في مملكة قامت على العدل والنهضة الشاملة، لم تكن المرأة الأردنية يوماً على هامش التنمية، بل كانت في صلبها، شريكةً في بناء الحاضر وصناعة المستقبل.
هذا الحضور لم يكن ليتحقق لولا الدعم الراسخ من جلالة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا العبدالله، اللذين قدّما نموذجاً ملهماً لقيادة تؤمن بالمرأة وتراهن على طاقاتها.
ومنذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وضع تمكين المرأة في صميم مشروعه الإصلاحي، مؤمناً بأن نهوض المجتمعات لا يكتمل بدون مشاركة فاعلة للمرأة.
لم تكن كلمات جلالته في أوراقه النقاشية وخطاباته مجرد شعارات، بل تحولت إلى سياسات وتشريعات ومبادرات ملموسة، حيث تم تعديل الدستور وقانوني الانتخاب والأحزاب بما يضمن للمرأة تمثيلاً أوسع، وتم تفعيل الكوتا النسائية في المجالس المنتخبة، إلى جانب توجيه الحكومات لتبنّي برامج تمكينية اقتصادية واجتماعية وسياسية للمرأة في جميع أنحاء المملكة.
ركائز الدعم الملكي للمرأة
ويرتكز الدعم الملكي للمرأة على عدة ركائز، أهمها التشريعات المنصفة، حيث تم تعديل قوانين تعزز الحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة، وإقرار الكوتا النسائية، إضافة إلى تمكين سياسي حقيقي فتح أبواب العمل العام أمام النساء، وزيادة حضورهن في مواقع صنع القرار.
ومن الركائز الأخرى الدعم الاقتصادي من خلال إطلاق مبادرات لريادة الأعمال النسائية، وتمويل المشاريع الصغيرة، وتوفير بيئة عمل آمنة، إضافة إلى الاستثمار في تعليم المرأة، لاسيما في التخصصات التقنية والعلمية.
وفي محافظات الأردن من شماله إلى جنوبه، تتجلى قصص نساء أردنيات حوّلن التحديات إلى إنجازات، وكنّ شاهدات على حجم الدعم الملكي وتأثيره في مسيرتهن.
قصص نجاح نسائية
وتعتبر المهندسة أنسام الضلاعين، عضو منتخب في مجلس محافظة الكرك عن لواء عي، تجربتها في العمل العام امتداداً لرؤية ملكية تحتفي بدور المرأة.
تقول الضلاعين: «لقد منحتنا توجيهات جلالة الملك الثقة لننخرط في مواقع القرار.. لم أكن لأصل إلى هذا الموقع لولا البيئة الداعمة التي أرساها جلالته، وجعلت مشاركة المرأة واجباً وطنياً لا مجرد خيار».
ولم تكتفِ الضلاعين بتمثيل منطقتها، بل قادت مبادرات نسائية وشبابية، وسعت لتطوير الخدمات والبنية التحتية، مؤمنة أن تمكين المجتمع يبدأ من تمكين المرأة.
أما الدكتورة اعتماد جميل الجعافرة، فهي ابنة قرية ذات راس في الكرك، ومديرة الشؤون المالية والإدارية في تربية لواء المزار الجنوبي، ومثال حي على أن الدعم الملكي يصل إلى كل شبر من الوطن.
وفازت الجعافرة بجائزة الملكة رانيا للتميز التربوي مرتين، ووصلت إلى نهائيات جائزة الملك عبدالله للتميز.
تقول الجعافرة: «منذ طفولتي وأنا أعتبر النساء الرائدات قدوتي ومصدر إلهامي. ودعم القيادة الهاشمية لم يكن يوماً نخبوياً، بل شمل المرأة في القرى النائية والمناطق الأقل حظًا. واليوم، أنا أُمثل صوت المرأة الريفية التي كافحت، ونجحت، وصنعت فرقاً».
عايدة عبد صالح الدعيسات، نائبة رئيس بلدية الأغوار الجنوبية، كانت ممرضة، ثم متطوعة، ثم قائدة بلدية، وقد فازت في الانتخابات بأعلى الأصوات في اللواء.
تتحدث عايدة عن أثر دعم القيادة، فتقول: «بعد تقاعدي من مهنة التمريض، قررت أن أواصل العطاء من موقع آخر.. جلالة الملك منح المرأة حقها في الترشح والانتخاب، ودعم مشاركتها في القرار.. هذا أعطاني القوة لأقف، وأخوض الانتخابات، وأفوز بثقة الناس».
