شكلت الدبلوماسية الأردنية منذ عهد الاستقلال الذراع الخارجي للدولة، والمنصة التي عبرت عن هوية المملكة وشعبها، كما أنها كانت دائماً الوسيلة لحماية المصالح الأردنية، وجسر التواصل مع العالم في زمن شهد متغيرات كبرى.
ونجح الأردن، بقيادة ملوك بني هاشم، في ترسيخ صورة دولة صغيرة بحجمها، كبيرة بمواقفها، مرنة في تحركها، وثابتة في ثوابتها.
وتأتي الرؤية الدبلوماسية الملكية السديدة لجلالة الملك عبدالله الثاني، بمدلولاتها المفصلية، تجاه مختلف القضايا، لتؤكد أهمية وأحقية الخطاب الرسمي الأردني وواقعيته لحل وتفهم قضايا المنطقة والعالم.
ويحرص جلالة الملك من خلال مواقفه ولقاءاته مع قادة وزعماء العالم على توضيح المنهجية الدبلوماسية الأردنية الراسخة والثابتة تجاه قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتعاون المشترك، إضافة للتحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة والعالم.
وجعل جلالة الملك من الأردن مقصداً لقادة وزعامات العالم والمنطقة، بهدف المشورة والتنسيق في مختلف القضايا والملفات المصيرية، وذلك بما يملكه جلالته من فكر ثاقب ورؤية مستنيرة تجاه مختلف الأحداث إقليمياً ودولياً.
يقول السفير السابق، جمعة العبادي، إننا في عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية نستذكر مسيرة الأردن المباركة بقيادة الهاشميين في مختلف الأصعدة، مشيراً إلى المكانة التي يحظى بها الأردن على المستويين العربي والدولي، بفضل الدبلوماسية الأردنية الحصيفة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.
وبين التأثير الكبير للدبلوماسية الأردنية في الانفتاح على المحيطين العربي والعالمي، ودعم القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن جلالة الملك قاد تطوراً نوعياً في الدبلوماسية الأردنية بحيث أصبحت أكثر احترافية وتأثيراً في الدفاع المستمر عن القضية الفلسطينية، ورفض أي حل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، والعمل على توسيع شبكة العلاقات الدولية مع أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، إضافة إلى تعزيز دور الأردن في المنظمات الدولية والإقليمية.
وقال العبادي «لقد تمكنت الدبلوماسية الأردنية من لعب دور الوسيط والضامن والناصح في العديد من الأزمات الإقليمية»، لافتاً إلى أنه منذ عهد الاستقلال، أثبت الأردن أن السياسة الخارجية الناجحة تقاس بالثبات على المبدأ، والقدرة على الصمود، والمرونة في بناء التحالفات، في عالم تتغير فيه المصالح بين عشية وضحاها».
وأضاف ان الأردن بحنكة قيادته، بقي وفياً لنفسه، متمسكاً بدبلوماسيته المتزنة، منفتحاً على العالم، صادقاً في التزامه، وفاعلاً في محيطه.
بدوره، قالت رئيسة قسم العلوم السياسية في جامعة الزيتونة، الدكتورة رشا المبيضين، إن الدبلوماسية الأردنية شهدت في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني نقطة تحول حيوية ساهمت في تعزيز الدور والحضور الدبلوماسي الأردني، مشيرة إلى أن الدبلوماسية الأردنية اختارت أن تظل دائماً صوتاً أخلاقياً وعربياً أصيلاً في الدفاع عن الحق والإنسانية.
وأضافت المبيضين ان الأردن نجح بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في بناء شبكة علاقات متوازنة مع قوى العالم الكبرى، مع احتفاظه بعلاقات قوية مع دول أخرى، الأمر الذي أكسبه هذا التوازن والمكانة المميزة، كشريك استراتيجي، ووسيط نزيه في ملفات وقضايا دولية وإقليمية ملحة، منوهة إلى أن الأردن وبفضل دبلوماسيته بات ملاذاً سياسياً للتهدئة وبناء جسور الحوار.
ولفتت إلى أن الحسم الملكي في تشخيص جلالته للوقائع والتحديات والمخاطر التي قد تواجه منطقتنا، يظهر بما لا يدع مجالاً للتأويل بأن قضية السلام في الشرق الأوسط رهن بعودة الحقوق العربية والفلسطينية.
واستذكرت تأكيدات جلالته بأنه لا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ووفق المبيضين، فإن تلك الثوابت الأردنية لطالما أكد عليها جلالته، موجهاً العالم إلى أن يتحمل مسؤولياته،أمام ما تتعرض له غزة من تدمير وإبادة جماعية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة اليرموك، الدكتور سيف الجنيدي، إن الدبلوماسية الأردنية منذ عهد الاستقلال وحتى يومنا هذا، حملت معها رسائل وعناوين سياسية مهمة وعميقة، على وقع تطورات إقليمية وعالمية باتت تؤثر في الأحداث بشكل متسارع».
وأضاف ان الدور المحوري والاستراتيجي للمملكة واضح في رسم السياسات السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة، فضلاً عن ما يتمتع به الأردن من موقع جيوسياسي جعل منه ركيزة أساسية للاستقرار والسلام في المنطقة.
وأشار الجنيدي إلى المكانة المهمة والمؤثرة لجلالة الملك عبدالله الثاني في المعادلة الدبلوماسية الدولية وإلاقليمية، مضيفاً أن هذه المكانة تستمد أساسها من الشرعية الدبلوماسية المحنكة والمعتدلة لجلالته.
وتابع: «لقد مثل الإرث الأردني الهاشمي على الصعيد العربي والدولي عنواناً متقدماً في السياسة والدبلوماسية، نظراً لما تتسم به هذه الدبلوماسية من اعتدال وترسيخ لمبادئ السلام، والحوار، والتعاون، مع الحفاظ على ثوابت الدولة الأردنية وسيادتها، ما منحها المكانة في صياغة التوجهات الدولية الاستراتيجية تجاه القضايا المختلفة».
وقال الجنيدي إن المراقب للدبلوماسية الأردنية، يجد أن غايتها تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في شتى المجالات، وإرساء أسس السلام العالمي، بالإضافة إلى الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، انطلاقاً من المسؤولية الدينية والقومية والتاريخية للهاشميين في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.