كتاب

في ظِلال الاستقلال


الاستقلال حالة فخر مُتجذرة في نفوس الأردنيين، وكذلك فرصة لتجديد الروح الإنتمائيّة لديهم، لا سيما وهُم يستحضرون تاريخهم الحافل بالبطولات والتضحيات والصمود، وصولا إلى السيادة والكرامة التي كان ثمنها أرواح ودماء رجال، أولئك الأجداد الذين ضحوا في حياتهم لسبيل وطنهم، لأنهم بذلك آمنوا بأن الأردن وطنٌ للكرامة؛ والكرامة بوجود الاستعمار تُنتزع، فلم يبخلوا على هذا التراب بدمائهم حتى طهّروه وتطهر من الوجود الاستعماري. ولم يبخلوا على الأردن أرواحهم في سبيل أن ينتصر ويتحرر، فكان لهم ما أرادوا سعياً إليه، وكان لسعيهم فض? فيما نعيشه اليوم وما ننعم به من استقلال؛ أما نحن، فما نحن إلّا ورثة لهذه الحالة الوطنية، الذي يجب أن نبقى خير أُمناء على صونها.
واليوم ونحن في حضرة هذه الإشراقة التاريخيّة؛ وبعد ما أن مضى عليها من الأعوام تسعةً وسبعون عاماً كان جُلّها محفوفاً بالتحديات والأخطار والأزمات، وقف الأردنيون حيالها صفاًً أردنيّاً واحداً مُستقيما لا فرج فيه، وكان الأردن قبلتهم في توجههم وتوجّهاتهم، فصحّت بذلك وطنيتهم وكسبوا الأجر العظيم في حياتهم أن بقيَ وطنهم لهم، قويٌ ناهض، لم تُضعفه محاولاتُ إضعافه، ولم تمسّه نار الجوار التي هَبّت وما طفأت من حوله، ولم تنال من حِماه كل محاولات الطيش، ودأب الأردنيين في ذلك على مواصلة عطائهم في البناء والعمل وصولاً للنهضة?ورغد العيش.
أمّا محبة الأردنيين لنظامهم؛ والعكس، فقد كانت دافعاً يقفُ وراء قوة ومنعة الدولة، هذا الصف الوطني الذي استقام على أهداف وطنية سامية، وقام على مبدأ الاحترام والمحبّة المُتبادلة بين الحاكم والمحكوم، لم يترك فرجاً ليدخل الشيطان المُتربص من خلاله لبث سموم التفرقة والفتنة، فكان عصيّاً على المحاولات المستمرة لذلك، وهذا ما جعلنا أقوى تماسكاً أمام موجات الخطر التي تستهدفنا، وما مكننا لنسف كل مشروع تهديدي يقف في الخفاء؛ فسقط في الحُفرة كُل من حفرها لنا، وبقينا واقفين، في يسارنا سلاح الدفاع عن التراب، وفي يُمنانا علم?ً خافقاً يُطاول السحاب.
وفي ظل قيادة مُتزنة يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، ووجود شعب وفيّ مُلتف حوله، وجيش يواصل الذود عن الأرض، وأجهزة أمنيّة تواصل ليلها بالنهار لبسط الأمن والأمان، ومؤسسات وطنيّة تتكافل في العمل لأجل الازدهار، فسيدوم الاستقلال، وسيظل الأردن كما هو موضعاً للقوة، وذا مكانة مرموقة يجتمع العالم على احترامها. وستبقى مواقفه تجاه أشقائه وفي مقدمتها القضيّة الفلسطينيّة، ودعمه المتواصل للغزيين ومواساته لهم فعلاً لا قولاً في محنتهم وما أصابهم وفتك بهم؛ كل ذلك وأكثر سيبقى شاهداً حيّاً على عروبيته الصادقة التي لا يسبقه? أحد في نصرة الحق والمظلوم.
وأخيراً: أدعو نفسي وكُل أردني لتعظيم مناسباتنا الوطنيّة، فإنَ لنا في الماضي صفحات تُشرِّف... ولنا في الحاضر وطن يستحق.