في يوم الاستقلال الأردني، تشرق منجزات الوطن بوجه نسائه، حيث تتجلى مسيرة المرأة الأردنية كركيزة حقيقية في بناء الدولة، وشريكة في صناعة المستقبل القائم على الابتكار والاقتصاد الرقمي؛ فمنذ فجر النهضة الوطنية وحتى اللحظة، أثبتت المرأة الأردنية حضورها في مواقع الريادة، والتعليم، والصحة، والسياسة، واليوم تمضي بثقة نحو التحول الرقمي والابتكار، رافعة شعار التمكين والمشاركة الفاعلة.
وفي هذا الإطار، تؤكد الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة مها العلي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن اللجنة مستمرة في تنفيذ مبادرات نوعية تنسجم مع الاستراتيجية الوطنية للمرأة (2020–2025)، من أبرزها تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية في قطاعات التكنولوجيا والمعلومات، وذلك بالشراكة مع الوزارات والمؤسسات والمجتمع المدني، عبر مشاريع مستدامة وبرامج متخصصة تدعم بيئة العمل الداعمة للمرأة.
ومن أبرز هذه المبادرات، مشروع "الختم المؤسسي للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة"، الذي يحفز المؤسسات العامة والخاصة على تبني سياسات عادلة تراعي تمكين المرأة كأولوية وطنية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.
وأشارت إلى أن اللجنة أنشأت بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، وحدة الريادة وتمكين المرأة، والتي اندمجت لاحقًا بوحدة الشمول الرقمي، لتعزيز استعداد المرأة الأردنية للتفاعل مع التحول الرقمي، وإعداد خطط شاملة لتمكينها من قيادة الابتكار في قطاع التكنولوجيا.
وبينت العلي أنه في إطار دعم ريادة الأعمال النسائية، أسهمت اللجنة في إعداد تعريف وطني للمشاريع المملوكة والمدارة من النساء، بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة والتموين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بما يتيح توجيه السياسات الداعمة وتوفير التمويل والدعم الفني لرائدات الأعمال، إلى جانب إعداد خارطة بيئة ريادة الأعمال النسائية التي ستضم الجهات الداعمة والممولة، لتسهيل وصول المرأة للخدمات والموارد.
وفي مواجهة التحديات الرقمية، أطلقت اللجنة برامج توعية بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، ومبادرة "مدرستي"، وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، لتعزيز الوعي بالسلامة الرقمية، خاصة بين طلاب المدارس والمعلمين وأولياء الأمور، كما شملت جهودها التصدي للعنف الرقمي الموجّه ضد النساء في مواقع القيادة، بالتعاون مع المركز الوطني للأمن السيبراني، ضمن برامج التمكين السياسي للنساء في مواقع صنع القرار.
كما أشارت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، إلى أن بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2024، تظهر أن النساء يشكلن نحو 21 بالمئة من العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث بلغ عدد النساء 6,940 من أصل 33,187 عاملاً.
كما تؤكد جمعية "إنتاج" أن نسبة النساء في المناصب الإدارية بالمشاريع الريادية لا تزال متواضعة بنسبة 4 بالمئة، فيما بلغت 16 بالمئة في المناصب التقنية، و30 بالمئة كمؤسسات وأعضاء في الفرق التنفيذية للشركات الناشئة.
وعلى صعيد التعليم، بلغت نسبة الخريجات من تخصصات الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات في الجامعات الأردنية لعام 2021 حوالي9,421 خريجة بنسبة 51 بالمئة من إجمالي الخريجين؛ مما يعكس إمكانات قوية للنمو المستقبلي في الاقتصاد الرقمي.
في موازاة جهود التمكين المعاصرة، يواصل مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي أداء دوره الوطني في حفظ وتوثيق الإنجاز النسائي الأردني، بوصفه جزءاً أصيلاً من الذاكرة الوطنية، من خلال جمع الوثائق المتعلقة بدور المرأة في التعليم، والعمل، والصحة، والعمل السياسي، حيث يسعى المركز إلى إبراز الصورة المتكاملة لمشاركة المرأة في بناء الدولة.
وقد وثّق المركز وثائق مفصلية، من بينها طلب تأسيس جمعية الاتحاد النسائي الأردني عام 1945، الذي قادته نخبة من السيدات برئاسة شرفية للأميرة مصباح بنت ناصر، والرئاسة العاملة للأميرة زين الشرف، والتي أصبحت لاحقاً علامة مضيئة في التاريخ الوطني، واعتمدت كمادة تعليمية في منهاج الصف السابع لعام 2023/2024.
كما سجل المركز محطة مفصلية في عام 1974، بتوثيق القرار التاريخي للمغفور له الملك الحسين بن طلال- طيب الله ثراه- بمنح المرأة حق الانتخاب لمجلس النواب، وهو ما شكّل انطلاقة نحو تعزيز المشاركة السياسية النسائية، وتبع ذلك تعيين إنعام المفتي كأول وزيرة في المملكة، في حكومة الشريف عبد الحميد شرف عام 1979، مرورًا بدخول المرأة قبة البرلمان عام 1993، ومشاركتها في مجلس الأعيان منذ عام 1989.
وفي سبيل تعزيز المعرفة بتاريخ المرأة الأردنية، أصدر المركز كتباً بحثية من بينها "المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية 1921–1948"، و"مدارس الثقافة العسكرية في عهد الملك الحسين بن طلال 1952–1999"، توثق إسهامات المرأة في ميادين العمل الوطني المختلفة.
وفي يوم الاستقلال الأردني، تتجدد صورة المرأة الأردنية كشريكة متكافئة في مسيرة البناء والتطوير، تقودها خطوات راسخة في ميادين الريادة والابتكار، وتدفعها روح العطاء والانتماء الوطني.