يعتبر نجاح تلفريك عجلون؛ الذي استقطب أكثر من 200 ألف زائر خلال عامين منذ افتتاحه في عام 2023، نموذجا ملهما لتحويل المناطق الطبيعية في الأردن إلى وجهات سياحية رئيسية، حيث ارتفع عدد زوار عجلون بنسبة 30% وفق بيانات وزارة السياحة، مما ساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال إضافة 10 ملايين دينار سنويًا،ووفر ما لا يقل عن 1000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
واستلهامًا من هذه التجربة؛ اقترح مجلس محافظة الطفيلة إنشاء تلفريك في محمية ضانا، بمشاركة تمويلية تبلغ (50%)من تكاليف التأسيس المقدرة بحوالي 10 ملايين دينار، وذلك لتحويل الطفيلة من ممر سياحي يمر منه 80% من زوارها دون إقامة، إلى وجهة سياحية رئيسية، ومستغلًا المقومات الطبيعية والتاريخية للمحافظة، التي تشمل محمية ضانا بمساحتها البالغة 292 كيلومترًا مربعًا، والتي تضم 891 نوعًا من النباتات، 250 نوعًا من الطيور، 39 نوعًا من الثدييات، إلى جانب معالم تاريخية مثل قلاع الطفيلة، السلع، الحسا، ومقام الحارث بن عمير الأزدي.
وبحسب الأرقام الرسمية؛ فإن الطفيلة تستقطب سنويًا حوالي 100 ألف زائر، لكن 80% منهم يمرون عبر المحافظة دون إقامة، حيث تؤكد أرقام الحجوزات في الفنادق والنزل تراجعًا ملحوظًا بنسبة 42% بين عامي 2023 و2024، إذ سجلت إيرادات سياحية 1.6 مليون دينار عام 2023، انخفضت إلى 925 ألف دينار عام 2024، نتيجة إقامة 25% فقط من الزوار، بمتوسط إنفاق 50 دينارًا للسائح، وفق بيانات جمعتها وحلّلتها "الرأي"، حيث يؤكد أصحاب فنادق في المحافظة، أن الحجوزات لم تتجاوز 1000 سائح سنويًا العام الماضي، مع إلغاء مئات الحجوزات عبر الإنترنت، بينما يشير آخرون إلى انخفاض الحجوزات إلى عشرات فقط، مما يعكس الحاجة الملحة لمشروع مثل التلفريك لإطالة مدة إقامة الزوار، وزيادة أعداد السياح بنسبة قد تتجاوز 20-25% خلال السنوات الخمس الأولى، حيث يمكن أن يرفع التلفريك عدد الزوار إلى 150-170 ألفً زائر سنويًا، مع زيادة الإيرادات إلى 1.2-1.5 مليون دينار سنويًا، بناءً على متوسط إنفاق الزوار البالغ 50 دينارًا لكل سائح إقامة.
وسيعمل تلفريك ضانا على تعزيز جاذبية المحافظة من خلال دمج برامج سياحية مع برنامج زيارة التلفريك من خلال الإطلاع على المواقع السياحية، مثل محمية ضانا وحمامات عفرا والبربيطة العلاجية، التي تشتهر بمياهها المعدنية ذات الخصائص العلاجية، فيما يتيح استكشاف المناظر الطبيعية من ارتفاعات تصل إلى 1500 متر.
وفي الطفيلة 27 موقعًا سياحيًا،و9 فنادق، و10 مخيمات، و3 نزل، وموقعين علاجيين، وموقعين تراثيين، ومنتجعين، حيث يتوقع أن يساهم التلفريك إلى زيادة نسبة الإشغال الفندقي من 25% إلى 40-50%، مستندًا إلى تجربة عجلون، التي شهدت ارتفاعًا في الإشغال بنسبة 20%، مما يعزز الإيرادات المحلية بنسبة 25-30%، ويحفز القطاعات التجارية مثل المطاعم، والأسواق التقليدية، وخدمات النقل.
وسيشكل المشروع محركًا اقتصاديًا قويًا، حيث يساهم القطاع السياحي في الأردن بنسبة 14.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بإيرادات بلغت 5.2 مليار دينار عام 2022، وفق تقرير البنك الدولي عام 2023، ويتوقع أن يضيف تلفريك الطفيلة 8-10 ملايين دينار سنويًا إلى الاقتصاد المحلي، وذلك من خلال زيادة الطلب على المنتجات المحلية، والحرف اليدوية، والأطعمة التقليدية، كما سياهم في دعم تحسينات البنية التحتية في مختلف القطاعات، خصوصا شبكة الطرق والمطاعم والفنادق والمحال التجارية،كما سيعزز المشروع القطاع الزراعي من خلال تسويق المنتجات المحلية للزوار، حيث تشتهر الطفيلة بالزراعة التقليدية، مما يتيح فرصًا للمزارعين لتلبية احتياجات المطاعم والأسواق السياحية.
