ضمن برنامج التعاون الثقافي الأردني الصيني تشارك وزارة الثقافة في أعمال ورشة التراث الثقافي غير المادي، المنعقدة في العاصمة الصينية بكين، والمنتهية في ٢٧ أيار الجاري.
وتهدف هذه الورشة النوعية لتبادل التجارب الدولية في توثيق وحماية التراث الثقافي، وتعزيز الوعي بأهمية التراث الوطني كجزء أساس من هوية الشعوب، وأثره في التماسك المجتمعي والتنمية الشاملة.
ويترأس الفريق المشارك في هذه الورشة عاقل الخوالدة، مدير مديرية التراث في وزارة الثقافة، حيث قدم ورقة عمل متخصصة حول جهود المملكة في حماية التراث الثقافي ومشاريع الوزارة المنجزة والقائمة، وعلى رأس تلك المشاريع برنامج الحصر الوطني للتراث غير المادي ومشروع مكنز التراث وتجربة المسارات الثقافية السياحية، وتطرق الخوالدة إلى موقع التراث الثقافي من رؤية التحديث الاقتصادي التي تنتهجها المملكة؛ حيث تشكل الثقافة محورا هاما من محاور التنمية والتحديث؛ إذ تتجاوز اعتبارها انعكاسا لوعي وثقافة المجتمع إلى كونها محركا أساسا من محركات التنمية الشاملة.
وفي ندوة نقاشيّة، بيّن الخوالدة أنّ قائمة الحصر الوطنية للملكة الأردنية الهاشمية قد لاقت اهتماما رسميا مستمرا وعبر إدارات متتالية قدمت هذه القائمة كمنجز وطني متاح للباحثين والعالم من خلال الموقع الإلكتروني لمديرية التراث الثقافي /وزارة الثقافة الأردنية.
كما تطرق الخوالدة إلى الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة في هذا المجال، ومن أهمها اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لعام 2003، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لعام 2005.
وسيقدم الفريق المشارك في وقت لاحق من البرنامج عرضا يتضمن إضاءات على تجربة المملكة في تسجيل عناصر التراث الأردني على قوائم التراث العالمي، والإجراءات التي تتخذها المملكة لحماية وصون هذه العناصر، وتقديمها للأجيال والعالم، كشهادة حية على إبداع الإنسان الأردني وقدرته على التكيف والإنتاج بإبداع وتميز.
وفي تصريح إلى «الرأي»، حول تجربة حفظ التراث الصيني، والعناية به من منظور سياحي، قال الخوالدة إنّ الصين بلد مترامي الأطراف متعدد القوميات، متنوعٌ ديموغرافيًّا وطبيعةً، وقد استطاعت الرؤية الصينية الرسمية تسخير الثقافة والفنون، وتلك المتوارثة كفنون تقليدية وحرف يدوية، لدعم الوحدة الوطنية للتراب الصيني وتقريب المجتمعات من خلال الشعور بالإنتاجية القائمة على الأصالة والمواكبة، بحيث يشعر الفرد الصيني بالأثر الثقافي بما يحفز لديه الاهتمام بالموروث الشعور بالتقارب بين القوميات والمكونات التي تتجاوز 56 قومية محلية.
وقال الخوالدة إنّ للصين تجربة مفتوحة ومتاحة في إدارة المواقع التراثية وربط الموروث بالسياحة، لافتًا أنّ لكل قرية تراثية في أقاليم الصين حكايتها وفلكلورها الذي حولته الحكومة الصينية لمصدر دخل دائم وبتكلفة بسيطة من خلال جذب المجموعات السياحية لزيارة القرى التراثية وإعادة السكان إليها على شكل فرق شعبية تقدم تراث المنطقة للزائرين، باعتماد التقنيات والأزياء والحرف التقليدية كجزء أساس من حكاية المكان وسرديته.
وأشار الخوالدة إلى أنّه يمكن الإفادة من التجربة الثقافية الصينية في تشكيل التشريعات التي تنظم التراث الثقافي غير المادي؛ إذ سنت الصين قانونا خاصا بالتراث الثقافي غير المادي، ينظم هذا الجانب الحضاري المرتبط بالمجتمعات، ويكرس جوا تنافسيا متناغما بين المقاطعات والبلديات في الصين لتسجيل عناصرها التراثية على القائمة الوطنية وفق معايير محددة أهمها قدرة المجتمع على الاستمرارية في إنتاج هذا العنصر والأثر المادي والوطني على الأفراد والجماعات.
وختم الخوالدة بأنّ الاطلاع على هذه التجربة يثري تجربتنا الثقافية في الأردن، ويمدنا بالرؤى الخلاقة التي يستحقها تراثنا الجميل وإنساننا الأردني المبدع.