جبور: أهمية التدقيق في ازدحام الجامعات بكليات الاعلام
الزعبي: إعداد كوادر إعلامية قادرة على التعامل مع المتغيرات
تكاثرت المؤسسات التعليمية الجامعية فاتحة للراغبين بدراسة تخصص الإعلام، أوسع أبوابها.
كذلك، تعددت في الوقت ذاته، المؤسسات الإعلامية، بفضل ثورة التكنولوجيا التي أسهمت من خلال تنوّع أدواتها لخدمة مهنة الإعلام (المقروءة والمسموعة والمرئية) وفي أشكال شتى.
وإذا كان الهدف من الإقبال على العمل الإعلامي، هو الحصول على الوظيفة، فإن الأمر يظل مرهوناً بمدى قدرة سوق العمل المحلي على استيعاب أعداد الخريجين، وما يمكن أن يحصلوا عليه من فرص في الخارج.
في هذا الجانب، قالت لـ الرأي، استاذ مساعد/كلية الاعلام/الجامعة العربية المفتوحة، د. سمر مكناي، إن من أهم التعامل في الجانب الحيوي من العلوم، من حيث تعداد الجامعات التي تدرّس مادة الإعلام وأعداد الدارسين، هو أن يكون هناك تعاون بين الجامعات ووزارة التعليم العالي لضبط هذه العملية ووضع معايير تؤكد ضرورة دراسة مستوى المهارات لدى الطالب/ة قبل القبول في الجامعة، مثل مهارة الكتابة والمهارة التقنية، وأن تكون المناهج تُوائِم متطلبات سوق العمل.
مثلما يتم التركيز والتوسع في طرق التدريب ومدى علاقة التكنولوجيا بالإعلام حيث التنوع المرئي والمقروء والمسموع، وفتح آفاق بديلة كما هو الحال في ريادة الأعمال والعمل الحر، أو المنفرد حيث نجد عمل المدونات والبودكاست والموقع الإلكتروني الخاص.
يضاف إلى هذه الأمور، فإنه من الضروري توعية الطلبة بالواقع المهني الذي يعتمد على المنافسة العالية، وصولاً إلى التخصصات الإعلامية في التسويق وعلاقتها بمهن الإعلام الأخرى، وحسب الحاجة لها، وتطوير المحتوى، واهمية الإعلام والذكاء الاصطناعي.
وتبقى مسألة الإشارة إلى أن من أبرز التحديات التي يواجهها الإعلامي في المؤسسات، هو ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وارتباط هذا النوع بالإخراج، إذ يعد من المسائل المهمة التي يجب مراعاتها إلى جانب امتحانات القبول.
وقالت الصحفية د.آمال جبور، إنه من الأهمية الوقوف عند المشهد الإعلامي ببعده الأكاديمي حالياً، والذي تشير اليه الزيادة الملحوظة في عدد كليات الاعلام في الجامعات الخاصة والحكومية، بعد أن كانت جامعة اليرموك هي الجامعة الوحيدة التي احتضنت كلية للإعلام، والتي ساهمت في العقود الاخيرة للدولة في تأسيس مشهد وخطاب اعلامي مؤثر في السياسات الاردنية، وذراع اغدق سوق العمل بخريجين أكفياء يحملون مهارات إعلامية وصحفية متميزة ساهمت ببناء مؤسسات اعلامية داخل الاردن وخارجه على المستوى الاداري والمهني.
والمشهد الآن يستحق التدقيق في ازدحام الجامعات بكليات إعلامية، تعمل على توظيف خططها الأكاديمية كمادة معرفية أكثر منها تطبيقية، حيث تفتقر كلياتها على الأغلب ولاسباب منها، نقص مواردها المالية وكفاءاتها التدريسية، لأهمية تطوير الجانب العملي والتقني لطلابها، ليكون مستعداً ومؤهلاً لسوق العمل الذي تتسع وتتسارع ادواته التكنولوجية والرقمية بمستوياتها المتعددة يوماً بعد يوم.
ويجب الاشارة الى أن كليات الاعلام تُخرج طلاباً يحملون الشهادة العلمية في الصحافة والاعلام بدرجاتها الثلاث، ولا تراعي بأن جانباً من هذه المهنة مفتوح على تخصصات اخرى ذات طابع سياسي واقتصادي وتربوي ورياضي وتكنولوجي وغيرها، وبالتالي تظهر فجوة الضعف لخريجي الصحافة والاعلام في ميدان العمل، هذه وان وجدت هذه الفرص للاعداد المتزايدة للخرجين.
