في كل عام تتجدد فيه ذكرى الاستقلال المجيد، يستذكر أبناء محافظة الكرك دلالات ومعاني هذه المناسبة الوطنية بكل فخر واعتزاز، فالاستقلال رمزية الدولة، وعنوان السيادة الوطنية المتجذرة في الأردنيين.
ويرتبط عيد الاستقلال بمحطات تاريخية بارزة، تمثل كل محطة منها نقطة انطلاق نحو بناء دولة قوامها العلم والمعرفة والإنجاز في مسيرة حرة متضافرة، تتقاسم خلالها القيادة الهاشمية المظفرة مع الشعب الأردني مسؤولية العمل، ليكون الأردن دولة وازنة في محيطها العربي والإقليمي، وعلى مستوى المنظومة الدولية بشكل عام.
وبهذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين، أكد ممثلو فاعليات رسمية وثقافية وشعبية في محافظة الكرك، أن الاستقلال ليس مجرد حدث تاريخي، بل قصة كفاح وتصفح أرشيف طويل من البذل والعطاء بالمهج والأرواح والدماء التي سالت على ثرى الأردن الطهور لإدامة رخائه وأمنه واستقراره.
وأضافت الفاعليات، لـ'الرأي»، أن الاستقلال استذكار دائم لتضحيات الجيش العربي والأجهزة الأمنية الساهرة على أمن الوطن، ولكل الشهداء الذين قدموا صوراً مشرقة من البطولة والفداء دفاعاً عن الوطن، مؤكدين أن مشاريع الشهادة ما زالت تنبض بالحياة لحماية الأردن والدفاع عن فلسطين. وأشارت إلى أن الأردن استطاع اجتياز كل ما اعترض المسيرة من عقبات، بتوجيهات قيادة هاشمية بارعة وثاقبة الرؤية، وشعبٍ منتمٍ لأرضه وفياً لقيادته، في ثقة متبادلة تخلق مناخات خصبة لتفجير الطاقات، مشددة على الاستمرار في مراكمة التجربة الوطنية الممتدة، والبناء على منجزاتها، ومواجهة تحدياتها بعزم وثبات واقتدار.
وبهذا الصدد، قال رئيس مجلس محافظة الكرك، الدكتور عبد الله العبادلة، إننا نحتفل في الخامس والعشرين من شهر أيار من كل عام بعيد العز والفخار، فيوم الاستقلال يمثل أعظم انتصار حققه الشعب الأردني بقيادته الهاشمية، وهو يوم يحمل بطياته معاني الحب والإنتماء للوطن والولاء لقيادته المظفرة.
وأضاف انه في هذا اليوم، يستذكر الأردنيون تضحيات الأجداد ومن سبقونا من أبناء الوطن النشامى، الذين رسموا لنا حدود الوطن، وحافظوا عليه، ليأتي عيد الاستقلال الذي صاغته حنكة وحكمة القيادة الهاشمية ونفرح ونحتفل به، وحملوا راية الوطن وهم يعلمون حجم المخاطر والتحديات التي يحتاجها استقلال الوطن، فساروا بخطوات النصر، والعزة، والكرامة، وواصلوا المسيرة بعزيمة وإخلاص.
وأكد العبادلة أنه في كل عام تتجدد فيه ذكرى الاستقلال، نعيد قراءة صفحات البطولة الخالدة التي قامت بها القيادة الهاشمية، مستذكراً سير الأفذاذ من بني هاشم، الذين حققوا استقلال الوطن منذ عهد الملك المؤسس عبدالله الأول، الذي وضع نصب عينيه عند تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 استقلال المملكة الذي تحقق في عام 1946، ليبدأ عهداً جديداً من السيادة والحرية والسير على درب الإنجازات المتواصلة، مروراً بعهد الملك الباني الحسين بن طلال، ووصولاً إلى عهد الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين، حيث حرص جلالته منذ تولية سلطاته الدستورية على توجيه الحكومات المتعاقبة للنهوض بالوطن في جميع المجالات، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتحديد أولويات العمل وفق الموارد المتاحة.
