قال الخبير في الشأن الفلسطيني ومنسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس الدكتور جودت مناع ان الاحتلال وضع استراتيجية لتقويض الموارد والخدمات التي تعترض السعي لتجاوز الأغلبية الفلسطينية الوطنية في مدينة القدس بتهجير مواطنيها الفلسطينيين إلى خارج حدود المدينة برغم أن القانون الدولي لا يعترف بشرعية سلطة الاحتلال في القدس، موضحا ان هناك قرارات أممية صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي واليونسكو تحظر وتدين أي تغيير قسري على الوضع القائم في المدينة المقدسة منذ احتلالها.
وأصدر الاحتلال قرارا بإغلاق مكاتب "صندوق ووقفية القدس" في القدس نهاية الشهر الماضي، في خطوة جديدة تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة، وما جرى يعتبر سياسة مبرمجة للضغط على المؤسسات المقدسية، خصوصًا أن المؤسسة تعمل في مجالي التمكين والإغاثة، وتأسست هيئة صندوق ووقفية القدس وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية عام 2014 بهدف دعم مدينة القدس وتعزيز صمود المقدسيين في حماية الأرض والمقدسات والوجود العربي الفلسطيني، وتطوير الميزة التنافسية لمدينة القدس، وحمايتها من عمليات التهويد، بالاضافة الى دعم وتنمية القطاعات المختلفة والعمل على تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمقدسيين، للحفاظ على صمودهم، وتشجيع مواطني القدس الذين يعيشون خارجها للعودة إليها.
وبين مناع أن صندوق ووقفية القدس الذي تأسس بمبادرة من شخصيات فلسطينية وعربية لتمكين صمود المقدسيين وحماية هوية مدينة القدس من التهويد يتعارض مع ممارسات الإحتلال فقررت إغلاقه بتأثير من القوى اليمينية المتطرفة في حكومة الإحتلال للتعجيل في تنفيذ ما تبقى من الاستراتيجية التي تستهدف عروبة القدس وتاريخها وحضارتها باتباع سياسة هدم المنازل وتزوير صفقات عقارية وافتعال أحتقان أمني بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنيين الفاقدين لشرعية وجودهم في المدينة بمصادرة الأراضي والاعتداء على الفلسطينيين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية.
وأشار مناع إلى أبرز إنجازات صندوق وقفية القدس وهي بناء ودعم عشرات المدارس، وتقديم منح جامعية، وترميم منازل، وحماية عقارات ودعم مستشفيات، إضافة لتنفيذ حملات إنسانية خلال الأزمات، وإنشاء مركز لتطوير الأعمال وهذه مساعدات تقع في الإطار الإنساني الذي تتجاهل تحمل مسؤوليته سلطة الاحتلال لأنه يتعارض مع استراتيجيتها المعادية للوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة.
ونوه مناع الى ممارسات الإحتلال التي تستهدف مؤسسات تعليمية وصحية وعمرانية بعيداً عن أي مزاعم أمنية وهو ما ترجمه الإحتلال باستهداف المناهج التعليمية الفلسطينية في القدس واستبدالها ببرامج إسرائيلية،كما تتعمد حظر أي ترميم للمباني بمنع إدخال مواد البناء أو مساهمات مالية لدرء المخاطر التي آلت لبعض البنايات السكنية الفلسطينية بسبب هذا الحظر وذلك لوضع الفلسطينيين أمام خيار واحد هو الرحيل من القدس.
ونبه مناع الى إجراءات إسرائيلية موازية يتخذها الاحتلال مثل فرض الضرائب على المحال التجارية والسكنية وحرمان المدارس المقدسية سواء التابعة للأونروا أو الخاصة منها من تلقي مساعدات وبالمقابل تقدم المال الأسود لبعض المدارس وبفرض قبول إداراتها بمنهاج التعليم الإسرائيلي وهو ما يتناقض مع مشروعية حق التعليم وينعكس على مستقبل الطلبة الفلسطينيين في القدس بعد التخرج، وهذه عوامل تفرض على الطلبة والمواطنين ظروف حياة معيشية قاسية تجبرهم على الرحيل إلى مناطق تقع خارج حدود مدينة القدس أو على مشارف حدود المدينة وهو ما يلبي متطلبات الاستراتيجية الحكومية لتهويد المدينة المقدسة وبالتالي تغيير الوضع الديموغرافي لصالح الوجود الاستعماري الصهيوني في القدس، وبالإضافة إلى كل ما سبق لا تستثني هذه الإجراءات المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تحتاج للترميم أيضا كما هي المنازل في البلدة القديمة مما يعد انتهاكاً خطيراً للوصاية الهاشمية بقيادة الملك عبد الله الثاني على المقدسات في القدس وهو ما نصت عليه اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية التي تلقى دعماً فلسطينياً وعربياً وعالمياً بالإضافة للقوانين الدولية ذات العلاقة.
ودعا مناع الى تقديم كل ما يتطلب من جهد دبلوماسي وقانوني على الصعيدين العربي – الإسلامي وأيضاً الدولي لوقف قرار الاغلاق، مؤكد ان الحملة الدولية للدفاع عن القدس لن تتوقف عند إدانة إغلاق صندوق وقفية القدس فحسب بل أنها ستدعم أي تحرك أردني – فلسطيني لإعادة وضع الصندوق كما كان عليه سابقاً لوقف تداعيات إغلاقه الخطيرة على مدينة القدس وحضارتها ووجود الوطنيين الفلسطينيين فيها وذلك من خلال تحالف بين مؤسسات المجتمع المدني على المستوى العالمي.
يذكر انه ومنذ عام 2001، أغلق الاحتلال ما يزيد عن 40 مؤسسة فلسطينية في مدينة القدس، أبرزها: بيت الشرق، واتحاد الغرف التجارية، والغرفة التجارية الصناعية العربية، ونادي الأسير، وجمعية الدراسات العربية، والمجلس الأعلى للسياحة، وتضاف سياسة إغلاق المؤسسات إلى العديد من الانتهاكات مثل الاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل وسحب الهويات.