كتب ــ حاتم العبادي - ربما تشكل فكرة طرح إيجاد ميثاق أخلاقي في الجامعات ، تناقضا مع طبيعة تلك المؤسسات، التي تسعى بالإضافة للتعليم الى تعزيز المعرفة بجميع إشكالها الثقافية والسلوكية، لتشكل الحلقة قبل الأخيرة في صقل شخصية الطالب، إلا ان واقع الحال، ليس في جامعاتنا. فقط يتطلب ان يكون هنالك ميثاق شرف يضمن المحافظة على قدسية هذه المؤسسات.
ولربما ان واقع حال جامعاتنا، يتطلب ان يكون هنالك مثل هذا النوع من المواثيق كتدبير احترازي، وليس إجراء علاجي، للمحافظة على ما تتمتع به جامعاتنا من صدقية تعززها الثقة المترسخة لدى الجميع ، في ظل الانفتاح المعلوماتي الذي يشهده العالم، وما تميله العولمة من تحديات.
مقتضيات المنطق، تشير الى ان الوقاية أفضل من العلاج ، ويعزز واقع مؤسساتنا الأخذ بمبدأ الوقاية خير من قنطار علاج ، إذ لا تعاني جامعاتنا من ظاهرة معينة تمس أخلاقيات المهنة وفي جميع محاور العلاقات التي تربط عناصر العملية( طالب، هيئة تدريس، إدارة، مجتمع محلي)، إلا ان سمات العالم الجديد قد تنقل عدوى ما نسمع به من مشاكل وقضايا في بعض المؤسسات الأجنبية الى مؤسساتنا.
مؤشرات تظهرها دراسات علمية الى ان مظاهر اللاخلاقية وغير المهنية، تجاوزت المؤسسات التي تعاني بلدانها من أوضاع اقتصادية وسياسية متوترة الى دول طالما اقررنا بأن معظم مؤسساتها مرموقة ، ومثال ذلك ان عشرة آلاف طالب وطالبة من (60) جامعة اميركية وكندية اعترفوا بممارسة الغش.
فكثير ما تردد في تبريرات غير معلنة عند اعتماد وزارة التعليم العالي قائمة بأسماء مؤسسات تعليم عالي غير الأردنية( عربية، أجنبية) جديدة، ان هنالك جامعات كانت معترف بها إلا إنها لا تقدم المطلوب منها كما هو مؤمل من مثل هذه المؤسسات، سواء على الصعيد الأكاديمي أو المعرفي والثقافي كما خرجت به توصيات لجان زارت هذه الجامعات.
التخفيض الذي أصاب كثيرا من الدول التي تعاني من ظروف سياسية واقتصادية متوترة، نال أيضا من مؤسسات في جامعات موجودة في دول متقدمة، إلا ان ظهور العديد من أنماط التعليم الجديدة (الالكتروني، التعلم عن بعد، والتعليم المفتوح)، يفرض على تشريعاتنا ان تكون قادرة على التعامل معها لتنظيمها فيما يخص طلبتنا، إلا ان كثيرا من الممارسات قد تكون قانونية ولكنها لااخلاقية وفق معايير شرف المهنة التعليم .
هذا ما عبر عنه مسؤولون في التعليم خلال مشاركتهم في ملتقى عقد مؤخرا لوضع ميثاق أخلاقي للتعليم العالي بالقول من الواضح ان وفرة التشريعات التي تحكم العملية التعليمية .. لا يمكنها ان تقدم إجابات وافية لكيفية التعامل مع حالات يتم فيها تجاوز أعراف ذات أبعاد سلوكية لكنها قانونية .
وفي ضوء الانفتاح والتطور الهائل الذي يشهده العالم وجعله قرية صغيرة، يجعلنا لسنا بمنأى عن كثير من الممارسات التي نسمع عنها في جامعات غير جامعاتنا والتي لا تستهدف فقط النوعية والجودة في المخرجات وإنما الفكر والثقافة..وتعجز التشريعات الناظمة عن التصدي لها.
ولكي يبقى تعليمنا الأفضل يجب ان يكون لدينا ميثاق يعمل على تحصينه ورفعته، يعتمد في مبادئه على التراث الإسلامي ، العلوم الإنسانية والاجتماعية، القوانين والأنظمة والتشريعات، المنظمات الدولية والإقليمية والمهنية، المجتمع العربي والأردني.
ميثاق عمل أخلاقي فـي جامعاتنا .. تدبير احترازي لا مطلب علاجي
12:00 27-11-2005
آخر تعديل :
الأحد