وتابع: «عمل جلالته على مأسسة العمل الديمقراطي والتعددية السياسية نحو ترسيخ شراكة حقيقية للجميع في العملية السياسية، وصناعة القرار، وتوزيع أدوار السلطة التشريعية، والارتقاء بها كركن أساس في البناء الديمقراطي للدولة، إضافة إلى الأهمية التي يوليها جلالته لبناء مجتمع مدني تسوده روح العدالة والمساواة واحترام حرية الرأي، وتجسيد نهج اللامركزية، فجاء إنشاء مجالس المحافظات». من جانبه، قال رئيس منتدى جماعة درب الحضارات الثقافي بالكرك، الأديب والباحث نايف النوايسة، إننا نستذكر في عيد الاستقلال عناوين كثيرة تتصل بأصل واحد ثابت متجذر، هو الدفاع عن الحرية والكرامة، كما نستذكر عقوداً من تراكم المنجز الحضاري الأردني، الذي بلور شخصية الدولة الأردنية التي جعلت للأردن والأردنيين مكانة بين شعوب الأرض.
وأكد النوايسة أن عيد الاستقلال ليس مجرد مفصل زمني يعرض لنا ونتجاوزه، ولا محطة نكرر فيها احتفالات تشابه غيرها وتنتهي بنهاية يوم الذكرى، بل هو فكرة عظيمة تحمل معاني ودلالات تستوجب علينا الحرص عليها وتعظيمها، أبرزها أن الاستقلال روح تنبعث من حرص مجتمع على التحرر من الظلم والاستعمار مهما كان الثمن، كما هو مضمار للعمل البناء وميدان لإبراز الطاقات والمواهب وتحقيق للعدالة ومواجهة الفساد، بإفساح المجال والفرص للجميع، وأن لا يقبل أي شكل من الاستغلال والإبتزاز والظهور على القانون.
وبين أن الاستقلال عن الاستعمار في حقيقته يفتح بوابات المستقبل، ومواجهة الاختلالات ومعاول الهدم بروح البناء والمحافظة على عظمة الفكرة، إذ يتوجب علينا لتحقيق معاني الاستقلال الحرص على العدالة، والاهتمام بالتعليم المنتج، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، ومواجهة قضايا الفقر والبطالة بالحلول الناجعة، وتأكيد الوحدة الوطنية وعدم التفريط بها.
وأشار النوايسة إلى أن علاقة الأردن متداخلة وعضوية مع القضية الفلسطينية، واستقلاله مرتبط بالدماء التي قدمها المواطن الأردني في سبيل هذه القضية خلال مواجهة عدو محتل لا يعرف الإنسانية، ولا يحترم المواثيق والعهود، لذلك لا يمكن إبعاد فلسطين كقضية مركزية من معاني استقلال الدولة الأردنية، وتصريحات قادة العدو اليومية تؤكد ذلك، لذا فالاستقلال في حقيقته هو إدامة الحذر والدفاع عن هذه الفكرة العظيمة في الداخل والخارج.
من جهتها، قالت مساعدة أمين عام وزارة الثقافة للشؤون الثقافية والفنية، مديرة ثقافة محافظة الكرك، عروبة الشمايلة، إن الاستقلال يحمل معاني عظيمة في وجدان الأردنيين، فهو ليس مجرد حدث سياسي، بل ولادة لهوية وطنية حرة، ونقطة انطلاق لبناء الدولة الأردنية الحديثة.
وأضافت ان الاستقلال يعكس إرادة الشعب، وتضحيات الآباء والأجداد الذين ناضلوا في سبيل الحرية والكرامة والسيادة الوطنية، فمنذ لحظة إعلانه، بدأ الأردن بقيادة الهاشميين مسيرة النهضة الشاملة في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية.
وأشارت الشمايلة إلى أن محافظة الكرك كانت شريكة فاعلة في هذه المسيرة، فقد شهدت نهضة ثقافية واضحة، تمثّلت في بناء مشهد ومعالم ثقافية نعتز بها، أبرزها مركز الحسن الثقافي، الذي يُعد منارة إشعاع ثقافي، حيث يحتضن الأنشطة الأدبية والفنية، ويشكل منصة تواصل بين المبدعين والجمهور، مما ساهم في تعزيز الوعي الثقافي وتنمية الحس الوطني لدى أبناء المحافظة الذين أسهموا في إثراء الحياة الثقافية الأردنية، كما لعبت الجامعات، وعلى رأسها جامعة مؤتة، دوراً محورياً في تخريج كوادر وطنية مثقفة ومؤهلة ساهمت في خدمة المجتمع المحلي والوطني.
