فلبثت كمن ينتظر عودة غودو، أو كمن تعشق رجلا لم يولد بعد. وبينما تنشد النسيان، تداهمها رغبة الأمومة والرصاص يلعلع في يوم إضراب عام، فتتحسس بطنها متسائلة عن موت طفلها المنشود برصاصة طائشة، وتقرر أن تكتب بجسدها لغة جديدة عصية على الاحتواء. سأجعل صوتي مسنودا بصداه الخاص. سأكتب بلغة الاختلاف، وسأحرف الكوجيطو ليصبح على النحو التالي: أنا أكتب إذن فلغتي موجودة. وبذا تتوحد الأمومة بالكتابة في هذه التي تنشد جنينا لا ينتمي لغيرها، جنين مضمخ برائحة السائل الذي يجري في عروقها، ويستمد هويته منها، فهل هو الطفل أم النص  القصة؟
تجيب الساردة / الكاتبة بالكتابة، لكنها تختم فاتحة المجموعة بقولها: «كان النص عاديا إلى درجة الابتذال، كأنها قرأته عشرات المرات قبل أن تكتبه. وكان ذلك الكابوس يشبه إشراقة الصوفي في لحظة صفاء بعد سقوط الأقنعة. وهي تذكر أنها عندما استيقظت كان العالم من حولها صامتا، وكان النص بعيدا كأنه لا ينتمي لذاكرتها».
إنها حرقة التفرد التي تبرأ من كذبة النرجسية، ولا تفتأ تجدد سؤال الأنوثة والإبداع. وسوف تقصر بعض قصص المجموعة في الجواب تحت وطأة الهاجس السياسي، كما في قصة (فنطازيا) التي تلتبس ببيان ضد (الآيات) الإيرانية، أو قصة اسمها (سهى وشهرتها بشارة) والتي تلهبها الحماسة فتلتبس بنشيد يمجد الفدائية اللبنانية (سهى بشارة). كما تلتبس قصة (حدث ذات تاريخ) بنشيد يمجد الكفاح الفلسطيني بين الاعتقال والاستشهاد. ولا تخرج عن ذلك قصة (ذلك الوهم الجميل) التي ترسم انتظار العاشقة لعودة حبيبها فإذا برجال الأمن يحضرون ليحققوا معها حول تحركها باتجاه الضوء والغمام الماطر. غير أن بقية قصص المجموعة تتألق كما تألقت القصة الأولى أو قريبا منها، وبخاصة ما تمحور من القصص حول السجن السياسي، حيث ندرت القصة القصيرة.
إن العوالم السرية التي التي هاجر إليها المعشوق في القصة الأولى هي عوالم السجن. والروخو  أي: الأحمر  في قصة (الروخو) هو سجين سياسي خرج بعد خمسة عشر عاما مخلفا أطياف الرفاق الذين كانوا فتية جعلوا من الوطن محجة. وفي قصة (أبا الطيب) حيث يتسيد ضمير المخاطب وتحل الحروف محل أسماء الشخصيات، يقضي المعتقل سجينا في بلاد «تأكل أبناءها وترمي بعظامهم إلى الكلاب».
وقد كان للمرأة من كل ذلك نصيب تجلو منه ما تجلو قصة )واقعة عادية) حيث تشهد الساردة / الكاتبة ضرب الحارس لامرأة، وتضع أربعة سيناريوهات لأسباب الضرب، لتنتهي إلى أنه أيا يكن السبب، فتلك المرأة صاحبة الوشم الدموي والتي قد تكون أما لسجين، أو شقيقة، أو امرأة، أو بنتا، ستظل مسجاة أمام بوابة سجن مركزي وحيدة، لا زمان لها ولا مكان، ولا وطن.
وفي قصة (والجروح قصاص)  حيث يتوجه ضمير المخاطب إلى القراء  تصير المرأة هي السجينة التي اعتقلت وعذبت حتى الموت، ولا يجرؤ أحد على البحث عن جثمانها ولا عن سر الجريمة، بل تنتهي إلى خبر في الجريدة تتذيل به القصة حرفيا. وفي هذه القصة كما في سابقتها وفي سواهما ينادي السيرية كون الساردة كاتبة سبق أن تعرفت على (حبيبة) التي ماتت مثل الذين تراهم الساردة يموتون بعيدا عن السياسة، أو مثلما ترى موتها هي: أكبر بقليل من موت ذبابة، عمود في جريدة، لكأن البلاد ليست لهم، وكأنهم لم يكونوا منها.
وكما في هذه القصة، يتوجه الخطاب إلى القارئ في قصة (عتمة) سوى أن السارد هنا سجين يسرد طرده من المدرسة وانخراطه في عالم العاطلين والفقراء واللصوص، لينتهي به ذلك إلى أن يفقد بصره جراء التعذيب، ويكون آخر من رآه هو جلاده. وهنا يتلامح سؤال الكاتبة في قول الأعمى: «أنتم تعلمون أنني أعمى، والأعمى يكتب الحروف أخاديد محفورة على الأجسام الصلبة، ولا ينخدع بلزوجة الورقة الصقيلة«. وسيتلامح سؤال الكاتبة أيضا في قصة (مذكرات القاعة رقم 3) حيث تفتح الميتة ذاكرتها لتستعيد طفولتها وعملية جراحة القلب حين كانت في العشرين، تحسب الثورة على بعد خطوة من قدمها. وإذا كانت هذه الميتة لم تفلت بعد موتها من تأثيرات روايات الأحباء الكافكاوية، فهي تعلن: » الآن يمكنني ان أكتب اشتغالي الهادئ وتأملي الرصين. سأخطط فوق عظامي مسودات لروايات عديدة، ثم أسلمها لحيوانات الأرض الأليفة لتقتات منها سما زعافا يسمى بلغة الأحياء وعيا شقيا. من يدري، فقد تخرج جميع ديدان الأرض في مظاهرة للإطاحة بسلطة حفاري القبور، وتكون الكتابة بذلك قد أبانت عن جدواها المفترضة. هذا إذا كان هناك جدوى من الكتابة أصلا».
ترسم القصص الأخرى حالات من الحب يكون فيها المثقف مناط السخرية والهجاء كما في قصة (بوح على ناصية المدينة) وقصة (مزق من ذاكرة أخرى) التي تعود فيها الحروف لتسمي الشخصيات، كما تحضر فيها بيروت والفدائي الفلسطيني إزاء جعجعة المثقفين العرب في مؤتمر أغادير، وبخاصة إزاء الجعجعة بحقوق الإنسان فيما الجلاد يترقب وينتظر فريسته القادمة. وقد شغل الغرب (فرنسا) بعض قصص الحب في الصورة المعهودة، حيث لا تقبل ديمقراطيته الآخر، ويجعل من مواطن الآخر مزبلة لمصانعه. ولئن كانت هذه القصص مع ما ذكرت من القصص التي تنوء بالسياسي، تعكر سؤال الأنوثة والكتابة واللغة في مجموعة ليلى الشافعي، فإن ما نجا من المجموعة من هذا العكر يكفي وحده امتيازا لها وللكاتبة.

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}