مريم ريان - لم يعد سرا أن عنوسة الفتيات والشباب، في الأردن، أصبحت ظاهرة اجتماعية تدعو للقلق الحقيقي وتستوجب جرأة في إيجاد الحلول وفي تذليل العقبات المادية والاجتماعية والمعنوية التي جعلت الزواج وبناء الأسرة مشكلة تفوق طاقة الشباب الذين يعانون من ضعف الحال ومن ضخامة المتطلبات ومن اتساع دائرة المثيرات والمغريات.
ففي دراسة أخيرة لجمعية العفاف الخيرية، أظهرت الأرقام أن نسبة العزوبة لدى الفتيات ارتفعت عام 2004 إلى 40% ولدى الشباب إلى 50%، مما يشكل حسب قناعة مفيد سرحان وأحمد العوايشة وجمهرة الشباب..... مشكلة حقيقية تستوجب تكاتف جميع المؤسسات الرسمية والاجتماعية. لكن الشباب أنفسهم يتحملون- بالتأكيد- مسؤولية أساسية في الجراة على تذليل الكثير من المعيقات.
لكن ماهو المقصود بالعنوسة؟ وبالتحديد ماهو سن العنوسة الذي عنده يبدأ همس الأهل والأقارب والأصحاب يقلق الفتاة والشاب؟
زمان...كان سن العشرين هو بداية التحذير من عنوسة الفتاة. والآن بعدالدراسة الجامعية أصبحت عزوبة الفتاة حتى سن الخامسة والعشرين والثلاثين أمرا طبيعيا، وبالنسبة للشاب حتى سن الخامسة والثلاثين وربما الأربعين. وفي كل الأحوال فإن تعبير العنوسة على صعوبته هو عرف اجتماعي يختلف من بيئة محلية إلى أخرى، لكن الجميع يتفقون على أنه أضحى مشكلة تحتاج إلى مواجهة جماعية جريئة، طليعتها الشباب أنفسهم.
الشباب هم أصحاب القرار
شريحة واسعة من الشباب اتفقت آراؤهم على أن الأسباب المادية هي العائق الأساسي أمامهم للزواج. غلاء المعيشة وضعف إيجاد فرص عمل، انخفاض الأجوروارتفاع تكاليف الزواج هي من أهم أسباب عزوف الشباب عنه.خالد دياب/موظف/30عاما، يعتقد بأن راتب الموظف اليوم لايكفيه وحده.قال: يصعب الزواج في ظل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة. ارتفاع تكاليف الزواج لايعطي للشاب فرصة للتفكير فيه. على الرجل أن يتزوج قبل سن الـ 36. أما المرأة فتقل فرصها للزواج بعد ال25 عاما.
وافقه الرأي خالد محمود/40 عاما. فالأسباب المادية هي العائق الأول أمام الشاب للزواج. تزوج وهو في 30 من عمره. قال خالد: عمر زوجتي آنذاك 23 عاما. باعتقادي المرأة يفوتها القطار بعد سن 30. أما غير المقبلين على الزواج لعدم رغبتهم به فهم نسبة قليلة، فالزواج وإنشاء عائلة حلم كل شاب.
سالي محمد/طالبة/17 عاما. قالت: أرى أن الدراسة والظروف الإقتصادية هي أسباب تأخر الفتاة عن الزواج. أشجع الزواج المبكر سواء للشاب أو الفتاة. سن العنوسة للمرأة هو 40 عاما. لكن فرص الإختيار تقل بعد ال35 عاما.
عمر محمد/21 عاما/طالب هندسة، أكد أن الرجل يتزوج مهما تقدم في السن. المهم أن يكون قادرا على تحمل المسؤولية، سواء من ناحية اقتصادية أو اجتماعية.قال: تأخر الزواج حتما أسبابه مادية. الزواج استقرار للرجل ونصف دينه. ليس الزواج للمتعة فقط وإشباع الرغبات وإنما هو بناء أسرة ومن ثم بناء مجتمع. المرأة يفوتها القطار بعد ال35 عاما. أشجع على الزواج في الوقت المناسب أي عندما يشعر الطرفان بالقدرة على تحمل مسؤولية الزواج.
