#Alrai_LB_01_HomePage_full_ad { width: 728px; height: 90px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:0 auto; @media screen and (max-width:768px){ #Alrai_LB_01_HomePage_full_ad{ display: none } } }
#Alrai_LB_01_HomePage_full_ad { width: 728px; height: 90px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:0 auto; @media screen and (max-width:768px){ #Alrai_LB_01_HomePage_full_ad{ display: none } } }

الفلسفة فـي الأردن - واقع وأمنيات

تاريخ النشر : الجمعة 12:00 24-6-2005

د.أحمد ماضي - قد يثير هذا العنوان تساؤلات كثير من المواطنين، وربما الكثرة منهم، والتساؤل،  بصيغ  مختلفة، هو : هل صاحب هذا العنوان جاد في ذلك؟ هل ثمة فلسفة في بلادنا ؟ هل بلغت الفلسفة مرتبة تستحق الكلام عليها،  وتسليط الضوء عليها؟ أم أنها لا تزال في بداياتها، في طور الجنين لا أكثر؟ من حق هؤلاء المواطنين أن يثيرهم العنوان، ويدفعهم إلى تساؤلات بشأن حال الفلسفة في الأردن. هذا إذا كانوا معنيين بذلك.
لا بد، بادىء ذي بدء، من الاعتراف بأن دائرة الفلسفة ضيقة للغاية.وسيتضح لاحقا، ما أعنيه بهذا النعت. ولكن، قبل ذلك، من الأهمية بمكان، في نظري، التمييز بين الفلسفة بالمعنى الفني المتخصص للكلمة، من جهة، والفلسفة بالمعنى الشعبي لها، من جهة أخرى. وثمة من يميز بين الفلسفة المذهبية والفلسفة الشعبية. ومهما يكن الأمر، فإن هناك مستويين، على الأقل، هما الفلسفة بالمعنى الأول، والفلسفة بالمعنى الثاني.
أما الفلسفة، بالمعنى الأول، فهي، برأيي، نسق أو منظومة من الأفكار العامة التي تتناول الكون والمجتمع والانسان. انها نسق من المقولات والمفاهيم العامة جدا. انها نشاط عقلي واع «يحاول به الناس كشف طبيعة الفكر، وطبيعة الواقع، ومعنى التجربة الانسانية» كما يقول هنتر مـيد. ( الفلسفة أنواعها ومشكلاتها، ص 18).
انها صورة من صور الوعي الاجتماعي أو شكل من أشكاله.وبالنظر إلى الاختلاف، وتنوع حدود (تعريفات) الفلسفة، فثمة فلاسفة ومعنيون بها يقولون بعدم وجود فلسفة واحدة، مؤكدين وجود فلسفات . ولا شك في ذلك. بيد أن ثمة قواسم أو خصائص مشتركة بين هذه الفلسفات، وأحيانا يتعذر توافر خصائص كهذه. وهذه الفلسفات تتباين وتتصارع منذ نشوء الفلسفة لدى الإغريق، أقول ذلك بمقتضى الرأي الشائع لدى مؤرخي الفلسفة، الرأي الذي يناقش ويشكك في صحته منذ قديم الزمان. وفي الأعوام الأخيرة، قوي الرأي الذي يذهب أصحابه إلى أن الفلسفة الإغريقية تأثرت بفلسفات الآخرين، ويعنون، في المقام الأول، المصريين والفينيقيين . وهناك من يذهب أبعد من ذلك، فيقول إن الفلسفة اليونانية هي فلسفة مصرية مسروقة. وثمة كتاب عنوانه: التراث المسروق - الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية  مسروقة، وهو من تأليف : جورج جي. ام.جيمس. ويؤكد هذا المؤلف إضافة إلى جزمه بالسرقة، أن«مصطلح الفلسفة اليونانية أو الإغريقية هو تسمية خاطئة، حيث لا وجود لفلسفة لها هذه الخصوصية» (المرجع السابق، ص 17).
أكتفي بهذا القدر، لأن الأمر يعني المتخصصين أولا. ولئن صح أن ثمة فلسفة إغريقية، وكانت أول فلسفة ترى النور، فإنها كانت أكثر من فلسفة، أعني أن مضامينها وأشكالها مختلفة.
ما تقدم من كلام لا يعني كثيرا من الناس. ما قد يعني الأشخاص الذين لا يعرفون ما الفلسفة، هو معناها أولا، وقبل كل شيء.
