نضال العضايلة - في الوطن مبدعون كثر، ومن ظلال الطفيلة كان التميز تعبيرا عن وهج اكبر من كل ما قيل. هناك وقفت صبية تحلم بالأردن وتترنم بصوت الاجيال الجديدة المفعم بالوفاء والطموحات، ومنذ ان حانت انطلاقتها كانت على موعد جديد مع الإبداع والتميز، لم تكن تحلم كما هو حلم الصبايا المترفات ولم تنتظر أن يدق بابها ابن الحلال ليزفها إلى عالم جديد، وجدت نفسها تنهل من حب الأردن وتعاظمت في قلبها الذكريات وعندما أرادت أن تقول للوطن كلمة وفاء انطلقت من حنجرتها كلمات وكلمات وهي اليوم تنبض بحب الوطن الطيب وهي ابنة الأردن أولا ابنة الطفيلة والكرك ومعان وسائر المدن الطيبة هي الدكتورة ريم مرايات مدرسة اللغة العربية في جامعة مؤتة والكاتبة الصحفية المعروفة من خلال مقالتها الأسبوعية في الرأي ( 7 أيام ) .
فمن مدرسة الطفيلة الثانوية للبنات إلى الجامعة الأردنية وحتى جامعة مؤتة كانت رحلة الكاتبة الصحفية والأكاديمية ريم مرايات وما بين هذا وذاك واصلت ريم رحلة التحدي والتعب حتى اهلت نفسها فاصبحت عضو هيئة تدريس في جامعة مؤتة. ومساعدا لعميد شؤون الطلبة فيها.
حينما اكتب عن الدكتورة ريم مرايات تعيدني الذاكرة إلى الأيام الأولى في معرفتي بها، شابه طموحه تدرجت في سلم العلم رغم العقبات والعوائق، استرسلت في الحياة فوضعت نصب عينيها أن تصبح شيئا مهما في الاداء العام المتميز فعملت مدرسة في التربية والتعليم ومديرة لمدرسة ثانوية قبل أن تحط رحالها في جامعة مؤتة. عرفها القراء من خلال مقالها الأسبوعي في زاوية 7 أيام في جريدة الرأي وقبل ذلك كانت متطوعة في جمعية فتيات الطفيلة الخيرية وعضوا في جمعية نساء الطفيلة التعاونية ومقررة لتجمع لجان المرأة فيها وعضوا في مجلسها البلدي. لها اهتمامات خاصة في قضايا البيئة والمرأة وبرامج التوعية والتثقيف.
«العمل السياسي والحرية الفكرية» كان أول مقال تنشره ريم مرايات ومن ثم نشرت البذرة وهي أول قصة لها في العام 1988 عندما كان عمرها 21 سنه. سألتها عن السر في البذرة فقالت إن البذرة الصالحة يجب أن تنبت في المكان الخطأ او الجو الفاسد إذا كان هناك اصرار على إنباتها. والأفكار الصالحة كذلك تكتسب قيمة وحياة أيضا من إصرار صاحبها بأنه على حق. الأساس هو بناء النفوس والعقول وتهيئتها لتبني كل ما هو نافع وثمين وباق في الحياة.
ريم مرايات شجرة طفيلية وارفة الظلال لم تتعب في حياتها رغم مرارة الكد الذي عانته على مدى سنوات عمرها. تؤمن بالقيمة، ولم تعش الطفولة الساذجة التي تعودت عليها الأخريات فكان عقلها وباستمرار يسبق عمرها. وبالرغم من كونها لم تعش حياة الضنك إلا انها كانت فتاة عاديه وغالبا لها مشاركاتها في المجتمع المحلي. وبالرغم من تنقلها بين الكرك والطفيلة فإنها لم تشعر يوما بالغربة.
تقول ريم مرايات إن نشأتها في الطفيلة في سنوات عمرها الأولى أثرت كثيرا في شخصيتها «فانا دائمة الأنحياز لمعاناة الناس وأحاول جاهدة أن أضع نفسي في بوتقة ظروفهم الصعبة»، فهي التي عاشت في كنف الاستاذ الدكتور إحسان عباس 13 سنه وعملت مع ناصر الدين الأسد كباحثه فتنبأ لها بمستقبل كتابي مميز.
عن حياتها في كنف إحسان عباس تقول إنها حظيت بالرعاية الكاملة منه وكان لها حظوة لديه، فقد كانت تعمل يوميا في مكتبه حوالي الثلاث ساعات، وتعتقد ريم مرايات انها أثرت في حياة الكاتب النابغة بشكل كبير وتؤكد انها ساهمت باخراج احسان عباس من عزلته وأعادت له الإحساس الصادق بالحياة عندما تقدمت به السن وهجمت عليه المشاعر السوداء.
وتشير ريم مرايات الى أنها السبب وراء أن يكتب إحسان عباس سيرته الذاتية ( غربة الراعي ) وتقول انها مجموعة قصصية كان عباس يرويها لها وفي معظمها أسئله كانت ريم توجهها له.
انشغالات ريم مرايات في بدايات حياتها العلمية لم تمنع عقلها من أن يأخذ حقه فوجدت إنها بدأت تهتم بموهبتها منذ الصغر فقرات لشكسبير في الصف السابع، وهي ترى إن العمل الأكاديمي يستزف حياة الفرد ودائما ما تشعر أن الوقت يمضي سريعا ولا تستطيع أن تعمل كل ما تريده خلال هذا الوقت. ويعد قراءة جديده لكتاب كليلة ودمنه ابرز المحطات في حياتها وهي رسالة ماجستير أنهت بها ريم مرايات المرحلة الجامعية الثانية. وقد علق إحسان عباس على تلك الرسالة بقوله (من سوء حظ الباحثة إنها تقدم هذه الرسالة في الجامعة الأردنية ولو قدمتها في الخارج لحصلت بها على الدكتوراه).
هذه الاطروحة التي اضحت تدرس لطلبة الدكتوراه في الوطن العربي أثرت في ريم مرايات على المستوى الشخصي وغايتها كيف تضع قائدا ناجحا حيث أتاح لها كل ذلك سهولة الاطلاع على التجربة الإنسانية العالمية في مختلف العلوم والفنون. درست الأديان والأساطير عند معظم الشعوب كما درست علم الاجتماع وعلم النفس والقانون والظواهر فوق الطبيعة حيث ساعد على ذلك القاعدة الثقافية التي كانت لديها بالأصل كونها قرأت الكثير في الأدب العالمي وهي طالبة في المدرسة واطلعت على التراث اليوناني والروماني والأدب العربي وكانت دائما تستوعب ما يدور حولها مواظبة على قراءة الصحف والاطلاع على كل ما هو جديد في مختلف العلوم.
ريم مرايات رؤية مميزه ومنارة علمية لها طابع مميز وتجربة تستحق ان يستلهما الشباب.