عربي ودولي

مليونا غزّي على شفا المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي

«الصحة العالمية» إجراءات الاحتلال دفعت النظام الصحي بالقطاع إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار
 

استشهد 82 شخصا وأصيب 262 آخرين خلال 24 ساعة جراء القصف الإسرائيلي المتصاعد والمتواصل، لترتفع حصيلة ضحايا حرب الإبادة منذ السابع من تشرين الأول 2023 إلى 53,655 شهيدا و121,950 إصابة؛ وفق ما أعلنت وزارة الصحة امس.

وتواصل إسرائيل، لليوم الـ590 على التوالي، حربها الواسعة ضد قطاع غزة، متسببة في دمار واسع النطاق وارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين والنازحين، وسط تحذيرات متزايدة من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في القطاع المحاصر.

وأفادت وزارة الصحة بغزة، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 82 شهيدا و262 جريحاً خلال الساعات الـ24 الماضية جراء تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية، لترتفع حصيلة الإبادة المتواصلة منذ 19 شهرًا إلى 175,605 شهداء وجرحى.

وقالت الوزارة في بيان الإحصائي اليومي، إن حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول 2023 ارتفعت إلى 53,655 شهيدًا و 121,950 إصابة.

وذكرت أن حصيلة الشهداء والمصابين منذ استئناف الاحتلال الإبادة الجماعية على القطاع في 18 آذار الماضي ارتفعت إلى 3,509 شهداء و9,909 مصابين.

وأشارت إلى أن عددا من الضحايا ما زالوا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات حيث يصعب على طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، إن العمليات البرية الإسرائيلية المكثفة على غزة وطلبات الإخلاء الجديدة، دفعت النظام الصحي إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار.

وفي منشور على منصة «إكس»، أشار غيبريسوس، إلى أن مستشفيات الإندونيسي وكمال عدوان والعودة، و3 مستوصفات و4 نقاط صحية، تقع ضمن منطقة الإخلاء، التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي امس الاول.

كما أشار إلى أن مستشفيين آخرين و4 مستوصفات و6 نقاط صحية، تقع على بعد كيلومتر واحد عن المنطقة المذكورة.

وذكر غيبريسوس، أن مستشفى غزة الأوروبي، ونقاطا صحية أخرى في جنوب غزة تقع ضمن مناطق الإخلاء، التي جرى الإعلان عنها الاثنين.

ولفت إلى أن مجمع ناصر الطبي، ومستشفى شهداء الأقصى، و5 مستوصفات، و17 نقطة صحية، تقع على بعد نحو كيلومتر واحد من هذه المنطقة.

وتابع: «حتى لو لم يتم مهاجمة المرافق الصحية في غزة أو تُجبر على الإخلاء، فإن الهجمات على المناطق هناك وتواجد الجنود يمنع المرضى من الحصول على الرعاية الصحية، ويمنع منظمة الصحة العالمية من إعادة إمداد المستشفيات. هذا الأمر قد يُعطّل عمل المستشفيات بسرعة».

وشدد غيبريسوس، على مطالبة منظمة الصحة العالمية بالحماية الفورية للخدمات الصحية. مؤكدا على ضرورة عدم استهداف المستشفيات، ووقف إطلاق النار.

وفي وقت سابق الاثنين، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن سياسة التجويع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أدت إلى 58 وفاة بسبب سوء التغذية، و242 وفاة نتيجة نقص الغذاء والدواء، بينها 26 مريض كلى، و300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل خلال 80 يوما من الحصار الإسرائيلي عقب خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار.

وحذرت منظمات إنسانية من أن سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل ضد أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة قد تسفر عن وفاة نحو 14 ألف رضيع خلال اليومين المقبلين، ما لم يتم إدخال مساعدات غذائية عاجلة وبشكل كافٍ.

ورغم ما أُعلن عن سماح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدخول 5 شاحنات إغاثة محملة بأغذية ومساعدات للأطفال إلى القطاع المحاصر، وصف خبراء هذه الخطوة بأنها مجرد «قطرة في بحر الاحتياج».

وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن الكمية التي دخلت القطاع لا ترقى إلى مستوى الاستجابة المطلوبة، مضيفا أن غزة تشهد «مستويات مرتفعة جدا من سوء التغذية الحاد»، إذ يهدد الجوع ربع مليون إنسان يعانون من حرمان غذائي شديد.

وأوضح فليتشر أن فرق الإغاثة تقدر احتمال وفاة 14 ألف رضيع خلال 48 ساعة في حال لم تصلهم مساعدات غذائية فورية.

كما بيّن أن الشاحنات التي دخلت عبر معبر كرم أبو سالم الاثنين -وهو عدد ضئيل مقارنة بـ600 شاحنة يومية كانت تدخل خلال فترات التهدئة- لم تصل إلى السكان بعد.