الفلسفة في أصلها الإغريقي، هي فيلوصوفيا.وتترجم إلى اللغة العربية ب «محبة الحكمة» أو إيثارها أو صداقتها . وقد ميز الفلاسفة الأوائل، وأخص بالذكر سقراط وأفلاطون، بين الحكمة، من ناحية، ومحبتها، من ناحية أخرى. وبغض النظر عن دلالات الحكمة، قبل ظهور فيلوصوفيا وبعدها، فإن السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن، ونحن بصدد الكلام على الفلسفة في الأردن، أو في حياتنا، هو: ما عدد الأشخاص في مجتمعنا الذين يحبون الحكمة، ويسعون إليها أو يعنون بها؟
والجواب عندي أن معظم الناس يكتفون بما يمكنهم أو يساعدهم على مواجهة الحاجات العملية للحياة، متطلباتها، وقلة من هؤلاء لا يكتفي بذلك . والواقع ان كثرة من الناس لا تزال مفتقرة إلى ذلك الحد من الاكتفاء الذاتي الذي يمكنها من التفرغ للاشتغال بالنظر، والسعي بحق وحقيق، إلى الحكمة.
ولا شك عندي في أن الخطوة الأولى في سبيل توجيه الإنسان نحو الإهتمام بالحكمة، تتمثل في تحريره من عبودية المادة، وتخليصه من قبضة الإهتمام بضرورات الحياة اليومية، والمطالب الحياتية.
أقول في ضوء ما تقدم، لئن وجدنا قلة من المحبين للحكمة، فمن الصعوبة بمكان أن نجد حكماء نظر وعمل في آن.يقول ديكارت إن «حضارة الأمة وثقافة الأمة إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيــين» ( عبدالسلام بنعبد العالي ومحمد سبيلا، إعداد وترجمة، التفكير الفلسفي، ص33).ويردف ديكارت قائلا إن أهم جزء في الناس هو الذهن. لذلك يجب عليهم أن يجعلوا «طلب الحكمة همهم الأكبر، لأن الحكمة هي القوت الصحيح للعقول » ( المرجع السابق، الصفحة نفسها).
ويؤكد رسل أن حاجات العقول «لا تقل في أهميتها على الأقل عن حاجات البدن». ويرى كانط ان الفلسفة هي،  بالمعنى الكوني، «مدرسة للحكمة»، أي «تشريع للعقل»(المرجع السابق، ص39). إنها مثال الحكمة الكاملة التي تعين الغايات الأخيرة للعقل البشري (المرجع السابق، الصفحة نفسها). والحكمة لا تستغني البتة، برأيه، عن العلم. وبنظري لا تستغني عن كثرة من صور الوعي الاجتماعي. زد على ذلك انها ينبغي أن تكون وثيقة الصلة بالعمل، والسلوك. والحق ان معاني الحكمة ودلالاتها تباينت لدى الفلاسفة، خاصة، والناس، عامة.ويمكن التمييز، على الأقل، بين الحكمة النظرية، والحكمة العملية، أعني الحكمة في مجال النظر، والحكمة في مجال العمل أو الممارسة . وربما تعذر وجود شخص تنطبق عليه الأحكام التي أصدرها أرسطو على الحكيم. فقد تصوره،» قبل كل شيء كما لو كان حصل على معرفة الأشياء جميعها في حدود المستطاع «، ثم تصوره بعد ذلك  على انه قادر على معرفة الأمور العويصة التي لا تبلغها المعرفة الانسانية إلا بصعوبة شديدة». ( المرجع السابق، ص 31). ويزيد قائلا إن الذي «يعرف المبادىء والعلل معرفة أكثر ضبطا، والذي تكون له القدرة على تعليمها' يكون أكثر حكمة من غيره (المرجع السابق، ص32). ويستطرد أرسطو في تناول المواصفات التي يتعين أن تتوافر في الأشخاص الحكماء او الأكثر حكمة من غيرهم.ومهما يكن من أمر، فإن الحكمة مرتبة يمكن بلوغها، إذا ما فهمت بصورة نسبية، وفي سياق زمني تاريخي محدد.
