الرأي _ وكالات
تجسد الصناعة الوطنية، شاهدا حيا على يوميات البناء والتجدد والمنعة، نحو اقتصاد منفتح ومرن، ومنتج قادر على تخطي التحديات، ومواجهة الأزمات، واستثمار الفرص رغم شح الموارد وضعف الإمكانات.
ومنذ بزوغ شمس فجر الاستقلال، بدأت الآلات هديرها، لتنتج بأيدي مؤمنة بالاعتماد على الذات، سلعا تنافس في أكثر من 130 سوقا، وتصل إلى أكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم، مستنيرة برؤية ملكية ثاقبة، وبعزيمة لا تلين.
في هذا السياق؛ قال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، المهندس فتحي الجغبير، لوكالة الأنباء الأردنية(بترا)، إن ذكرى استقلال المملكة الأردنية الهاشمية تشكل محطة تاريخية مهمة في مسيرة بناء الوطن، وانطلاقة أساسية نحو ترسيخ دعائم دولة الإنتاج، حيث حظيت مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع الصناعي، بدعم كبير نابع من الرؤى الحكيمة للقيادة الهاشمية، ما أسس لأن يكون الأردن نموذجا يحتذى به في البناء الاقتصادي، رغم الصعوبات والهزات التي واجهها وشح الموارد والإمكانات.
وأشار إلى أن القيادة الهاشمية منذ الاستقلال، والتي أنار مشعلها المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، وأكمل مسيرتها جلالة الملك عبد الله الثاني؛ واصلت جهودها الحثيثة لبناء اقتصاد وطني قادر على الاعتماد على الذات ومجاراة الاقتصاديات العالمية، من خلال تبني التكنولوجيا والانفتاح على العالم بسياسات اقتصادية وتجارية متوازنة، ما أسهم بتعزيز تنافسية قطاعاتنا الاقتصادية، وعلى رأسها الصناعة.
وأوضح الجغبير لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن هذه الجهود الهاشمية أثمرت عن تأسيس بيئة استثمارية منافسة على مستوى الإقليم، عبر حزمة متكاملة من التشريعات المستقطبة للاستثمار، وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة ثنائية ومتعددة الأطراف، أتاحت للمنتج الوطني الوصول إلى أكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم، ورسخت مكانة الأردن كمركز إقليمي يحظى باهتمام كبريات الشركات العالمية.
وبين أن عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، شهد انضمام الأردن إلى منظمة التجارة العالمية، وما تبعه من تعديلات تشريعية لتتواءم مع المعايير العالمية، إلى جانب توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع كل من سنغافورة وكندا، بهدف إقامة مناطق تجارة حرة تعزز العلاقات الاقتصادية وترفع مستوى التعاون الثنائي.
وأكد أن القطاع الصناعي، كغيره من القطاعات الاقتصادية، حقق إنجازات بارزة مدعومة بالمسيرة الدبلوماسية النشطة، إذ تأسست الغرف الصناعية تباعا منذ الاستقلال لتعكس الرؤية الملكية في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال حوار مؤسسي مستمر يعالج العقبات ويعزز التنافسية والنمو.
وأضاف الجغبير أن الصناعة الأردنية لم تدخر جهدا في تجسيد الرؤية الهاشمية، وسعت إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي كأحد معاني الاستقلال الوطني، مشيرا إلى أن القطاع الصناعي أصبح اليوم من أكبر القطاعات الإنتاجية، بإنتاج صناعي يتجاوز 20 مليار دينار سنويا، تشكل منه القيمة المضافة نحو 45 بالمئة، ويسهم بنسبة 24 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو مباشر، وبنسبة 45 بالمئة بنحو غير مباشر مقارنة بأقل من 16 بالمئة قبل عقدين من الزمن.
وأشار إلى أن قطاع الصناعات التحويلية الأردني احتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط ، من حيث مستوى القيمة المضافة كنسبة من العمليات الإنتاجية، وفق تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي.
ولفت إلى أن الصادرات الصناعية تمثل اليوم 95 بالمئة من إجمالي الصادرات الوطنية، مستفيد من الانفتاح التجاري الذي أرسته القيادة الهاشمية، لتصل إلى أكثر من مليار ونصف مستهلك في أكثر من 130 سوقا عالمية، وبأكثر من 1400 سلعة متنوعة، ما يعكس جودة الصناعة الأردنية وقدرتها التنافسية العالية.
وأكد أن الصادرات الصناعية شهدت قفزة نوعية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، من نحو مليار دينار في أواخر القرن الماضي إلى نحو 7.8 مليار دينار العام الماضي، ما يعد إنجازا وطنيا كبيرا.
وقال إن "لصناعة أصبحت عامل استقطاب مهم للاستثمارات المحلية والأجنبية، إذ تضاعف حجم الاستثمار الصناعي ليصل إلى نحو 15 مليار دينار، وارتفع عدد المنشآت الصناعية من نحو 4 آلاف منشأة في عام 1999 إلى أكثر من 18 ألف منشأة اليوم، منتشرة في مختلف محافظات المملكة، ما يعكس جهود القيادة في تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار".
وأضاف إن "جلالة الملك عبدالله الثاني أولى اهتماما كبيرا باستقطاب الاستثمارات من خلال جهوده المتواصلة في المحافل الدولية والعربية، وتوجيهاته المتكررة للحكومات بضرورة تحسين بيئة الاستثمار والحفاظ على الاستثمارات القائمة".
وبحسب الجغبير " أولت القيادة الهاشمية اهتماما خاصا باليد العاملة المنتجة والمطورة، حيث كانت الأردن من أوائل الدول العربية التي أسست مراكز تدريب مهني وتقني واهتمت بتطوير منظومة التعليم، ما انعكس على حجم التوظيف في القطاع الصناعي، والذي أصبح يوفر فرص عمل لنحو 268 ألف عامل، غالبيتهم من الأردنيين، أي ما يزيد عن 25 بالمئة من إجمالي القوى العاملة".
ولفت إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني وجه مرارا لتطوير مؤسسات التدريب المهني، ورفع قدرات استخدام التكنولوجيا في التعليم، وإجراء إصلاحات جذرية في التعليم المهني، بهدف مواءمة مخرجاته مع متطلبات سوق العمل.
وأكد أن الاحتفال بعيد الاستقلال هذا العام يأتي في ظل متغيرات عالمية كبرى، وفي ظل إنجازات كبيرة حققها القطاع الصناعي الأردني منذ الاستقلال، والتي تؤكدها رؤية التحديث الاقتصادي، إذ يشكل القطاع الصناعي ثلث مستهدفات الرؤية.
وبين أن الرؤية تستهدف رفع الإنتاج الصناعي من 5.3 مليار دينار إلى نحو 11.1 مليار دينار بحلول عام 2033، وزيادة حجم الصادرات من 4.8 مليار إلى 19.8 مليار دينار، بالإضافة إلى استحواذ القطاع على ثلث فرص العمل الجديدة بواقع 314 ألف وظيفة.
وأكد أن "القطاع الصناعي يمتلك القدرة على تحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، والوصول إلى استقلال اقتصادي حقيقي مبني على الاعتماد على الذات، وجعل الأردن مركزا إقليميا للصناعة والإنتاج، ما يستدعي العمل الجاد لتنفيذ خطط ومبادرات الرؤية بنحو ممنهج ومرن، بما يضمن تسريع النمو الصناعي، وتعزيز مساهمة الصناعة في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير فرص العمل، والحد من الفقر والبطالة، وتحسين مستوى المعيشة لجميع الأردنيين."