من جهته، قال وسام مشتهى من منظمة أوكسفام إن «إسرائيل حرمت سكان غزة من الغذاء والماء والدواء، وتواصل قصفها العشوائي والوحشي»، مضيفا: «هناك مليونا إنسان على شفا المجاعة يعانون من الجوع والمرض والصدمة والتشريد».

واعتبر مشتهى أن السماح المحدود بدخول المساعدات لا يمثل تقدما حقيقيا، بل هو «تنازل ضيق» يعكس تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل.

بدورها، أكدت مسؤولة السياسات في أوكسفام للأراضي الفلسطينية، بشرى الخالدي، أن المطلوب الآن هو: «فتح كل المعابر فورا لتأمين استجابة إنسانية شاملة وآمنة تحترم القانون الدولي».

كما شدّدت على أن «قافلة رمزية لا تمثل تقدما»، وأن «وقف القصف وتحقيق العدالة والمساءلة» يمثلان شرطين أساسيين لإنهاء المأساة المتصاعدة.

وأصدرت منظمة أطباء بلا حدود بيانًا، الأربعاء، قالت فيه إن «السماح بإدخال كمية غير كافية من المساعدات إلى القطاع، وهي مجرد خدعة للتظاهر بأن الحصار قد انتهى».

وجاء في البيان أنه في «في هذه الأثناء، تضرر ما لا يقل عن 20 مرفقًا طبيًا في غزة أو أُجبرت على التوقف عن العمل جزئيًا أو كليًا خلال الأسبوع الماضي بسبب العمليات البرية الإسرائيلية المتقدمة والغارات الجوية المكثفة وأوامر الإخلاء واسعة النطاق».

وأكدت المنظمة أنه «فيما لا يزال الناس بحاجة ماسّة للرعاية الطبية والإغاثة، يجب على السلطات الإسرائيلية أن تتوقف عن خنق غزة عامدة متعمدة وإبادة نظام رعايتها الصحي، وذلك هو عماد حملة التطهير العرقي التي تشنها، بحسب منظمة أطباء بلا حدود».

وفي هذا الصدد، تقول منسقة الطوارئ مع أطباء بلا حدود في خان يونس، باسكال كويسار، «سمحت السلطات الإسرائيلية بإدخال كمية تافهة من المساعدات إلى غزة بعد أشهر من الحصار المطبق، وهذا قرار يدل على نيتها تجنب اتهامها بتجويع الناس في غزة، فيما هي بالكاد تبقيهم على قيد الحياة. تمثل هذه الخطة وسيلة لاستغلال المساعدات وجعلها أداة لتعزيز الأهداف العسكرية للقوات الإسرائيلية».

ويُذكر أن قبل تشرين الأول 2023، كانت تدخل يوميًا 500 شاحنة مساعدات إلى غزة، بحسب الأمم المتحدة. أما التصريح الحالي لدخول 100 شاحنة يوميًا في ظل الوضع المتأزم، فهو غير كاف على الإطلاق.

وفي الوقت نفسه، تستمر أوامر الإخلاء في اقتلاع السكان، بينما لا تزال القوات الإسرائيلية تُخضع المرافق الصحية لهجمات مكثفة.

وأشارت أطباء بلا حدود إلى أنه «في 19 أيار، بين السادسة والسادسة والنصف صباحًا، أبلغت فرق أطباء بلا حدود عن سماع غارة واحدة تقريبًا كل دقيقة في خان يونس. وأصابت إحدى هذه الغارات مجمع مستشفى ناصر الذي يبعد مئة متر عن وحدة العناية المركزة وقسم المرضى المقيمين اللذَين تديرهما أطباء بلا حدود».

وذكرت المنظمة أن «هذا هو الاستهداف الثالث خلال شهرين لمجمع مستشفى ناصر، ما يحرم الناس مرة أخرى من العلاج والرعاية. اضطرت فرقنا – تجنبًا للقصف – إلى إغلاق قسم العيادات الخارجية وغرفة التخدير للمرضى الذين ينتظرون أو يتعافون من الجراحة، بالإضافة إلى تعليق أنشطة العلاج الطبيعي والصحة النفسية، والتي تعتبر ضرورية لمرضى الحروق، ومعظمهم من الأطفال».

وأوضحت أطباء بلا حدود أن القصف «تسبب بأضرار بالغة لمخزن صيدلية وزارة الصحة في مستشفى ناصر. ويشكل ذلك ضغطًا إضافيًا على الإمدادات في وقت يتضاءل خلاله المخزون الطبي بسبب الحصار».

وذكرت المنظمة أن «تقديرات مجموعة إدارة الموقع تشير إلى أن أكثر من 138,900 شخص نزحوا قسرًا بين 15 و20 أيار/ مايو. وقد أدى القصف الإسرائيلي المكثف وأوامر الإخلاء الإسرائيلية في جميع أنحاء خان يونس إلى إجبار أطباء بلا حدود على استبقاء الأنشطة المنقذة للحياة فقط في غرف الطوارئ في عيادتي العطار والمواصي. ومنذ يوم أمس، أُغلقت كذلك عيادة الحكر في دير البلح. وقبل ذلك، كانت فرق أطباء بلا حدود توفّر أكثر من 350 استشارة يوميًا في مجال طب الأطفال ورعاية ما قبل الولادة وما بعدها والإسعافات النفسية الأولية والعلاج الغذا?ي وغيرها».