أعود إلى الفلسفة بالمعنى الشعبي للكلمة، أو التفلسف برأيي، لأقول إن كل واحد منا، مهما استبدت به ضرورات الحياة اليومية، يتفلسف، أحيــانا، أعني في لحظات محددة، وحالات معينة. وكما لاحظ أرسطو وغيره من الفلاسفة، وأيضا من هم ليسوا بفلاسفة، لاحظ اننا أردنا ذلك أو لم نرد «لا بد لنا جميعا من التفلسف» ( هنترميد، الفلسفة أنواعها ومشكلاتها، ص 9). بعبارة أخرى أكثر تفصيلا وتحديدا أيضا : ليس في وسع أحد أن «يتأمل تجربته الخاصة، ويصل إلى أية نتائج، حتى لو كانت مفتقرة تماما إلى الدقة، عن العالم، أو الحياة، أو طبيعة الوجود ومعناه، دون أن يكون قد أقحم في تفكيره ( ضمنيا على الأقل)، مذهبا ميتافيزيقيا كاملا» ( المرجع السابق، الصفحة نفسها).
هل نخلص مما تقدم، إلى أن كل واحد منا هو مشروع فيلسوف، مشروع «محب للحكمة»، أو فيلسوف «محب للحكمة» في طور الجنين ؟ الجواب عندي نعم، رغم أن طائفة من الناس تنكر ذلك تمام الإنكار، ولا تعي أن تجاهل الفلسفة، برأي أرسطو، «لا يصدر إلا عن فلسفة تجهل انها فلســــفة!» ( نقلا عن :  د.عبدالغفار مكاوي، لم الفلسفة؟، ص 37).
إذن للفلسفة في طور الجنين مكانة في حياة كل واحد منا. أما إذا أراد هذا أو ذاك من البشر أن يفكر منطقيا،وبعمق،فليس بوسعه أن يقوم بذلك، إلا إذا كانت الفلسفة لديه كائنا مكتمل النضوج إلى حد معين.
والسؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان هو:
ما دور الفلسفة في مجالات الفكر،والسياسة،والتنظيم الاجتماعي،والاقتصاد،
والتربية والتعليم،والأدب والنقد،وغير ذلك من المجالات.
 إن الجواب الذي أسارع به هو أن دورها شبه غائب أو مغيب عن معظم المجالات المذكورة.
وقد يفسر هذا الغياب أو التغييب بأن الفلسفة في نظر السواد الأعظم من أفراد مجتمعنا تعني لغو الحديث . وليس نادرا أن نسمع ما يلي: بلاش فلسفة !لا تتفلسف !وثمة طائفة من الناس تعتقد ان الفلسفة تعقيد لما هو واضح تمام الوضوح، وليست توضيحا لما هو معقد . وهناك أناس يعتقدون أن الفلسفة كفر وإلحاد، أو انها يمكن أن تفضي إلى ذلك، الأمر الذي يجعلها موضع شبهات، ومثار ريبة لدى الجماهير. ولا نعدم أناسا يشككون في قيمتها، ويرون أنها تعنى بمسائل لا طائل فيها. وفي اعتقاد رسل ان «الكثير من الناس تحت تأثير العلم والشؤون العملية يجنحون إلى الشك في الفلسفة ويسألون أهي أكثر من دراسات تافهة عقيمة على براءتها، وتحديدات محيرة مربكة ومناظرات حول أمور من المستحيل الوصول إلى معرفتهــا؟».( عبدالسلام بنعبدالعالي، ومحمد سبيلا، مرجع سابق، ص58).
ولكي أزيد حال الفلسفة في الأردن إيضاحا، أقول إن عدد الجامعات الرسمية والأهلية كبير، وهو في ازدياد أيضا . ورغم ذلك، فإن ثمة قسما واحدا يعنى بالفلسفة، من حيث الاختصاص .وهذا القسم موجود في الجامعة الأردنية . وقد أنشىء عند تأسيسها عام 1962، ولا يزال قائما، رغم محاولة رئيس سابق للجامعة ذي ميول محافظة اغلاقه. وقد قام بالتدريس فيه لسنوات طوال، زملاء من الجامعات العربية، وأخص بالذكر جامعتي القاهرة ودمشق .وفي الوقت الراهن، ومنذ أمد بعيد، يقوم بالتدريس فيه أعضاء من الأردن حسب . وعندما عينت،  في القسم، في العام الدراسي  1970/1971، كان عدد طلاب السنة الرابعة النهائية لا يزيد عن  عدد أصابع اليدين. ولما اتخذ القرار الذي قضى بعدم تدريس الفلسفة في مدارس المملكة، امتنع الطلاب الملتحقون بالجامعة الأردنية عن اختيار الفلسفة اختصاصا لهم، على اعتبار أن التعليم في المدارس يمثل فرصة العمل الأولى بعد تخرجهم . وكما حاول الرئيس المذكور أعلاه إغلاق قسم الفلسفة،  كان تمكن عندما كان مسؤولا كبيرا في وزارة التربية والتعليم، وبالتعاون مع موظفي قسم المناهج، من الغاء تدريس الفلسفة.