عملت الدعيسات خلال جائحة كورونا على تأمين احتياجات المواطنين، وأطلقت مبادرات اجتماعية وتنموية، وتولت مسؤوليات في اللجان الوطنية، وهي تؤكد أن القيادة التي آمنت بالمرأة خلقت مجتمعات قادرة على النهوض.
وفي عمق البادية الأردنية، حيث تمتزج الأصالة مع التحديات، برزت المهندسة آلاء بني عطية كنموذج ريادي لامرأة أعادت رسم ملامح الدور النسائي في مجتمعاتها، وأحدثت تحولاً جذرياً في واقع السيدات من خلال مبادراتها التنموية وإنجازاتها الريادية.
ابنة البادية الأصيلة لم تنتظر الفرصة، بل صنعتها بيديها، مستندة إلى رؤية تمكينية واضحة، وإيمانٍ بقدرة النساء على صناعة التغيير.
واستطاعت آلاء، بخطى واثقة وعمل دؤوب، أن تؤسس أول قطاع خاص بالسيدات في منطقتها، وهو إنجاز غير مسبوق في بيئة تقليدية لم تكن تشهد مثل هذا النوع من المبادرات. ولم يقتصر دورها على التأسيس، بل قادت مسيرة التمكين بشكل شامل من تدريب وتأهيل السيدات على المهارات الحرفية والإدارية، لرفع جهوزيتهن لدخول سوق العمل، ونشر الوعي المجتمعي حول أهمية مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإشراف ميداني ومتابعة دقيقة لضمان جودة العمل واستدامة النتائج، ما أدى إلى إنجازات ملموسة خلال فترات قياسية.
جهود المهندسة آلاء أثمرت عن مشاريع متعددة كان لها أثر واسع، من أبرزها: طرح خمس مبادرات تنموية ضمن مخصصات اللامركزية لدعم المرأة الريفية، نجحت جميعها نتيجة للمتابعة والتخطيط الدقيق، ومضاعفة مخصصات المشاريع بعد نجاحها، مما ساعد في توسعتها وضمان استمراريتها، وتأسيس أول جمعية تعاونية نسائية في المنطقة، لتكون كياناً قانونياً يضمن تسويق المنتجات وحفظ حقوق السيدات المشاركات، وتسويق المنتجات محلياً خلال شهر ونصف فقط من التأسيس، بعد تنظيم دورات تدريبية متخصصة بإشراف كوادر هندسية.
ومن المشاريع أيضاً إطلاق جمعية «الإتقان» التعاونية لسيدات البادية خلال ثلاثة أشهر فقط، برعاية وزير الزراعة، وبالتعاون مع وزارة السياحة، والتي وفّرت موقعاً استراتيجياً لعرض المنتجات في قلعة القطرانة.
هذا التحول اللافت في واقع المرأة البدوية ما كان ليتحقق لولا الرؤية الملكية الحكيمة التي حرصت منذ البداية على شمول البادية والريف في مسارات التنمية والتمكين، ولم تكن المهندسة آلاء سوى واحدة من عشرات النساء في البادية اللواتي تمكنّ من ترجمة هذه الرؤية إلى قصص نجاح.
قصة وطن يُصنع بالثقة
ورغم الإنجازات، ما تزال المرأة الأردنية، خاصة في الريف، تواجه تحديات ترتبط بالموروث الاجتماعي ونقص الفرص، لكن الدعم الملكي المستمر، والإرادة الصلبة للنساء الأردنيات، يشكلان معاً حجر الأساس في مسيرة متواصلة نحو تمكين حقيقي وشامل.
في الأردن، لم تُعامل المرأة كعنصر ثانوي، بل كشريكة فاعلة في التنمية، وما تحقق حتى الآن هو ثمرة رؤية ملكية تؤمن بأن تقدم المجتمعات لا يتم إلا بمشاركة الجميع، رجالاً ونساء.
وأولى جلالة الملك اهتماماً خاصاً بالمرأة في المجتمعات الطرفية، مؤمناً بأن الطاقات الكامنة في الريف والبادية تحتاج فقط فرصة حقيقية للانطلاق.
وانعكس هذا الدعم في السياسات الحكومية، وبرامج المبادرات الملكية، التي سهّلت وصول الدعم الفني والمالي إلى مشاريع النساء، ووفّرت الحاضنات التدريبية والمجتمعية لتمكينهن على أرض الواقع.
واليوم، تواصل المرأة الأردنية طريقها، مدعومةً بقيادة هاشمية تؤمن بها، وبقدرتها على إحداث التغيير، مهما كانت الصعوبات.. إنها قصة وطن يُصنع بالثقة، وتُكتب فصوله بإرادة لا تلين.