أعجبتني عبارة سمّو ولي العهد الحسين بن عبد الله، التي علق بها بمناسبة عيد الاستقلال ضمن تهنئته للأردنيين بهذه المناسبة العزيزة (دام عزك ياوطن)
وتأتي ذكرى يوم الاستقلال الذي مضى عليه 80 عاماً، منذ عام 1946، أي ثمانية عقود، والذين ولدوا في يوم الاستقلال في 25/ 5/ 2025، أعمارهم الان ثمانون سنة وهو عمر مديد.
ويدخل الأردن حاملاً استقلاله عبر مئويته الثانية وهو أشد عزيمة وإصرارا على المضي في مسيرته لتحقيق أهدافه، وقد اكتسب الخبرة والمعرفة وراكم الإنجاز وواجه التحديات وحول كثيرا منها الى فرص.
لم تكن الطريق سهلة، فهناك مراحل كانت قاسية وأخرى مشى الأردن فيها على الحبل وثالثة جرى اختباره، وعجم عوده فكان صلباً لا يقعقع له بالشنان كما كانت العرب تقول ولا يغمز جانبه.
كان باسلاً مقداماً حين كان الأمر يتطلب ذلك. وكان ليناً سهلاً دبلوماسياً، بارعاً متعاملاً، حين كان الأمر يتطلب ذلك أيضاً.
اليوم يقف الأردنيون جمعيهم أمام جرد طويل من المحصلات وينظرون جميعاً الى المرآة ويأتي استحقاق السؤال، ماذا انجزنا؟ وما حجم التحديات التي تواجههنا؟ وما هي عناصر قوتنا؟ وعناصر ضعفنا وما موقفنا في أمتنا وعند العالم؟
يستطيع الأردنيون ان يجيبوا عن هذه الاسئلة ولو بدرجات مختلفة لكن يبقى أن هذا الوطن المحصلة كان معجزاً في بقائه وفي قدرته على الصمود والتكيف ومواجهة رياح السموم التي كانت تقتلع الكثير.
ليس صعباً فهم الأردن حين كان يدقق الدراسة في المكونات وينصف دورها ويلاحظ مهارة «البناة» من الملوك الهاشميين من الأول حتى المملكة الرابعة ورايتها في يد عبد الله الثاني وسنده الأمير الحسين ولي عهده ومهارة البناء الذين نشأوا في مدرسة الهاشميين وتعلموا قيمهم واخلاقهم ومبادئهم.
يفخر الأردنيون بوطنهم، وقد رأيناهم أمس وقبله، وفي ظل ذكرى الاستقلال وهم يعبرون عن اعتزازهم بوطنهم، وتلويحهم بعلمه عالياً وافتخارهم بالمناسبة.
ظل الأردن نظيفاً لم يمارس الاغتيال ولا القتل ولا العدوان، بل كان نصيراً للشقيق والأخ والمظلوم، معيناً... يطعم الطعام على حبه.
ويبرز السؤال، لماذا، وما السر وراء صمود الأردن وقدرته واستقراره واستمرار تفاعل رسالته؟
في الرسالة الأردنية مبادئ عربية وقومية، انبثقت في وجه الظلم والجور منذ نداء الشريف الحسين في بطحاء مكة ليعلن الخروج على ظلم الولاة العثمانيين وعسفهم وجورهم ومجازرهم ضد أحرار الأمة وإعدامهم في ساحة الشهداء في بيروت،
كان نداء الحسين الاول قد تمثل في رايات ابنائه، فيصل الذي وصل دمشق واقام المملكة العربية، التي قرأ اعلان استقلالها المفكر والمؤرخ عزت دروزة، من نافذة القصر في ساحة المرجة حين كان اجتماع قيادة الملك فيصل الأول وأركان تنظيم العربية الفتاة حزبه الأول.
والراية الأخرى كانت راية عبد الله الأول المؤسس للإمارة والمملكة الأردنية الهاشمية الذي وصل معان واقام فيها اربعة أشهر بانتظار أن يتحرك الى الشام لانقاذ مملكة أخيه فيصل التي اعتدى عليها الفرنسيون في موقعة ميسلون... عبد الله الاول عمل على زرع بذرة الدولة التي نحتفل اليوم باستقلالها.
ننظر الى وجوهنا في المرآة اليوم والأمل يملؤنا والعزيمة خيارنا في أن نواصل لتخصيب بذرة الاستقلال لتستمر في طرح ثمرها حلواً حافظاً لكرامة الأردنيين مستجيباً لطموحهم.
فمازال الأردن يحمل فكرة الامة في الاستقلال والحرية، وما زال يحمل هم قضية فلسطين، وهي همه الأول وقضيته المركزية وما زال يحدو الأمة ويحذر من الخطر ويدق الجرس ويدعو لرص الصفوف وينظر بعين زرقاء اليمامة، ويقول لمن ساروا على نفس الدرب، يا سارية الجبل الجبل، حتى لا يؤتى من قبلنا ونظل مع الأمة لا نكذبها ولا نخذلها مهما كانت التضحيات.ودام عزك ياوطن