هل نخلص مما تقدم إلى أن الاتجاه المحافظ هو الذي كان وراء ما آلت اليه الفلسفة في التعليم المدرسي، ثم في التعليم الجامعي فيما بعد؟
لا شك في أن الجواب هو نعم.
إن أنصار هذا الاتجاه، يتخذون موقفا يتسم بالتشكيك، على الأقل، في معتقدات أعضاء قسم الفلسفة، ولذلك يقومون بتدريس بعض المواد الفلسفية، ويرفضون قيام قسم الفلسفة بتدريسها بذريعة أنهم يدرسونها من منظور «إسلامي» . وقد بذلت أكثر من محاولة لرد الأمور إلى نصابها، أعني أن يقوم قسم الاختصاص بتدريس مواده . بيد أن ذلك باء بالفشل، حتى ان إقتراحا «توفيقيا» كنت قد قدمته قبل سنوات عديدة، مفاده أن تدرس المواد الفلسفية في كلية الشريعة من قبل اثنين من أعضاء هيئة التدريس، أحدهما من قسم الفلسفة، والثاني من الكليـة المذكــورة، باء بالفشل أيضا.
ان السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان هو : من المرجع، أو ما مرجعية هذا الاتجاه؟.
في اعتقادي الراسخ أن الراحل سيد قطب هو المرجع الأول، ولا نعدم مراجع أخرى أيضا . انه يناصب الفلسفة العداء، ولا يكتفي بتوجيه ضروب النقد إلى الفلسفة الغربية وحسب، بل يتصدى بالنقد لكل من علم الكلام والفلسفة الاسلامية كذلك. يقول قطب ان «الفلسفة الاسلامية » ـ كما سميت ـ ومعها مباحث علم الكلام «غريبة غربة كاملة على الاسلام وطبيعته، وحقيقته، ومنهجه، وأسلوبه!» ( سيد قطب، خصائص التصور الاسلامي ومقوماته، ص 11).
وفي ضوء ما تقدم لن يستغرب، ولن يستهجن، الرأي الذي يتبناه قطب، والذي مفاده أن التصور الاسلامي «لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ ، إلا حين نلقي عنه جملة بكل ما أطلق عليه اسم » الفلسفة الاسلامية». وبكل مباحث «علم الكلام»...'(المرجع السابق، الصفحة نفسها).
صفوة القول : ان «فلاسفة الاسلام» جميعهم دون استثناء مرفوضون من قبله، بل هم أعداء الاسلام.
هذا الموقف المتشدد جدا الذي اتخذه سيد قطب هو الذي يقف وراء الاتجاه الذي يتصدى أنصاره للفلسفة في الأردن.
وجراء ما آلت اليه الفلسفة في التعليم المدرسي، وفي التعليم الجامعي، لم تخرج الجامعة الأردنية متخصصين في الفلسفة بدرجة البكالوريوس منذ عقود.وعندما تقرر قبول الطلبة في أقسام الكليات، منذ سنوات قليلة، اضطرت طائفة من الطلبة إلى الالتحاق بقسم الفلسفة . وها هم الطلبة الذين حققوا متطلبات نيل درجة البكالوريوس سيتخرجون قريبا. والواقع أن جلهم يفكر مليا في العمل الذي يمكن أن ينهض به، نظرا لأن الفلسفة لا تدرس في المدارس من جهة، ومن جهة أخرى، يعتقد أن فرصة العمل الأولى هي في التعليم المدرسي . والحق ان خريج الفلسفة يصلح، بجدارة، للعمل في مجالات عديدة، أخص بالذكر تلك التي تعنى بالشأن الثقافي، الأمر الذي يعني أن فرص العمل أمامه كثيرة، والمؤسسات التي تحتاج اليه عديدة، أذكر على سبيل المثال لا الحصر: مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، وزارة الثقافة، المجلات والصحف..الخ.
هل نخلص، مما سبق، إلى أن حال الفلسفة في التعليم المدرسي لا يسر البال؟
لا ريب في ذلك. أما التعليم في كليات المجتمع، فانه يخلو من أي مادة فلسفية . وفيما يتصل بالمراكز والمنتديات والجمعيات والملتقيات والروابط التي تعنى بالشأن الثقافي، فإن «حظ» الفلسفة في فعالياتها متعثر للغاية، بل أستطيع القول ان الفلسفة غير «محظوظة» البتة . أما الدوريات التي تصدر في الأردن، فمن النادر أن تنشر مقالات فلسفية مؤلفة أو مترجمة.