أما ليندا الحاج علي/25 عاما، فلاتجد العمر عاملا هاما للزواج.قالت: الكثيرات يتزوجن في سن مبكر، على الفتاة تأخير الزواج قليلا. ليست صفات رجال هذه الأيام جيدة، فهم لايتحملون المسؤولية، غير صادقين في مشاعرهم. لديهم علاقات كثيرة مع الفتيات. كل شيء متوفر لذلك يعزفون عن الزواج. الرسالة تبدأ بالتربية في الأسرة والجامعة ومؤسسات رعاية الشباب لإنشاء جيل واع يتحمل المسؤولية ويقدر معنى الزواج والأسرة. العنوسة عند الفتاة بعد ال30.
الآباء متهمون بتأخير زواج أبنائهم سواء لأسباب التعليم، أو حتى من أجل تزويجهم بالشكل اللائق، تقليدا للآخرين في المغالاة بمتطلبات الزواج. سامي الخياط/55 عاما. قال: الدراسة شيء مهم، يجب أن يكمل أبنائي دراستهم أولا. الشاب عليه أن يعمل ويبني نفسه قليلا، خاصة إذا لم يكن باستطاعة أهله مساعدته. الفتاة تتزوج عندما يأتي نصيبها مع رجل يستطيع توفير حياة كريمة لها. أيام زمان كان الأبناء يسكنون عند أهلهم. الآن الحياة مختلفة والعوائق المادية كبيرة، هذا مايسبب تأخر الزواج. العنوسة للفتاة بعد سن ال30، رغم زواج بعضهن بعد هذا العمر إلا أنه ليس قاعدة. أما الرجل فعمره ليس مهما حيث يستطيع الزواج متى شاء.
العزوبية في ارتفاع
في دراسة أجرتها جمعية العفاف الخيرية اتضح أن هناك ارتفاعا في نسبة العزوبة لمختلف فئات الأعمار، ارتفعت نسبة الإناث العازبات في الأعمار 15 سنة فأكثر من 25,5% عام 1979 إلى 38,3%سنة 2000، ووصلت إلى 40,0% سنة 2004، في حين ارتفعت هذه النسبة لدى الذكور في الأعمار 15 سنة فأكثر من 38,3 % عام 1979 إلى 48,1% عام 2000، ووصلت إلى 49,7% سنة 2004.
دور الشباب ومسؤوليتهم
مفيد سرحان/ مدير جمعية العفاف، أشار إلى أن العنوسة لفظ يطلق على المرأة والرجل على حد سواء، التركيز في المصطلح على المرأة هو لاعتبارات اجتماعية. قال: يتم التركيز على الفتاة في هذه المسالة بسبب ارتباط عمر المرأة بقدرتها على الإنجاب، كلما تقدمت بالسن تقل إحتمالية الإنجاب، والتعرض للأمراض يزيد. السبب الآخر اجتماعي حيث النظرة للمرأة من ناحية جمالية وصغر السن. يرتبط ذلك بالصحة وتقدمها بالعمر والهرم قبل الرجل. أيضا الرجل هو من يتقدم للزواج عندما يقرر ذلك وليس العكس، وإذا حدثت المرأة نفسها بالزواج فليس بيدها شيء، هي ليست صاحبة القرار. أما لقب عانس/ بعد تجاوز المرأة سن ال30 / فهو ليس حكما شخصيا، إنما هي نظرة المجتمع والرجل لذلك.