وتابعت: «إن صون استقلالنا يتطلب منا الحفاظ على منجزاتنا، ومواجهة التحديات بروح المسؤولية والوحدة وتعزيز القيم الوطنية، وتمكين الشباب بالعلم والعمل، والإنخراط الفاعل في العمل العام ومواصلة دعم الثقافة والتعليم، والاستثمار في الإنسان، باعتباره أساس التنمية المستدامة، كما يجب أن نحافظ على أمن الوطن واستقراره، وأن نغرس في الأجيال القادمة حب الوطن والإنتماء إليه، ليبقى الأردن حرًا،عزيزًا ومنيعًا في وجه التحديات، وواحة أمن ونمو وازدهار». بدوره، قال الباحث السياسي الدكتور عبد الحي الرماضين، إن عيد الاستقلال يأتي في ظل ظروف دولية وإقليمية معقدة، مما يضفي أهمية خاصة لهذا العيد الوطني الأعز بدلالاته العميقة المفضية إلى كل معاني العزة والكرامة والفخر، مع توق دائم نحو آفاق المستقبل ودروبه المفتوحة لوطننا الحبيب.
وأضاف الرماضين «لقد كان الأردن ولا يزال وفياً لكل المبادئ القومية والإنسانية التي ارتبط بها وجوداً واستمراراً ومنهاج حياة للأردنيين قيادة وشعباً ومقدرات، رغم التحديات الجسام التي واجهها على مدار تاريخه الطويل الناجز، وقد كان الأردن دوماً موازناً بين أصالته النابعة من قيم الأمة ومنطلقاتها، وروحية التقدم ورؤى المستقبل التي يطمح دوماً إلى دخولها من بوابة الأمل والعمل الجاد واللحمة الوطنية المستندة إلى إرث تاريخي جسدته قيادة هذا الوطن وشعبه، في تلاحم حقيقي متجذر بروحية العهد الأول وتراكم التجارب المحيطة وأرضية صلبة للبناء والإعمار والتقدم.
وأكد أن مواقف الأردن الصادقة تجاه قضية الأمة الأولى، القضية الفلسطينية، تشكل نموذجاً للالتزام بالحق العادل ضمن منظور الممكن والمتاح في خضم عالم تسيطر فيه أدوات القوة والقهر والاستبداد، وما تجليات موقف الأردن نحو أهلنا في غزة البطلة إلا جهد العاملين الصامتين قيادة وشعباً وبصدق وحميمية خارج إطار الضجيج الإعلامي المخادع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
وأشار إلى أن الأردن ظُلِم كثيراً من حيث تقدير دوره الحق، لكنه ما أستمر إلا كما أراد قوياً راسخاً معطاءً وثابت الخطى بقدرة عالية على تخطي تحديات جسام، ومهام ثقيلة، بتماسك مميز بين قيادته الحكيمة وشعبه المؤمن بقدرته على العطاء والثبات على مبادئ الحق وخدمة الوطن.
ووفق الرماضين، فإننا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة من تجاذبات خطيرة وهيمنة التطرف في دولة الاحتلال البغيض وارهاص مزايدة المزايدين الطامعين بالنيل من صمود الأردن وثباته، مطالبون بالوقوف صفاً واحداً قيادة وشعباً، وبحزم لا يقبل التأويل، في وجه كل من تسول له نفسه أو مشغليه للمساس بهذا الوطن العزيز والكريم.
وقال رئيس نادي المتقاعدين العسكريين في الكرك، العميد الركن المتقاعد إسماعيل الحباشنة، إن ذكرى الاستقلال مناسبة تاريخية غرست بذور هذا الوطن وروته بالتضحية والشجاعة والـمحبة والإنتماء، لنستمد منها قيمنا ومبادئنا ومرتكزاتنا السياسية والوطنية، ونستذكر معها في كل عام أحداثاً صنعت التاريخ، ونقف احتراماً للقادة والرجال والنساء الذين وضعوا نهجاً يـنيـر طريقنا نحو المستقبل.
