بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين، تم الإعلان اليوم عن تحويل دار المرحوم الشيخ سلامة بخيت الشياب العبادي في بلدة ماحص إلى "دار للحوار والثقافة والتاريخ"، لتصبح منارة ثقافية ووطنية تحفظ ذاكرة المكان وتكرّم إرث أحد أعلام البلدة.
ورفع نجله الدكتور محمد عدنان البخيت، أصدق آيات المحبة والتقدير إلى جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال، مشيراً إلى أن تزامن هذا اللقاء مع ذكرى الاستقلال يُعدّ دافعاً إضافياً للاعتزاز والانتماء.
وقال البخيب: "لقد قمنا بإعادة تأهيل دار والدي من جديد، ونسعد بمشاركتكم هذا اليوم في الإعلان عنها داراً للحوار والثقافة والتاريخ والفنون بكل أشكالها وأنماطها".
وأشار البخيت إلى أن والده ترك وراءه إرثاً معرفياً مهماً من خلال مذكراته ودراساته حول العادات العشائرية مثل "العطوة" و"الجاهة"، بالإضافة إلى تدوينه لتاريخ العائلات التي وفدت إلى ماحص من فلسطين والسلط والشام في أواخر القرن التاسع عشر.
كما تطرّق إلى دور ماحص كمحطة تقاطع طرق مهمة في البلقاء، مشيراً إلى أنها احتضنت أول مدرسة في المتصرفية، وكانت تُعقد فيها اجتماعات شيوخ البلدة للتشاور في شؤونها، وخاصة فيما يتعلق بالجوار وتنظيم زيارات مقام سيدنا الخضر من قبل المسيحيين، وتنسيق دفن موتى المناطق المجاورة في مقبرة الفقراء.
ولفت إلى أن من أولويات والده كانت التعليم وخاصة تعليم البنات، إيماناً منه بدور المرأة في بناء المستقبل. وذكر كيف كان المرحوم والده أول من أدخل الراديو إلى البلدة، حيث كان الأهالي يتجمعون في منزله للاستماع إلى نشرات الأخبار، ما أسهم في تعزيز وعيهم الوطني ومتابعتهم المستمرة للأحداث، بما في ذلك ما كانت تكتبه أقلام عربية مؤثرة مثل الكاتب إحسان عبد القدوس.
كما نوّه إلى أن بيتهم كان مقرّاً للمداولات بين وجهاء ماحص وشيوخ عشائر عباد خلال الانتخابات النيابية، ما يعكس مكانة الدار في العمل العام.
وسلط الدكتور محمد عدنان الضوء على محطات بارزة من سيرة والده الراحل، مشيراً إلى نشأته العلمية التي بدأت في المدرسة العثمانية بمدينة السلط، ثم تابع تحصيله في ماحص على يد الشيخ محمد مريش النابلسي، حيث أتقن العديد من المفردات التركية.
وتطرق إلى واحدة من أبرز المبادرات التي تبناها الشيخ سلامة، عندما قاد مفاوضات نيابة عن أصحاب بساتين قناة الطريم بعد أن اشترت شركة مصانع الإسمنت الأردنية نصف مياه القناة، مقابل إنشاء قناة جديدة بطول 425 متراً لضمان تدفق المياه، مما ساهم في حماية المنطقة من تفشي الذباب وضاعف الحصة المائية للبساتين. كما تضمّنت الاتفاقية إيصال الكهرباء إلى مسجد ماحص القديم (مسجد سيدنا إبراهيم)، ومنزل الإمام المرحوم الشيخ عبد الحميد ارشيدات، بالإضافة إلى بناء غرفة دراسية لتحويل مدرسة البنين من ابتدائية إلى إعدادية.