تأبى علينا الأيام إلا أن تزيدنا إعجابا بتاريخ الأردنّ المعاصر، كما هو تاريخه المجيد الممتد عبر الزمن، ولعلّ أقلامَنا مقصرةٌ في حقّ الأردنّ علينا، وهي التي ينبغي أن تنبري ليقرأ الأجيال إنجازات آبائنا وأجدادنا وهم يقدمون الخبرات والقدرات والمهارات لدول من العالم، ولعموم دول الإقليم‘ إلا أنّ شمس الوطن لا تغيب، وإنجازات أبنائه تترى لا تتوارى خلف حجاب، ولا يبقى سوى الإنصاف لمن "يلقي السمع وهو شهيد".
ففي واحدة من مفاخر الأردنّ العديدة، تلك القفزات الحرّة في سماء الإنجازات على الصعيد الأكاديميّ، ففي ندوة علمية عالمية اختارت من ربوع الجامعة الأردنية انطلاقة لسلسلة تعنى بتأصيل ودراسة وتنمية آفاق الاقتصاد الإسلاميّ، وتوسيع اهتماماته والإفادة منه.
ففي الثامن عشر من الشهر الجاري، وتحت رعاية معالي رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات انطلقت فعاليات ندوة: (نحو دراسات وبحوث رائدة في الاقتصاد الإسلاميّ ومقاصده) وهي الأولى ضمن سلسلة علمية عالمية يقوم عليها "منتدى البركة" للاقتصاد الإسلاميّ، وهو منتدى عالميّ اختار الأردنّ ليكون بدء الانطلاقة من ربوعه الخضراء، ولعله تيمنا ببركات هذا البلد المبارك، فضلا عن أمور تحدث عنها أمين عام منتدى البركة، هي محلّ فخر واعتزاز للأكاديميين الأردنيين، وللأردنيين ومحبي الأردنّ عموما، حيث استهلّ الدكتور يوسف خلاوي كلمته ?لرائعة، بكلام عن سابقة الأردنّ في الاقتصاد الإسلاميّ المعاصر، وأثنى على الرياديين والأكاديميين.
ومع آفاق تقدم الأردنّ في الميدان المصرفيّ الإسلاميّ، كان أمين منتدى البركة ممتلئا ثقة بقدرات وخبرات الأردنيين عبر العقود الماضية، وأكد أنّ الأردنّ في مصافّ الدول الخمس الأولى عالميا في الريادة المصرفية الإسلامية. وكم كانت فرحتي وأنا أستمع إلى فصاحته ودقة عباراته وعلوّ كعبه في العلم وقدراته الفائقة على إعطاء المعلومات مرتجلا، وازدادت فرحتي وهو يستعرض تاريخ الأردنّ في الريادة المصرفية، وفي ذلك مؤشرات لا ينبغي فواتها ولا تفويتها، بل لا بدّ من حصرها والإفادة منها على الصعيدين الاقتصادي والاستثماريّ.
وأما فضيلة أ.د. عبدالرحمن الكيلانيّ عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، فقد أفاد وأجاد بكلمته في نقل الصورة النقية عن تاريخ وإنجازات كلية الشريعة، التي من ثمارها نبوغ الأكاديميين والباحثين الأردنيين الذين يثرون الساحة العلمية في الاقتصاد الإسلامي العالميّ، وذلك بوجود ثلة من علماء الأردنّ من كليات الشريعة في الجامعات الأردنية.
ومع كلمة معالي رئيس الجامعة د. نذير عبيدات، كانت الوقفات الرائدة على مسيرة الأردنّ الشامخ بأبنائه الأكاديميين والاقتصاديين منهم، وأفاض في الحديث عن أهمية التركيز على الدراسات الجادة في المجال الذي لأجله أقيم المنتدى.
إنّ الجامعات الأردنية بمكوناتها وإمكاناتها الأكاديمية والعلمية والتطبيقية، قوية في تقديم الأمثل دوما، وهي على قدر المسؤولية في رفد الأسواق الإقليمية بالكفاءات في شتى الميادين، ومع أن ذلك ليس بخافٍ على أحد، إلا أننا بحاجة إلى إبرازه بين الفينة والأخرى، وفسح المجال أمام العقول النيّرة من أبنائنا لتتمكن من خدمة الأمة وبناء الوطن، وتجسيد الهوية والانتماء على حقيقتهما في إنجازات تعود علينا بالازدهار والتقدم.
