«الإيداعات البنكية الخاطئة».. هل هي أخطاء بريئة أم وسائل لغسل الأموال؟
في ظل التطور السريع في الخدمات البنكية والتحويلات المالية، بدأنا نسمع عن حالات يقوم فيها أشخاص بإيداع مبالغ مالية في حسابات بنكية «عن طريق الخطأ»، ثم يتواصلون مع صاحب الحساب مطالبين باسترجاع المبلغ نقدًا بدلًا من تحويله إلى الحساب الأصلي. ورغم أن هذه الحالات قد تبدو عارضة أو بسيطة للوهلة الأولى، إلا أن هناك مؤشرات تدعو للقلق... وربما للاشتباه.
السؤال الذي يجب أن يُطرح: هل هذه مجرد أخطاء عفوية؟ أم أنها نمط جديد من أنماط غسل الأموال؟
بحسب ما تكشفه أنماط العمليات المشبوهة في تقارير المؤسسات المالية ووحدات التحريات المالية، فإن بعض هذه «الأخطاء» تكون في الحقيقة وسيلة لتمرير أموال غير مشروعة عبر النظام المالي، ثم إخراجها بشكل نقدي لتصعب ملاحقتها. وتُعد هذه المرحلة من أخطر مراحل غسل الأموال، إذ يتم استخدام حسابات أشخاص عاديين – وأحيانًا دون علمهم – لإخفاء المصدر الحقيقي للأموال.
كيف يتم ذلك؟
1. يُودع مبلغ في حساب شخص غير متورط (أو يُستخدم حسابه مقابل عمولة).
2. يُطلب من هذا الشخص سحب المبلغ نقدًا وتسليمه لشخص ثالث.
3. تختفي آثار العملية البنكية، ويبقى السحب النقدي بلا مسار واضح.
لماذا النقد؟
لأن التعامل النقدي يطمس المسارات ويُصعّب على الجهات الرقابية تتبع المال، خاصة إذا لم يُوثّق التسليم أو لم تكن هناك علاقة قانونية بين الأطراف.
كيف نتعامل مع هذه الحالات؟
على الأفراد أن يكونوا واعين بخطورة التصرف بأموال لا تخصهم، حتى لو كان الإيداع يبدو «خاطئًا». وأي طلب بسحب أموال وتسليمها نقدًا يجب أن يُقابل بالتريث والتواصل مع البنك فورًا. فالقانون يُحمّل صاحب الحساب المسؤولية في حال شارك ولو دون قصد في عملية غسل أموال.
أما على مستوى المؤسسات المالية، فيجب تعزيز آليات المراقبة والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، وتدريب الموظفين على اكتشاف مثل هذه الأنماط، خصوصًا إذا تكررت من أطراف مختلفة أو صاحبتها طلبات نقدية غريبة.
فليست كل «الأخطاء» في عالم المال بريئة. فبعضها قد يُستخدم كغطاء لجرائم مالية عابرة للحدود. الوعي، والمسؤولية، والتبليغ السريع، هي أدواتنا الأهم لمحاربة غسل الأموال وحماية نزاهة النظام المالي الأردني.