تحدث سرحان عن دور الشباب ومسؤوليتهم في تأخر الزواج. قال: لو أصبح لديهم الجرأة الكافية لتجاوزوا المشكلة. الشباب بحاجة للوعي والقوة لتخطي أفكار المجتمع السلبية. هناك أسباب تتعلق بالفتاة في تأخر سن الزواج، منها اشتراط الفتيات لمواصفات معينة بالرجل وهو من حقها، لكن شروطها أصبحت متأثرة بالمسلسلات وقصص فارس الأحلام، حيث تتضمن الشكل والوظيفة والوضع المادي والعائلي. بعض الفتيات يرفضن الكثير من الفرص لهذه الأسباب. أيضا رغبة الفتاة بالعمل الذي يكون على حساب الزواج حيث تنسى نفسها في أجواء العمل والصديقات والحرية . الكثير من العاملات في المؤسسات غير متزوجات وهذه ظاهرة منظورة. أسباب أخرى تتعلق بالأسرة. بعض الفتيات يرفضن الزواج للاعتناء بالوالدين وهذه نظرة بحاجة للتصحيح فالفتاة لاتعيش وحدها بعد وفاة والديها بل تذهب إلى بيوت الأخوة ويسبب ذلك الكثير من المشاكل مع زوجاتهم. فتيات أخريات يردن الزواج من شاب معين، إذا تم رفضه تعزف عن الزواج. الكثيرات يركزن على النواحي المادية وشعورهن بأن الزواج قيد لهن علما بأن الزواج للمراة والرجل ليس قيدا وإنما تنظيم حياة جديدة فيها العديد من المسؤوليات. إذا المسؤولية هي القيد الذي يفترض أن يكون قيدا محببا للنفس كما هي الإشارة الضوئية... قيد للسائق لكنها تنظم السير وتمنع الحوادث. أيضا تتأثر بعض الفتيات بتجارب فاشلة في زواج من حولها، مثال طلاق الوالدين حيث تتألم نفسيا وتعزف عن الزواج.
أما الأسباب التي تتعلق بالشاب كما قال سرحان فهي اشتراط الشاب لمواصفات جمالية معينة مثالية وحتى خيالية بالإضافة لمستوى علمي معين ووظيفة جيدة وسن صغيرة. هنا نلحظ التناقض فالدراسة والوظيفة ياخذان من عمر الفتاة ولذلك يجب أن لاتصبح الطلبات عائقا أمام الزواج. كذلك عدم رغبة بعض الشباب في تحمل المسؤولية، والشعور بأن الزواج سيكلفه بمتطلبات قد لايستطيع الوفاء بها. وعموما فإن النواحي الإقتصادية هي النقطة الاساسية التي تشغل الشاب إذ يواجه غلاء المعيشة والبطالة وتدني مستوى الدخل وارتفاع تكاليف الزواج، وكل هذا يؤثرفي نفس الشاب ويجعله يعزف عن الزواج.
لكن الشاب والفتاة ليسا المسؤولين الوحيدين عن تأخر الزواج. سرحان وضع جزءا من المسؤولية على عاتق الأهل. قال: عادات وتقاليد بعض الاسر مثل عدم تزويج الصغرى قبل الكبرى حتى لايؤثر ذلك على نفسيتها، وهم بذلك يقفون عائقا أمام ابنتهم. كذلك عدم تزويج الأقارب، العلاقات الإجتماعية الضعيفة فلايدري أحد بوجود فتاة في العائلة في سن الزواج. أيضا إذا كانت الأسرة فيها حالات طلاق أو مشاكل اجتماعية أو الوالدة قوية غير سهلة في التعامل فإن الناس ينظرون إليهم نظرة سلبية ولا يتم النسب.