وقالت أطباء بلا حدود في بيانها إنه «قبل بضعة أيام، في 15 أيار، أصدرت السلطات الإسرائيلية أمرًا بإخلاء مركز الشيخ رضوان للرعاية الصحية الأولية في مدينة غزة، ما أدى إلى إغلاق المرفق. قبل ذلك، وبدعم من أطباء بلا حدود، كانت فرق وزارة الصحة تقدم قرابة ثلاثة آلاف استشارة طبية يوميًا في منطقة تضم 250 ألف شخص. وكانت هذه آخر عيادة للرعاية الصحية الأولية تعمل بكامل طاقتها في المنطقة».

ووفقًا لوزارة الصحة، خرجت إثر حصار المستشفى الإندونيسي جميع المستشفيات العامة في شمال غزة عن الخدمة. وقد شهد المستشفى الميداني التابع لأطباء بلا حدود في دير البلح ارتفاعًا في سعة الأسرّة إلى 150 في المئة خلال الأيام القليلة الماضية، ما اضطرهم إلى إضافة كوادر إضافية وزيادة سعة الأسرّة الأساسية بعشرين سريرًا.

وبحسب الأمم المتحدة، يوجد حاليًا قرابة ألف سرير عامل في المستشفيات في جميع أنحاء القطاع، بينما كانت سعة الأسرة قبل الحرب 3500 سرير.

وبينما أعلن جيش الاحتلال إسرائيلي عن «حدثين أمنيين» أسفرا عن إصابة عدد من الجنود، أقر الجيش لاحقًا بمقتل أحد جنوده خلال معارك دارت في جنوب القطاع.

وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات عنيفة على أحياء سكنية في مختلف أنحاء القطاع، ترافقها عمليات تدمير ممنهج لأحياء بأكملها، ما يرفع أعداد الضحايا ويزيد من مستوى الدمار.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مشاورات أمنية إن «الضغوط تتزايد من جانب أوروبا والولايات المتحدة، ومن دون دعم لا يمكن استمرار الحرب»؛ حسبما أوردت القناة 12 امس.

وتطرق إلى تحذيرات واشنطن لتل أبيب بشأن المجاعة واستمرار الحرب في غزة، مضيفا «قالوا لنا إن علينا أن نقرر إلى أين ستكون وجهتنا».

وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن «إسرائيل وصلت إلى مرحلة يتوجب عليها اتخاذ قرارات ومنها دراماتيكية، وأحيانا تتطلب هذه القرارات أثمانا، لكن لا مفر من ذلك وإلا سنفقد كافة الإنجازات التي تحققت حتى الآن». واعتبر مسؤولون إسرائيليون، أن المفاوضات استنفدت نفسها، وأن المرحلة التالية أصبحت واضحة: «إذا لم تكن هناك مفاوضات، فستكون حرب».

ووفقا لما ورد في القناة 12، فإن تزايد حدة النيران في قطاع غزة مسألة أيام معدودة أو حتى ساعات، في وقت تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية بكل قوة، في حين بقي الهدف كما هو من أجل إعادة حماس بالقوة إلى طاولة المفاوضات.

واستند التقرير إلى الضغوط الأميركية الكبيرة على كافة الأطراف، وتطور ذلك من الناحية الزمنية وما يترتب على ذلك من ثمن بدءا من الخطر على حياة الأسرى واستمرار الضغوط الدولية، وذلك ما يهدد استمرار العمليات الإسرائيلية.

دخول 3 ألوية إلى غزة الليلة الماضية ونشرت القناة 12 خارطة لآخر 24 ساعة، بينت من خلالها أن الجيش الإسرائيلي يسيطر على أكثر من 50% من أراضي قطاع غزة، في قسم منها يسيطر عملياتيا بينما تشهد غالبية الأراضي المتبقية تواجدا فقط للقوات، وفي جميعها لا يوجد فلسطينيون، إذ أنهم يتنقلون بين مناطق مختلفة مثل مدينة غزة ومخيمات المحافظة الوسطى والمواصي وخانيونس.

ويسعى الجيش الإسرائيلي إلى تطبيق ما يسميه «نموذج رفح»، من حيث استكمال تدمير ما تبقى من غزة ومن ثم إعادة النازحين إلى مدن خيام بعد التأكد من عدم وجود مقاتلين لحماس. في نهاية عملياته سيتم تشغيل مراكز لتوزيع المساعدات.

وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن أعداد قوات الجيش المقاتلة في القطاع ازدادت، وذلك بعد أن دخلت ألوية نظامية إضافية بينها لواء «هناحال» و«جولاني» و«كفير»، الليلة الماضية، وانضمت إلى عملية «عربات جدعون».