وأضاف الحباشنة أن الاستقلال منارة أردن المستقبل، الذي وقـع وثيقـتـه الملك المؤسس، ليكون شاهداً على التضحيات والقيم التي قادت جهود بناء وطننا العزيز، فبنـي على الوحدة بهوية وطنية جامعة، تحتـضن كل من يؤمن بهذا البلد ويحبه ويحميه، ويعتز بأنه أردني منتمٍ لتراب وطنه وبقضاياه العادلة ودوره القومي، فكل مواطن فاعل هو شريك بمسرة البناء والعمل، كما في الحقوق والواجبات، فبلدنا يقف قوياً بمبادئه، عزيزاً بكرامته، يـصمد ويتقدم رغم الصعاب، بينما تنهار دول وأوطان.
وشدد على أن اعتزاز وطننا بدينه وعروبته هو أحد ثوابتنا الوطنية، فقد بني الأ{دن على أساس شرعية دينية هاشمية، تنتهج الإسلام الحنيف، ليقدم للعالم صورة الإسلام السمح النابذ للتطرف والعنف بجميع أشكاله ورغم كل التحديات، إلا أن وحدة الأردن الوطنية الراسخة، وتناغمه الاجتماعي، واجتـنابـه للعنف يزيده صلابة ومنعة كل مرة.
وختم بالقول إن الأردن الذي بني بالتضحية والفداء سيبقى بوعي وعزيمة أبنائه وبناته، دولة رسالة؛ رسالة الـحرية والسلام والتعايش والنماء، مرتكزين على مبادئنا وفخورين بهويتنا وإنجازاتنا وقيادتنا الهاشمية الحكيمة.
من جانبه، قال مدير شباب الكرك، الدكتور يعقوب الحجازين، إن الحركة الرياضية في الأردن شهدت تطوراً ملحوظاً منذ استقلال المملكة وحتى يومنا هذا، حيث أصبحت الرياضة جزءً من النهضة الشاملة التي سعت الدولة إلى تحقيقها على مختلف الأصعدة، وقد ارتبط هذا التطور بالتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المملكة، إلى جانب تطور البنية التحتية والاهتمام الحكومي والأهلي بالرياضة بسبب زيادة الوعي الوطني.
وأشار الحجازين إلى أن مسيرة تطور الحركة الرياضية في محافظة الكرك تظهر مدى ارتباطها بالتطور الوطني والاجتماعي في الأردن منذ الاستقلال، فقد ساهمت الرياضة في بناء جيل شبابي واعٍ ومؤمن بقيم الإنتماء والمواطنة، لافتاً إلى دور وزارة الشباب في إقامة المنشآت الرياضية، وإعداد برامج وأنشطة هادفة خدمة للشباب ودعماً للأندية الرياضية التي أسهمت بظهور أسماء بارزة من الكرك في مجالات رياضية متنوعة.
وبين أنه بعد الاستقلال بدأت الحركة الرياضية في المحافظة تأخذ طابعاً أكثر تنظيماً مع تأسيس الأندية الرياضية، والتي لعبت دوراً كبيراً في نشر الألعاب الجماعية، ككرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة، بدافع وطني شبابي.
وقال إن النهضة الرياضية حققت في هذه المرحلة قفزة نوعية بإقامة منشآت رياضية أكبر، مثل الصالات الرياضية، كصالة الأمير فيصل، وصالة الحربية، والمجمعات الرياضية كمجمع الأمير فيصل، ومجمع الأمير فراس، والملاعب الخماسية المنتشرة في جميع ألوية المحافظة.
ولفت الحجازين إلى استحداث المراكز الشبابية البالغة 31 مركزاً، بهدف النهوض في العمل الشبابي بصورة تلبي احتياجات ورغبات الشباب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإعداد جيل متمكن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ومشاركاً في إدارة مبادرات فاعلة، إضافة إلى زيادة عدد الأندية لتصبح (36)، الأمر الذي أدى إلى التنوع في الألعاب الرياضية.
وأشار إلى صدور الإرادة الملكية السامية بإنشاء مدينة رياضية متكاملة على مساحة 213 دونماً، حيث بدأ العمل في المرحلة الأولى على إنشاء مسبح مغلق نصف أولمبي، ومسبح للأطفال، وملاعب خارجية، ومساحات خضراء على مساحة 50 دونماً لتكون نواة المدينة الرياضية.
الكرك: ولادة هوية وطنية حرة ونقطة انطلاق لبناء الدولة الحديثة
11:18 24-5-2025
آخر تعديل :
السبت