أعود إلى قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية، لأقول إنه أدى دورا مهما طوال سنوات عديدة في تخريج فئتين من الطلبة، هما: فئة حملة شهادة دبلوم الدراسات العليا، وفئة الطلبة الذين تخصصوا، فرعيا، في الفلسفة.بيد أن شهادة الدبلوم، وأيضا التخصص الفرعي قد ألغيا منذ سنوات عديدة. وقد كان خريجو الدبلوم والتخصص الفرعي هم المصدر الرئيس لبرنامج الماجستيرفي الفلسفة. وها هي سنوات قدانقضت ولم يتمكن القسم من تفعيل برنامج الماجستير، جراء عدم توافر عدد كاف من الطلبة الراغبين في الالتحاق به.
أما برنامج الدكتوراه، فإنه قيد النظر، وربما الإقرار، وقد حال غيابه دون تمكين طائفة من حملة الماجستير من نيل درجة الدكتوراه، هنا، في الجامعة الأردنية، مما اضطرهم الى نيلها من جامعات عربية شقيقة.
والحق ان ثمة رضا عن دور القسم فيما يتصل بما يسمى «متطلبات الجامعة»، نظرا لأن أحدا من أقسام الجامعة لا يدرس ثلاثة متطلبات، سوى قسم الفلسفة . وتوجد مواد قليلة جدا لا يعتد بها، متضمنة في الخطط الدراسية لبعض أقسام الجامعة.
وربما سائل يسأل : هل حال الفلسفة في الأردن أسوأ من حالها في الأقطار العربية الأخرى؟
ان الجواب عندي ان حالها أسوأ بكثير، ولا يقارن، بأي وجه من الوجوه، بما هي عليه  في كثرة من هذه الأقطار. أذكر على سبيل المثال لا الحصر الأقطار الآتية: جمهورية مصر العربية، والجمهورية العربية السورية، والجمهورية اللبنانية، والعراق..الخ.
ورغم ذلك فإن عمان هي مقر الجمعية الفلسفية العربية التي سعينا بجد ودأب إلى تأسيسها. وقد عقدت الجمعية المذكورة عدة مؤتمرات وندوتين، وعملت على اصدار مجلة علمية محكمة في مجال الفلسفة.بيد أن حالها متعثر للغاية جراء شح المال،  بل انعدامه، في المقام الأول. وقد حاولت الجمعية على سبيل المثال لا الحصر، أن تؤدي دورا، عندما كانت عمان عاصمة للثقافة العربية، وذلك بعقد مؤتمرها السادس الذي تقرر أن يكون محوره «الفلسفة والسلطة»، الا ان الجهات المعنية لم توافق على دعم انعقاده، على الرغم من انها دعمت، بقدر من السخاء، فعاليات محلية، بعضها لم يرتق الى المستوى المطلوب. ولو عقد المؤتمر المذكور، لكــان المــؤتمر العــربي الوحــيد بين الفعاليات المحلية.
وأزيد قائلا ان ثمة جمعية فلسفية أردنية تبذل قصارى الجهد من أجل تنوير الناس،  وذلك بعقد الندوات والقاء المحاضرات . وألحظ أن عنايتها بالفكر أولا. ومما يؤسف له أن الجمعية بلا مقر، ولم تتمكن، حتى اللحظة، من أداء دورها، كما يحلو لأعضائها، ولا شك في أن شحّ المال هو السبب الأول.
ولعل من المفيد في سياق الكلام على الفلسفة في الأردن أن نسأل : ماذا لو كان عنوان المقال : العلم في الأردن أو الفنون في حياتنا؟ أو الثقافة في بلدنا؟ هل حال العلم، أو وضعية الفنون، أو مكانة الثقافة ( الفنون جزء لا يتجزأ من الثقافة) أفضل بكثير من مكانة الفلسفة في الأردن؟
لن أدلي بدلوي. هناك أشخاص أقدر مني على الإدلاء بدلائهم فيما يتصل بالعلم والفنون.
اننا مدعوون إلى تنمية روح النقد لدى الجميع، لا سيما النشء الجديد، والى غرس أسس التفكير النقدي في نفوسهم، ومقومات النهوض بقدرتهم على التحليل والتركيب ..الخ، ولا شك في أن الفلسفة يمكن أن تؤدي دورا مهما في هذا المجال.