وسيقلل التلفريك من البطالة، التي بلغت 28% في الطفيلة عام 2024، مع تسجيل 4000 عاطل عن العمل ضمن كشوفات مديرية عمل الطفيلة، حيث سيساهم في توفير ما لا يقل عن 300 فرصة عمل مباشرة في قطاع التشغيل والصيانة والإدارة، وحوالي 600 فرصة عمل غير مباشرة في الخدمات السياحية، والنقل، والأسواق.
وقال رئيس مجلس محافظة الطفيلة أحمد الحوامدة إن مشروع تلفريك ضانا يمثل فرصة ذهبية لتحويل المحافظة إلى وجهة سياحية رئيسية، حيث سيربط المواقع الطبيعية والتاريخية، ويزيد أعداد الزوار بنسبة مرتفعة، مما سينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي، ويخلق أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مؤكدا التزام المجلس بتغطية 50% من تكاليف المشروع ، لضمان تنفيذه بأسرع وقت، وتحقيقا لدعم رؤية التحديث الاقتصادي.
وأضاف رئيس مؤسسة إعمار الطفيلة مصطفى العوران أن المشروع سيشكل محركًا للتنمية في الطفيلة، حيث سيبرز جمال محمية ضانا ويعزز السياحة البيئية، مما يشجع إنشاء مشاريع سياحية جديدة مثل الفنادق والمطاعم، حيث أن المؤسسة ستعمل على دعم المشروع من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وترويجية ولوجستية، لجذب الزوار والمستثمرين، وضمان استفادة المجتمع المحلي من الفرص الاقتصادية.
وأكد مالك فندق في ضانا رمزي الخصبة على أن الحجوزات في فندقه انخفضت بنسبة 42% بين 2023 و202، وذلك لأن الكثير من الزوار يمرون من المنطقة دون إقامة، والتلفريك سيغير هذا الواقع، حيث سيطيل مدة إقامة السياح، ويزيد الإشغال الفندقي، مما يرفع إيراداتنا، ويحفزنا على تحسين خدماتنا لاستقبال أعداد أكبر من الزوار.
وأشار مدير عمل الطفيلة عثمان المصري أن الطفيلة أن هذه المشاريع الإستثمارية ساهم في تقليص أعداد البطالة في المحافظة، وتشجع على تحفيز المستثمرين لتأسيس مشروعات رديفة لهذه المشاريع الكبرى مما يزيد من قدرتها الإستعابية على توفير فرص عملوبالتالي محاربة حقيقية للبطالة بين صفوف الشباب.
وقال السائح حسين قويدر "زرت محمية ضانا مرتين، لكن قلة الخدمات وصعوبة الوصول إلى المناطق الجبلية جعلتني أغادر بسرعة، وأعتقد أن التلفريك سيوفر تجربة فريدة لرؤية المناظر الطبيعية من ارتفاعات عالية، وسيشجعني على الإقامة لأيام إضافية، خاصة مع وجود حمامات عفرا والبربيطة العلاجية ومعالم تاريخية مثل قلاع الطفيلع والسلع.
وأفاد رئيس بلدية القادسية علي النعانعة بأن التلفريك سيربط وادي القادسية بمحمية ضانا، مما يسهل وصول السياح إلى مواقعنا السياحية، ويزيد الطلب على الخدمات المحلية مثل الأسواق التقليدية والمطاعم، مؤكدا على أن البلدية ستعمل على تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والخدمات اللوجستية الكفيلة بدعم هذا المشروع وتعزيزه أهدافه.
ويدعم مقترح مشروع "تلفريك ضانا" رؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025، التي تركز على تنمية المناطق الريفية، وزيادة الإيرادات السياحية، وتوفير فرص العمل، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية، وتنظيم فعاليات ثقافية، ودعم صناع المحتوى للترويج، مما يحول الطفيلة إلى وجهة سياحية تنافسية، ويضمن فوائد اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد، حيث سيقدم فرصة ذهبية للحكومة لدعم تنمية المناطق الريفية، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الشاملة، مما يجعله استثمارًا استراتيجيًا يستحق الدعم الكامل.
