الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة لم يعد ترفًا إنسانيًا، بل تحوّل إلى اختبار حقيقي لصدقية النظام الدولي ومشروعية أدواته.
فالمجزرة المستمرة، والتي تجري في وضح النهار وتحت أنظار العالم، تعكس خللاً عميقاً في موازين السياسة العالمية، وتكشف كيف يُعاد تعريف القانون الدولي وفق مصالح القوى الكبرى.
الاستمرار في تجاهل الدعوات لوقف إطلاق النار لا يخدم سوى منطق القوة، ويؤسس لسابقة خطيرة: أن الإبادة قد تُغضّ عنها الأبصار إذا ارتُكبت بذريعة «الدفاع عن النفس». لكن ما يجري في غزة يتجاوز أي إطار أمني؛ هو تدمير ممنهج لبنية مجتمع، وكسر لإرادة شعب، وحصار لحقوقه في تقرير المصير.
إن وقف إطلاق النار اليوم ليس فقط لوقف نزيف الدم، بل لإنقاذ ما تبقى من إمكانية لعملية سياسية، ولإعادة الاعتبار للدبلوماسية كأداة بديلة عن الحرب. إدخال المساعدات فوراً ودون ابتزاز هو التزام قانوني، لا منحة مشروطة. كل لحظة تأخير تُعمّق الجرح وتُجهض فرص السلام لسنوات قادمة.
الخيار واضح: إما أن يتدخل العالم بجدية ويفرض وقفاً فورياً لإطلاق النار، أو يتحمل تبعات صمته، لا في غزة فقط، بل في كل صراع قادم ستُقاس فيه العدالة بميزان القوة لا القانون.