عمّان – لمى العتوم
تواجه كليات الإعلام في الأردن تحديات متزايدة لمواكبة التحولات المتسارعة في المشهد الإعلامي الرقمي، ما يفرض عليها تطوير مناهجها الأكاديمية وتعزيز شراكاتها مع المؤسسات الإعلامية. ويرى البعض أن هذا التطور لا يزال بطيئًا، وأن المساقات تعاني من فجوة بين الجانب النظري والتطبيق العملي، مما يحد من جاهزية الخريجين.
وبين الدعوات إلى تحديث شامل، والمحاولات الجارية لإدماج أدوات الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، تتجلى الحاجة إلى مراجعة جذرية للبرامج التعليمية تضمن التوازن بين الأسس النظرية والمهارات التطبيقية، بما يعكس واقع المهنة وتطلعات المستقبل.
,قال عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء، الدكتور أمجد الصفوري، إن كليات الإعلام تتحمل مسؤولية اختيار الأكاديميين المؤهلين والعمل على تطوير مهاراتهم باستمرار، من خلال الدورات المتخصصة وورش العمل، لما لذلك من أثر مباشر في رفع المستوى الأكاديمي والمهني للطلبة.
وأوضح أن الشراكة بين كليات الإعلام والمؤسسات الإعلامية تمثل مصلحة متبادلة لفتح الآفاق أمام الخريجين، مبينًا أن كلية الإعلام تسعى إلى تكريس العلاقة مع المؤسسات الإعلامية بشكل مؤسسي ومستدام، بعيدًا عن العلاقات الشخصية.
وأشار الصفوري إلى أن المناهج في الكلية تُعد وتُحدَّث بناءً على مشاورات مستمرة مع خبراء ومؤسسات إعلامية رقمية، فضلًا عن تحليل ملاحظات خريجي الكلية العاملين في الميدان، والتغذية الراجعة من جهات التدريب والتوظيف، بهدف تحديد المهارات المطلوبة وإدماجها في المساقات الدراسية.
من جهتها، قالت الدكتورة رشا اليعقوب إن المناهج الجامعية لا تزال مدفوعة بالمفاهيم النظرية والبحثية التقليدية التي ترتكز على التربية الإعلامية الكلاسيكية، دون أن تأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ التحديات والفرص التي توفرها المؤسسات الإعلامية.
وبيّنت أن المناهج الأكاديمية ترتكز على نظريات قديمة، مثل نظرية الفضاء العام أو نظريات الإعلام التقليدي المتعلقة بالإذاعة والتلفزيون. وعلى الرغم من إدخال بعض الجامعات مفاهيم جديدة للإعلام الرقمي، كتحليل البيانات، فإن التغيير لا يزال بطيئًا مقارنةً بسرعة التغيرات التكنولوجية.
وأشارت إلى أن كليات الإعلام بدأت بإقامة شراكات مع مؤسسات إعلامية كبرى لتقديم فرص تدريبية وإنشاء برامج مشتركة، لكنها لا تزال محدودة، ولم تواكب حجم التغيرات المتسارعة في الإعلام الرقمي.
من جانبه، قال قاسم المحاسنة، طالب صحافة وإعلام يبلغ من العمر 23 عامًا، إن تعلّمه في مناهج الإعلام يتوافق بنسبة معتدلة مع متطلبات سوق العمل الإعلامي والصحفي في مختلف المهام.
وأضاف أن هذا التوافق يُعزى إلى مواكبة الخطط الدراسية للتغييرات التي تطرأ على المشهد الإعلامي بشكل عام، خاصة مع تنامي استخدام تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل العملية الصحفية والإنتاج الإعلامي.
وتابع المحاسنة أن للأكاديميين دورًا كبيرًا في تأهيل الطلبة لسوق العمل وتمكينهم من المهارات اللازمة، من خلال تلقيهم تدريبات وورش عمل متخصصة في تعلم المهارات الجديدة والمستحدثة.
أما محمد نوافلة، طالب ماجستير في الإعلام بجامعة اليرموك، فقد شدد على أن العديد من المساقات الحالية لا تزال تركز على الطابع النظري، ما يضعف جاهزية الطلبة لسوق العمل. ودعا إلى تحديث شامل للمناهج، يدمج الأدوات الرقمية الحديثة والتدريب العملي، لضمان تخرّج طلبة مؤهلين قادرين على مواكبة تطورات السوق الإعلامي.
وأكد أستاذ الإعلام الرقمي الدكتور محمود الرجبي، أن الفجوة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل الإعلامي لا تعود لسبب واحد، بل هي نتيجة لعوامل متراكبة، منها ما يرتبط بالجامعات، ومنها ما يتعلق بالطلبة الذين يفتقر بعضهم إلى المبادرة لاكتساب المهارات اللازمة.
وأشار الرجبي إلى أن بعض كليات الإعلام بدأت مؤخرًا بخطوات لتحديث مناهجها، عبر إدخال مساقات تُعنى بالإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، إلى جانب إطلاق تخصصات جديدة وبرامج دكتوراه تعكس التوجهات الحديثة. كما لفت إلى جهود جامعات أردنية لتعزيز البنية التحتية التطبيقية وتفعيل أدوات ميدانية مثل "عربة النقل الخارجي" بدعم من الديوان الملكي.