عمان- منال القبلاوي - تنازلت(زاهية ) عن حقها المالي في المهر المؤجل بعد موت زوجها لتجنب استهجان وتعليقات المحيطين بها خاصة من أبناء زوجها في ظل الدارج من أعراف وعادات المجتمع الداعية لسكوت المرأة وتنازلها عن حقوقها التي كفلها الإسلام لها في الميراث وعقد الزواج .
تقول ( زاهية ) لم يصدق أبناء زوجي ما ذكره المحامي الموكل بتوزيع الميراث من استحقاقي قيمة مهري المؤجل باعتباره دينا كغيره من الديون قبل أي توزيع آخر يجري للميراث .
وبحسب المحامي الشرعي إياد البو فان وجود ما يسمى بالمهر المؤجل في عقود الزواج والذي أقرته وكرسته الأعراف المجتمعية من باب تخفيف العبء المادي على الزوج , يرتبط في أذهان عامة الناس بوقوع الطلاق الأمر الذي اخذ معه أولياء الأمور برفع قيمة المهر المؤجل و تقليل المعجل كرادع و مانع لحدوث الطلاق .
ويتابع البو إن جهل عامة الناس بهذه المسألة مرده اعتقادهم أن المهر المعجل وحده حق للزوجة فيما المؤجل لحالات الطلاق فقط دون معرفتهم أن المؤجل يعد دينا في ذمة الزوج لا يبرأ منه إلا إذا قامت الزوجة بتبرئته منه .
ويتفق الباحث و المفكر الإسلامي د. حمدي مراد في ما ذهب إليه البو مؤكدا انه ورغم أن المهر كاملا بقسميه المعجل و المؤجل من حق المرأة إلا أن العديد من الناس يجهلون ويستهجنون هذا الحق الذي صنفه الدين الإسلامي ( دينا ممتازا ),معتبرين أن المهر المؤجل تستحقه المطلقة فقط وليس الارملة أيضا بحسب الباحث و المفكر الإسلامي د. حمدي مراد.
ويقول مراد إن وثيقة عقد الزواج تعد منظومة اجتماعية و ميثاقا غليظا كما وصفه الله عز و جل تتجلى فيه ضوابط الحقوق و الشروط بما يحقق العدالة من ضمنها المهر المؤجل الذي لا يدفعه الزوج حين العقد و إنما يؤجل تخفيفا عنه وتيسيرا للحياة الزوجية .
ويبين إن المهر المؤجل يعد دينا على الزوج تستحقه الزوجة في التاريخ الزمني المحدد و المتفق عليه بين الزوجين إذا تم توثيق ذلك في عقد الزواج ,و إلا فانه يبقى دينا مستحقا و مشروعا يستحق عند الطلاق أو الوفاة . وبحسبه فان الشرع يوجب على الزوج إذا ما وقع الطلاق أن يدفع المهر المؤجل ما لم يكن الفراق بالخلع أو طلاقا مقابل الابراء الذي يسقط معه المؤجل عن الرجل وينتهي كدين عليه.
و يتابع مراد أما في حالة الوفاة فان المهر المؤجل يعتبر دينا على الرجل من ضمن ما عليه من ديون ويعتبر استحقاقا أول دين ترتيبيا لقدمه, كما انه أحق دين للدفع لتميزه وتقدمه على باقي الديون حيث يدفع للزوجة حتى قبل توزيع الميراث .
ويعرف المحامي البو (الدين الممتاز ) بأنه الدين الذي يعطي صاحبه حق استيفاء دينه من أموال المدين جميعها ترجيحا على غيره من الدائنين .
وحول الأدلة الشرعية في هذا الإطار أشار البو إلى " وجود أكثر من دليل شرعي منها الآيات رقم (4 ، 20 ، 24 ( من سورة النساء .أما النصوص القانونية فتتمثل _بحسبه _بالمادة( 45 ) من قانون الأحوال الشخصية والتي تجيز تعجيل أو تأجيل المهر بكامله على ان يوثق ذلك في عقد الزواج , أما المادة( 46 ) من القانون نفسه فتبين انه لا يحق للزوجة عند تعيين مدة استفاء المهر المؤجل المطالبة به قبل حلول الأجل حتى لو وقع الطلاق فيما تستطيع أخذه إذا توفي الزوج حيث يسقط الأجل عندها أما إذا توفت الزوجة فان المهر المؤجل يصبح حقا للورثة يطالبون به الزوج الذي هو واحد من الورثة .
ومما يؤسف له وفقا للمفكر الإسلامي مراد تعجب واستهجان الناس وخاصة أقرباء الميت حال مطالبة زوجة المتوفى حقها في الميراث وفي المهر المؤجل تأثرا بعادات المجتمع و أعرافه الظالمة غالبا في هذه المسالة .مطالبا أبناء المجتمع العودة للدين والتخلق بأخلاقه وإعطاء المرأة حقها الذي كفله الدين بعيدا عن أعراف المجتمع .