ان الفلسفة يمكن أن تفضي الى تعزيز الايمان بالعقل.ونحن أحوج ما نكون إلى النهوض بالعقلانية التي تعاني الأمرين، وذلك ليتمكن أنصارها من الوقوف في وجه النزعات العاطفية المتطرفة، والاتجاهات الوجدانية الهوجاء، وأساليب التفكير الخرافي، واللامعقول في حياتنا.ومن المؤكد أن الفلسفة الحقة عامل رئيس من العوامل التي تساعد على اكتساب العقلية النقدية، والتفكير المنهجي، والقدرة على التحليل والتركيب والاستنتاج . وقد يكون مفيدا أن أذكر ما قاله رسل في قيمة الفلسفة . تدرس الفلسفة ليس من أجل أية أجوبة محددة بما تثير من مسائل، ذلك لأنه لا توجد عادة مثل هذه الأجوبة المحددة، التي يمكن التحقق من صدقها، بل من أجل تلك المشاكل نفسها، لأن هذه المسائل توسع من تصورنا لما هو ممكن وتزيد من ثروة الخيال الفكري فينا ثم هي تنقص من الدعوى الفارغة باليقين الذي تحول بين العقل وبين التأمل والتدبر.فالفلسفة تدرس أولا، لأن العقل بما يتأمله عن طريق الفلسفة من عظمة الكون، يعود عظيما ويصبح قادرا على الاتحاد بالكون الذي هو أعلى ما يرمي اليه من ضروب الخير' (التفكير الفلسفي، مرجع سابق، ص 62-63).
ويحضرني، في هذا السياق، ما قاله البرت اشفيتسر الطبيب الجراح، أحد فلاسفة الحضارة، وهو أن المهمة الكبرى للفلسفة هي أن تكون دليلا للعقل العام وحارسا. زد على ذلك ان الفلسفة ضرورة عند  بناء أي حضارة أو مجتمع. واذا كان الانسان أثمن قيمة، وهو، برأيي، كذلك، فان الفلسفة التي تستند إليها الحضارة أو المجتمع، يتعين أن تكون إنسية. واذا نظرنا فيما هو كائن، الآن، في العالم، فاننا مدعوون الى العمل من أجل قيام حضارة تحقق للانسان حريته وكرامته وسعادته..وهذه القيم وغيرها هي قيم فلسفية، في الأصل، الأمر الذي يحتم الاتكاء على فلسفة تساعد في توجيه البشر نحو بناء مجتمع إنسي. أقول ذلك، وأشدد عليه، آخذا بعين الاعتبار هيمنة العولمة المتوحشة، من جهة، والنضال من أجل عولمة إنسية، ان جاز التعبير، من جهة أخرى.
وقد يظن القارىء أنني ابتعدت عن الموضوع . لا لم أبتعد، ذلك لأن الفلسفة عامة.وعموميتها لا تقف حائلا دون الاسترشاد بها في الشأن الوطني أو القومي.
وأختم قائلا حتى لا يظن أحد بأنني أبالغ في الدور الذي يمكن أن تؤديه الفلسفة في مجتمعنا، إن الفلسفة على أهميتها، ليست الحل، كما يذهب أناس الى أن الديمقراطية هي الحل، أو الاسلام هو الحل أو الاشتراكية هي الحل، او اقتصاد السوق هو الحل.
ان الفلسفة مرشد عام، لا أكثر ولا أقل. وكل انسان في العالم، بغض النظر عن الزمان والمكان، يحتاج الى بوصلة في حياته، وهذه البوصلة هي الفلسفة.
المراجع:
1 . عبدالسلام بنعبد العالي ومحمد سبيلا (إعداد وترجمة)، التفكير الفلسفي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، .1991
2 . هنتر ميد، الفلسفة أنواعها ومشكلاتها، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، 1969 (ترجمة : د.فؤاد زكريا).
3 . د. عبدالغفار مكاوي، لم الفلسفة ؟ منشأة المعارف، الاسكندرية، 1981 .
4 . جورج جي. ام.جيمس، التراث المسروق الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1996( ترجمة: شوقي جلال).

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
#Alrai_LB_01_HomePage_2 { width: 300px; height: 250px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:23px auto; } #widget_1895 #Alrai_MPU_01{ margin-top:42px;}
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#Alrai_LB_01_HomePage_2 { width: 300px; height: 250px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:23px auto; } #widget_1895 #Alrai_MPU_01{ margin-top:42px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}