لم يغلق سرحان الباب على هذه المشلكة إنما تقدم بحلول تساعد على الحد من هذه الظاهرة. قال: الوعي بأهمية الزواج وبناء الأسرة هي أحد الحلول للعنوسة التي لابد أن يشارك فيها عدة جهات مثل وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الشبابية والمنظمات النسائية. وهؤلاء يتوجب عليهم العمل لتيسير سبل الزواج من خلال تقليل المهور وتكاليف الزواج. أيضا بناء القدوة الحسنة والنماذج الإيجابية من الشخصيات الاجتماعية والقيادت المختلفة. ولاننسى دور الإعلام بإبراز مثل هذه النماذج . من الحلول أيضا دعم المؤسسات المعنية بالزواج والأعراس الجماعية باعتبارها وسيلة عملية لتقليل التكاليف وكذلك التوسع في تقديم القروض الحسنة للمقبلين على الزواج. ومن الممكن أيضا أن تقوم كل مؤسسة بمساعدة موظفيها على الزواج عن طريق المنح أو القروض. كما ينبغي إحياء التكافؤ الاجتماعي بين أفراد المجتمع بتقديم العون والهدايا النافعة للمتزوجين. وإيجاد مشاريع سكنية للمقبلين على الزواج من ذوي الدخل المحدود، وهذه تحتاج لتعاون من القطاع الحكومي والخاص. أخيرا التوسع في تقديم أموال الزكاة وإنشاء صناديق للزواج داخل العائلات والعشائر.
الزواج المبكر...صحة
من ناحيته د. نعيم شلتوني/طبيب نسائية، تحدث عن أهمية الزواج المبكر، قائلا: سن الإخصاب عند المرأة له أوقات. أنسب عمر هو من 18-24 عاما، في هذا العمريكون الإخصاب عاليا عند المرأة صحيحة الجسم حيث تصل النسبة إلى 70%. بعد سن ال30 تنخفض نسبة الإخصاب إلى 30% لتصل إلى 15% بعد ال40 عاما. من هذا المنطلق أشجع على الزواج في أوائل العشرينات من العمر. ومعروف أن نواح عديدة تؤثر سلبا على الإخصاب منها العوامل النفسية التي ترتبط بضغوطات الحياة سواء المادية أو حتى ظروف العمل والأسرة.
أضاف د.شلتوني: الحمل يكون أسهل كلما كانت المرأة أصغر سنا. وهو يؤثر على فسيولوجيةالجسم، من كبد ومفاصل ومشاكل الكلى..ألخ. كلما تقدمت المرأة في العمر تزيد عندها الأمراض من ضغط الدم واضطراب الجهاز الهضمي وغيره. أيضا بعد سن ال40 تزيد نسبة التشوهات الخلقية، كذلك فإن تعرض المرأة لضغوطات الحمل والأمراض في أثناء الحمل يؤثر على مستوى ذكاء الطفل، إلى جانب تقدم العمر.
نظرة الإسلام لأهمية الزواج ودعوته لتيسيره
قال د. أحمد عوايشة عن ذلك: شرع الله الزواج لحكم عديدة منها تكوين أسرة مؤمنة توحد الله وتؤمن به. تكثير النسل البشري غاية مطلوبة فطر الله العباد عليها . ومن الحكم أيضا تلبية الغرائز الإنسانية بالطرق المشروعة. فالإنسان يلمس حكم الزواج في واقع الحياة أينما اتجه. الشريعة سهلت السبل أمام الزواج، وأغلقت جميع الأبواب التي تدعو للفساد، دعت أولياء الأمور إلى تيسير الزواج سواء المهور أو متعلقاتها. المشكلة التي نعاني منها اليوم هي متعلقات المهور والتي بنتيجتها تقع بناتنا ضحية العنوسة. أما الشاب فإنه عندما تقفل أمامه أبواب الزواج باصطدامه بغلاء المهور للتباهي والتفاخر أمام الناس فإنه يلجأ إما للزواج من الأجنبيات أو إلى الحرام لمن لايخاف الله. نحن ندعو دوما وفي كل المجالس لتخفيف أعباء الزواج على الشباب آملين أن تلقى دعوتنا استجابة.
ماهو سن العنوسة ؟ 25 أو 30 أو 40 سنة - بقلم مريم ريان
12:00 18-8-2005
آخر تعديل :
الخميس