عمان ـ سمر حدادين - قالت سمو الأميرة بسمة بنت طلال أننا في الأردن نسير بدعم وتوجيه جلالة الملك عبدالله الذي دعا منذ تسلمه العرش إلى إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وحثت سموها في كلمة ألقتها أمس بافتتاح حملة «16 يوما» للحد من العنف الأسري، على ترجمة توجهات جلالة الملك إلى واقع من خلال العمل بشكل مؤسسي على خلق ثقافة سلام وتواصل وتفاهم ترفض أشكال العنف وتوجد بيئة داعمة مبنية على أساس المساواة واحترام حقوق الإنسان.
ودعت إلى المشاركة الفاعلة والعمل الدؤوب في هذا اليوم العالمي حملة القضاء على العنف ضد المرأة في أرجاء المملكة والعالم كافة.
و قالت سموها أنه برغم الجهود الحثيثة التي بذلت على مختلف المستويات الدولية والوطنية الرامية لتحقيق تقدم المرأة وتمكينها، ما تزال قضية العنف ضد المرأة تشكل التحدي الأبرز في هذه المسيرة.
وأضافت أن ثلث نساء العالم مازلن يتعرضن في مرحلة ما من حياتهن إلى العنف وخاصة من قبل أفراد أسرهن.
وبينت سموها أن تأخر الاهتمام العالمي بهذه القضية وعدم إيلاء موضوع العنف ضد المرأة الأهمية التي يستحقها، أحد الأسباب الرئيسة لضعف التقدم في هذا المسار مقارنة بالقضايا الأخرى التي تشغل العالم.
وأشارت في السياق نفسه إلى أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة لم تقر أن العنف ضد المرأة «هو انتهاك لحقوق المراة الإنسانية» إلا منذ عقد ونيف ولم تعلن اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة إلا منذ ست سنوات، وهذا يثبت ـ وفق سموها ـ أن «التهاون في مواجهة هذه القضية قد يكون له تأثير سلبي كبير على قضية المرأة بشكل عام».
ولفتت أنه خلال السنوات العشر الماضية استطاع الأردن كما على المستوى العالمي من تخطي حاجز الصمت الذي يغلف قضية العنف ضد المرأة من خلال مبادرات عدة تهدف إلى مكافحة العنف ضد المرأة سواء على مستوى تعديل التشريعات أو المؤسسات التي تقدم خدماتها للنساء المعنفات، إضافة إلى تحفيز المجتمعات المحلية على التعامل مع هذه القضية والحد من ممارستها.
وأشارت إلى أن للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة دورا هاما في مجال القضاء على العنف ضد المرأة من خلال وضع السياسات المتعلقة بالمرأة وإصدار الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية والتي أدرجت قضية العنف ضد المرأة في المحور الاجتماعي، وذلك بهدف تغيير الاتجاهات التي تعزز وتفرز هذه الظاهرة.
إلى جانب أن اللجنة قامت وبالتعاون مع مؤسسات حكومية وغير حكومية بإعداد التقارير الوطنية المتعلقة باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وبحسب ما قالت سمو الأميرة أن هذه الجهود والمحاولات لن تحقق أهدافها المرجوة ما لم يرافقها وعي مجتمعي كاف ليس فقط لتقبل مثل هذه المبادرات وإنما للمطالبة بتفعيلها وتنفيذ المزيد منها.
واعتبرت سموها أن إطلاق حملة الـ 16 يوما تأتي كعمل أساسي لأي مبادرة حكومية أو غير حكومية تنطلق للقضاء على العنف ضد المرأة فالرأي العام يشكل أساس نجاح واستمرار أي مبادرة.
وللسنة الثانية على التوالي توحد منظمات غير حكومية اردنية و مؤسسات أهلية جهودها لزيادة الوعي والمطالبة بوقف العنف ضد المرأة والحد من العنف الأسري.
وترتبط الحملة الأردنية بالحملة العالمية الـ«16» يوما، ويذكر أنه ومنذ عام 1991 قامت أكثر من 2000 منظمة في 137 بلدا تقريبا بالمشاركة في الحملة التي بدأت في اليوم العالمي ضد العنف ضد المرأة (25 تشرين ثاني) وحتى اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 كانون أول)، لربط العنف ضد المرأة بحقوق الإنسان بصورة رمزية وللتشديد على أن مثل هذا العنف هو اختراق لحقوق الإنسان.
وثمنت مديرة مشروع فريدوم هاوس في الأردن فرنسيس ابو زيد الالتزام المستمر لمحاربة العنف الأسري في الأردن من قبل مؤسسات حكومية وغير حكومية ، معربة عن أملها أن يضيف التركيز الإضافي خلال حملة ال 16 يوما جهود جديدة لرفع الوعي بهذا الموضوع.
