بعيدا عن السياسة والأحداث وقربا من تلك الصلة الروحية والإيمانية التي ينبغي ممارستها في المساجد، يلاحظ من البعض وممن لا يستطيعون الاستغناء عن الموبايل لا ينفكون عن التعامل معه دون حساب للوقت وحرية الآخرين والأهم من ذلك حرمة المسجد وخصوصة الأجواء والتي يجب أن تكون خالية من أي إزعاج ونغمات ورسائل اذا تأخر الإمام قليلا وخصوصا في صلاة الجمعة أو أي صلاة أخرى.
أذكر أنه فيما مضى كانت تتوفر أجهزة تشويش داخل المساجد لتمنع اختراق الموبايل لأجواء المسجد وبالتالي كان العديد من المصلين لا يصطحب موبايله معه، وأما الآن فاستخدام الموبايل في المساجد أصبح مزعجا إلى درجة كبيرة، بل سبغ المسجد بدرجة من الكسل لقراءة القرآن من المصحف مباشرة وهجران الرفوف والمشي نحوها.
لا يحلو للبعض فتح الموبايل سوى عند إقامة الصلاة وبالتالي استقبال المكالمات والرسائل وتلك النغمات المنفرة ومتابعة الأخبار الواردة على وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات وحتى فتح مقاطع الفيديو وبصوت مزعج.
أصبحت الخصوصية مخترقة من خلال الموبايل وتحكمه في مجمل وقتنا وحياتنا وتفاصيلها وعدم الالتفات لمعنى التواجد في المسجد لأداء الصلاة والقرب من الله والخلود للنفس والاستمتاع في اللحظات المستقطعة من زمن الحياة.
من المفيد الاستغناء تماما عن الموبايل عند دخول المسجد ؛ لا أمر ومهم وعاجل ويمكن تأجيل الأخبار أو طلبات البيت قليلا ريثما تنتهي الصلاة، بل ينبغي احترام الموعد قبل وأثناء وبعد الصلاة والسلام كما السابق على جار الجنبين بدل الإسراع في تناول الموبايل فورا.
عدة أسباب تحجب عنا الخشوع في الصلاة والمساجد ومن ضمنها الموبايل وما يصدره من أوامر تحكم سلوكنا بطريقة أثرت على معيشتنا وكأن الوقت لا يتسع لبعض دقائق للنفس بدل الاستغراق في شاشة الموبايل ومتابعته.
كنا في السابق وعند عدم توفر الموبايل بخير ؛ كان للوقت قيمة ولكن ظهور الموبايل وسلطته غير المعقولة حولت حتى ساعات الصلاة إلى دقائق مسرعة وطلب من الإمام للسرعة وعدم الاطالة لضرورة الاستجابة لنداء الموبايل.
ثمة مبادرة طالبت فيما مضى الاستغناء عن الموبايل تدريجيا وخصوصا عند الذهاب للمسجد وقياس مدى الراحة والهدوء والخلود للنفس والعلاقات الطيبة بين المتواجدين في المسجد والسلام والحفاوة والشعور بالانسجام مع النفوس وليس الأجهزة التكنولوجية، فهل يمكن تجديدها الآن؟
أضرار الموبايل عديدة وفوائده منوعة، ولكن هل من توازن منشود للراحة قليلا من سطوة الموبايل على حياتنا في الاماكن كافة والمجالات والاوقات واللحظات الحاسمة وتلك الفارقة عند الموت وفي المقبرة وعند اداء العمرة والحج ومناسبات أخرى لا تعد وتحصى؟
سطوة الموبايل تحد معاصر ؛ بدل التنظير ونشر ما يبثه الموبايل، ثمة هاجس للعمل وترجمة القول إلى فعل واختصار تكلفة الموبايل ؛ من المفارقات طلب أحد المساعدة وفي يده موبايلات ثلاثة يكفي الواحد منها إعالة أسرة متواضعة.
الحل المطلوب هو التحكم في الموبايل بدل تحكمه بنا ومسار حياتنا، والاستفاده منه بقدر منطقي ومعقول، وحصر استخدامه فيما ينفع ولا يضر ويسىْ ويفرق ويشتت الفكر ويعكر الصفو والمزاج.
عدم استخدام الموبايل في المساجد مطلب ضروري بدافع أخلاقي وإيماني واجتماعي؛ فقبل أن ننظر علينا أن نطبق، ببساطة: لا للموبايل في المساجد وربما في الأماكن كافة !.
[email protected]