فيما تعتمد هذه المهنة في عوامل نجاحها على الموهبة والمهارات العالية اللغوية والتقنية والتكنولوجية، بالإضافة إلى الطبيعة الاجتماعية لممارسها، بالتالي فقد تستقطب بعض المؤسسات من لديه تفوق مهاراتي ولغوي على من يحمل الشهادة كدرجة علمية لا تؤهله للمنافسة في سوق العمل في كثير من الاحيان، ونحن نرى اليوم بان كثيرين ممن نجحوا بهذه المهنة ممن يحمل درجة علمية لا علاقة لها بالصحافة والاعلام.
اذا، ربما تكون هذه بعض من ازمة خريجي الصحافة والاعلام، والتي تحتاج من جامعاتنا الاردنية التي تحتضن كلياتها اليوم ان تدقق في الصعوبات التي يواجهها خريجوها، وبالتالي وجب عليها الالتزام بجدية تطوير خططها بما يتلاءم مع سوق العمل وادواته الحديثة، والتركيز على الجانب التقني والعملي لها بتوفير امكانات تحتم على الجامعة تحمل مسؤوليتها في ضمان جودة خريجيها لرفع مستوى استقطابهم لسوق العمل، مع الجدية التامة في حسن اختيار الطلبة وبما يتوافق مع التحولات السريعة في عالم السوشال ميديا وتغيراته.
من جهتها قالت عضو هيئة تدريس كلية الاعلام الجامعة العربية المفتوحة د. سولافة الزعبي، يشهد العالم اليوم تطورًا هائلًا في قطاع الإعلام والاتصال، ما يزيد من أهمية إعداد كوادر إعلامية مؤهلة وقادرة على التعامل مع التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي.
وفي هذا السياق، يجد خريجو كليات الإعلام أنفسهم في مواجهة واقع مهني مليء بالتحديات، فقد أصبح الإعلام اليوم صناعة خاصة تدار من قبل مؤسسات تجارية ومنصات رقمية عالمية، تتحكم في سوق المحتوى والمعايير المهنية. وهذا التحول فرض متطلبات جديدة على الخريجين، أبرزها المهارات التقنية، الإبداع في صناعة المحتوى، والقدرة على العمل في بيئات سريعة ومتغيرة.
من ناحية اخرى، تتأثر فرص العمل الإعلامي بالتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تقييد الحريات الإعلامية وتقليص فرص التوظيف، خاصة في المؤسسات التي تعاني ظروفاً مالية صعبة أو قيوداً قانونية او سياسات مقيدة.
كما أن ظهور الإعلام الجديد والمستقل، مثل منصات التواصل الاجتماعي و"البودكاست» وغيرها، ايجاد منافسة شديدة بين الخريجين وصناع المحتوى غير التقليديين الذين يعملون بشكل حر ويحققون انتشارًا واسعًا دون الحاجة إلى مؤسسات كبرى تضمهم.
إضافة إلى ذلك، تعاني جامعاتنا اليوم فجوة واضحة بين ما تقدمه من مناهج نظرية، وما يحتاجه السوق من خبرات تطبيقية، مما يضع الخريجين في موقف ضعيف وتحد عند التقدم للوظائف أو التفكير في ريادة المشاريع الإعلامية، وعليه يجب على الجامعات النظر بعين الاهتمام الى:(قراءة دقيقة لاحتياجات سوق العمل، تطوير المناهج الجامعية، الشراكة مع المؤسسات الإعلامية، توسيع آفاق التشغيل الذاتي، وغيرها).
ولا ننسى ايضاً دور المؤسسات الاعلامية ونقابة الصحفيين تجاه طلبتنا الخريجين والذين مازالوا على مقاعد الدراسة، ومن المسؤوليات التي تقع على عاتقهم على سبيل المثال لا الحصر:(التدريب والتأهيل المهني، فرص التوظيف، دعم المبادرات الشبابية، نقل الخبرة والتوجيه، حماية الحقوق المهنية، الاعتماد والتصنيف المهني، التدريب والتطوير، الدعم القانوني والمعنوي، وغيرها)
وعليه لا يمكن فصل نجاح خريجي كليات الإعلام عن دور المؤسسات الإعلامية والنقابات المهنية في دعمهم واحتضانهم. فمن خلال توفير فرص التدريب والتوظيف، والحماية القانونية، والتوجيه المستمر، ايجاد جيل جديد من الإعلاميين القادرين على صناعة محتوى مسؤول وهادف، يعكس تطلعات المجتمع ويواكب متغيرات العصر.
إن تفعيل هذا التكامل بين الأكاديمية وسوق العمل هو أساس النهوض بالإعلام وتطويره.