ولفتت إلى أن «إطلاق الحملة سيوفر فرصة لتقدير الجهود المبذولة من المؤسسات والمنظمات الملتزمة بمحاربة هذه الآفة العالمية وهي العنف ضد المرأة، وسيوفر النقاش مع صانعي القرار وقادة الرأي العام الفرصة لمناقشة مدى تأثير الجهود التوعوية المبذولة على واقع حقوق المرأة».
ووقعت سموها خلال حفل الافتتاح على جدارية تنادي بالعمل سويا لوقف العنف ضد المرأة، كما حضرت سموها عرض مسرحية قدمها شباب وشابات من مركز الفنون الأدائية لمؤسسة نور الحسين أثار عدة أسئلة حول الأسباب التي تؤدي للعنف، وأن العنف الأسري يوسع دائرة العنف في المجتمع.
وتخلل إطلاق الحملة مناظرة ناقش فيها ممثلو الحكومة والمؤسسات غير الحكومية والإعلام حول الوضع الحالي للجهود الأردنية المبذولة للحد من العنف ضد المرأة، ودور الإعلام في طرح هذه المواضيع، ومدى توافر الخدمات لضحايا العنف ومراجعة للبيئة القانونية.
وخلال النقاش في المناظرة قال وزير التنمية الاجتماعية السابق الدكتور عبدالله عويدات أنه علينا تحديد نوع العنف الذي نريد مجابهته دون الحديث عنه بصورة رومانسية.
وبين أن العنف قضية مكتسبة وليست موروثة لها علاقة بالتنشئة الاجتماعية داخل العائلة وأشار إلى الخدمات التي قدمتها وزارة التنمية الاجتماعية للحد من العنف الأسري، ومنها دار الإيواء للنساء المعنفات.
من جانبه قال رئيس تحرير جريدة الغد الأستاذ أيمن الصفدي أن الأزمة التي يواجهها المجتمع هي أن البعض لا يتقبل تعريف نوع العنف، مشيرا إلى أن نحو 95% ممن يتعرضن للعنف يرفضن متابعة الإجراءات، وهذا وفق الصفدي يعطي مؤشرا لأزمة بالقبول أن ثمة عنفا أسريا نعاني منه.
ولا يعتقد الزميل الصفدي أن الإعلام قام بدوره بالنسبة لمجابهة العنف الأسري، ورد سبب فشل الإعلام بهذا إلى المنظومة القيمية في مجتمعنا التي تعارض مفهوم العنف الأسري رغم أن الدراسات أثبتت أن لا علاقة للقيم الموروثة بنزعة العنف الأسري من جهة، ومن جهة أخرى لم تكن القضية مطروحة بالسابق.
وبينت المحامية ريم أبو حسان عضو جمعية حماية ضحايا العنف الأسري أن التشريعات الأردنية لم تقدم للمرأة حماية بالمجال الخاص، رغم أن الدستور الأردني نص على المساواة بين الرجل والمرأة.
وقالت أن الأردن وقع على اتفاقية رفع جميع أشكال العنف ضد المرأة «سيداو»، غير أن هذه الاتفاقية تحتاج إلى مصادقة من البرلمان حتى نتمكن من موائمة القوانين الوطنية مع الاتفاقية.
ونبهت إلى نقطة وهي أن الإطار القانوني في الأردن يركز على الدور الإنجابي للمرأة، وأن الرجل هو المعيل والمسؤول عنها، مما جعل علاقة المرأة مع القوانين علاقة غير مباشرة تحتاج بأغلب الأحيان إلى وسيط لرجل، وبالتالي يتعامل القانون مع المرأة كزوجة أو بنت أو أم، وليست على اعتبارها مواطنة.
ومع ذلك تقول أن هناك بعض القوانين تعاملت مع وجود علاقة مباشرة مع المرأة كمواطنة، وهناك بعض الإشارات المضيئة وهي توفير الحماية الخاصة للمرأة ضمن نظام أسري مساند.
ومن هذه القوانين وفق أبو حسان قانون الأحوال الشخصية وإدخال الخلع الذي يوفر شكلا من أشكال الحماية للمرأة، قانون العقوبات المتعلق بنص المادة «340»، وإنشاء دور إيواء ، وإدارة حماية الأسرة.
ومن ناحيتها قالت الباحثة إنعام العشا أن توفر البيئة التشريعية ساعد منظمات المجتمع المدني لتقديم خدماتها خصوصا للنساء.
وأضافت إلى أنه بالسابق كانت المنظمات النسائية تحتار أين تضع النساء المعنفات لحمايتهن، لكن الآن في ظل وجود نظام لإيواء المعنفات حل المشكلة.
وقالت أن علاقة منظمات المجتمع المدني تمر في مد وجزر، مشددة على ضرورة التواصل بين الطرفين لخدمة قضية المرأة.