ما زلتُ أُؤمنُ بالـخُرافةِ
والنهاياتِ السعيدةِ
لِلـحُقوقِ
وفرحةِ العنقاءِ بالعمرِ الـمديدِ
ورَغبةِ الطفلِ الـمُدلَّلِ
أَن يَصيرَ مُعلِّمًا
أَو أَن يَقودَ الطائرةْ
وَظَننتُني لَـحنًا خفيفًا ذائبًا
في السرمديَّةِ
ثُـمَّ أَدركَ عازفي
حين اختفَتْ عَرباتُ خَيْلي
في الترابِ
بأَنني الوزنُ الثقيلُ
على لُـهاثِ الأَحصنةْ
وكَـ عابرٍ نَـحوَ السماءِ
أُعاهدُ الأَرضَ الـقتيلةَ
أَن أَبِرَّ غِيابَـها في موتِـها
وأَكونَ ابنًا صالـحًا
يدعو لـها في سِرِّهِ بالـمَغفرةْ
ما زلتُ أُؤمنُ
أَنَّ ميلادي الـمَكانُ
وطينتي مَديونةٌ للماءِ
إِن سَكَنَ الترابَ
وظلَّ فيه لكي أَعيشَ
ومَقتلي فِعلُ الزمنْ
فالوقتُ خَصمٌ
يَسرقُ الـماءَ الثقيلَ
لكي يَـجِفَّ الطينُ يومًا
ثُـمَّ يَلجأُ والغبارَ إِلى السطوحِ
الـمُقفرةْ
والوقتُ يَنحرُ نفسَهُ حتى نَـموتَ
كَـ تَوأَمينِ
كأَنَّهُ الـحوتُ الـمريضُ
إِذا توجَّهَ للشواطئِ
كي يُـمارسَ الاختناقَ
وبالـمَعيَّةِ سَوفَ يَـختنقُ
التأَوُّه
حينَ يَـختنقُ الوجعْ
طينٌ أَنا
لا ظِلَّ لي
لا حُبَّ يأْتي صُدفةً
حتى يَقودَ ملامِـحي
نَـحوَ اللياقةِ والأَناقةِ والوَسامةِ
أَو يَقودَ مَلالتي
نَـحوَ انتظارِ مُفاجأَةْ
أَنسى خيالي في الظلامِ
ولا أَراني في الـحقيقةِ
غَيرَ حُضنٍ للزهورِ الـخائفةْ
أَنسى وجودي في النهارِ
فلا أَرى إِلا الـخيالَ
وساعةَ الـماءِ الـمُمَدَّدِ في عُروقي
وهي تَـخسرُ كُلَّ يومٍ ساعةً
من عُمرها
مُتوترٌ
كشجيرةٍ وقتَ الـخريفِ
تأَمَّلتْ وجهَ السماءِ
مع الدعاءِ
لعلَّها تَـحظى بأَوَّلِ زَخَّةٍ
وتُبشِّرُ الأَغصانَ بالأَوراقِ
ثـمَّ تُبشِّرُ الصيادَ بالأَعشاشِ
والفلاحَ بالغَلَّةْ
مُتَبعثِرٌ
مثلَ الـهواءِ إِذا تَناسى عُمرَهُ
وأَحَبَّ عُمرًا ثانيًا
في حبَّةِ الرملِ الـ تَـحُطُّ على العيونِ
لكي تـجيءَ بدمعةٍ
تأْوي إِليها لَـحظةً
كي تغتسلْ
ويُغازلُ امرأَةً وأَلفًا
مِن صبايا الكونِ
لكنْ
دونَ جَدوى فالغرامُ مُقدَّسٌ
بِرسوخِهِ وثباتِهِ وخُشوعِهِ
لا يقبلُ الـحزنَ الـمُؤَصَّلَ في الـهواءِ
وفي عيونِ مُسافرٍ
مُتجَوِّلٍ بِشَراهَةٍ بينَ الـجهاتِ
كأَيِّ طيرٍ جائعٍ
أَو ظامئٍ
أَو خارجٍ لِلتوِّ من قيدِ القَفَصْ
أَنا تائهٌ في الريحِ مِثلَ غَمامةٍ
لَـمْ يَدعُها الـحقلُ الـجميلُ
لِـجلسةٍ تَـحتَ الـمَطرْ
أَو ريشةٍ لا وزنَ فيها
كافيًا
أَن تَتركَ الطيرَ الـمُعَلَّقَ
بالأَماني
كي تَعودَ لِرُشدِها
أَو مِثلَ وَهمٍ راجعٍ مِن خَيبةٍ
كي يَستريحَ مِن الـخيالِ
لكي يُعيدَ التجرِبةْ
أَنا هامشٌ في دَفترٍ
والـحُبُّ سَطرٌ راسخٌ
في الصفحةِ الوسطى بِـهَيْبةِ قَلعةٍ
كالنخلِ يُلقي في الصخورِ جُذورَهُ
لَـمْ يَنجذبْ يومًا لِريحٍ
لا تَرى بِسُعوفِهِ
غَيرَ الورقْ
ما هزَّهُ في العُمرِ إِلا حُبُّهُ
يومَ انـحنى من دونِ ريحٍ
في سكينةِ عاشقٍ
حتى يُلبِّي هَـمسةً
هَبطتْ إِليهِ مِن السماءِ
فأَمطرتْ عَيناهُ تَـمرًا
حينَ هَزَّتْ جَذعَهُ
واستَطعَمَتْهُ بِرِقَّةٍ
أُمُّ النبي