رغم التحديات بقي الأردن على العهد إنسانياً وأخلاقياً، حاملاً رسالة دعم ثابتة للأشقاء في قطاع غزة، لا تحكمها الظروف ولا تمليها الحسابات، فمنذ البدايات تقدمت المملكة، قيادةً وجيشاً وشعباً صفوف الإغاثة، لتكون جداراً من الرحمة في وجه المعاناة.
وفي مقابل هذا الدور النبيل، تُطل بين حين وآخر حملات مشككة، تسعى لتقويض الحقائق وتزييف الجهد الأردني، مستهدفة مؤسسات وطنية راسخة كالهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، في محاولات بائسة للتشكيك والنيل من هذا الجهد، عبر حملات إعلامية مغرضة تبث معلومات مضللة باطلة، لا تمت للواقع بصلة.
وفي الوقت الذي يتصدّر فيه الأردن المشهد الإنساني في غزة، تصدر من الخارج أصوات تحاول التشويش على صورة مشرقة رسّختها مواقف المملكة ومبادراتها المستمرة، ما استدعى رداً وطنيا موحدا كشف زيف الادعاءات، وأعاد التأكيد على أن دعم الأردن لفلسطين لم يكن يوما موضع مساومة أو محل شبهة.
وفي هذا الصدد، سلّطت «الرأي»، مدعومة بالأرقام والحقائق، الضوء على حجم الجهود الإنسانية التي تبذلها المملكة في دعم الأشقاء في غزة، كما استعرضت مواقف وردود فعل القوى السياسية والحزبية التي عبّرت عن رفضها القاطع لحملات التشويه المغرضة التي تستهدف المؤسسات الوطنية وعلى رأسها «الخيرية الهاشمية».
منصة إنسانية عابرة للحدود
منذ أكثر من 35 عامًا، وتحديدًا في عام 1990، أطلقت المملكة عبر «الخيرية الهاشمية»، مبادرات إغاثة امتدت إلى مختلف بقاع العالم، واليوم، تعود الهيئة لتقف بكل ثبات وإنسانية في الخطوط الأمامية إلى جانب الأشقاء في غزة، وسط حصار وجوع ودمار ونزوح.
الأردن لم يكتفِ بالتنديد، بل بادر بالفعل، فمنذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول 2023، أطلقت مؤسساته، بقيادة القوات المسلحة الأردنية والهيئة الخيرية، جسرًا إغاثيا جوا وبرا، عابرا للحدود، محمّلا بالمساعدات الغذائية والطبية، فضلًا عن المستشفيات الميدانية والمخابز المتنقلة والمشاريع اليومية لخدمة المتضررين.
الأردن، بقيادته الهاشمية، لم يربط يوما دعمه لغزة بأي أجندة سياسية أو مقابل مادي، بل تعامل مع القضية كجزء من التزامه القومي والتاريخي تجاه فلسطين وشعبها. هذا ما أكدته التصريحات الرسمية، نافية بشدة ما رُوّج له حول «مقابل مادي» يُدفع لإدخال المساعدات.
البيانات الرسمية شددت أن الأردن لم ولن يقايض إنسانيته أو مواقفه، وأنه يتحمل الكلفة الكاملة لهذه المساعدات كجزء من مسؤولياته الأخلاقية.
أرقام تؤكد الجهد الإنساني..
بلغ حجم المساعدات الإنسانية الأردنية المرسلة إلى غزة حتى اليوم نحو 106,581 طنا من المواد الغذائية والإغاثية والدوائية، مع تنفيذ 391 إنزالا جويا منها 125 إنزالًا أردنيا خالصا و266 مشتركا مع دول صديقة، كما أرسلت المملكة 7732 شاحنة ما قبل الهدنة، و2703 شاحنات بعدها، بإجمالي 176 قافلة قبل الهدنة و35 بعدها.
وفي القطاع، أنشأت المملكة مستشفيين ميدانيين وعيادة أطراف صناعية ومخبزا متنقلا، إلى جانب مستشفيات ومحطات طبية في نابلس ورام الله وجنين، كما وزّعت ما يفوق 574 ألف وجبة ساخنة، و13 مليون لتر من المياه الصالحة للشرب، و6464 طنًا من الطحين، استفاد منها 1.58 مليون شخص.
ردود نيابية وحزبية حاسمة
الهجمة لم تمر دون رد. فقد توحدت أصوات الكتل النيابية والأحزاب الأردنية في مواجهة هذه الافتراءات.
كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية النيابية، أكدت أن ما تتعرض له الهيئة الخيرية هو محاولة يائسة للنيل من مؤسسة إنسانية لها تاريخ مشرف، مستنكرة التشكيك في القوات المسلحة والخدمات الطبية الملكية، واعتبرته إساءة لرموز التضحية والعطاء.
حزب الميثاق الوطني وصف التقرير المضلل بأنه يفتقر لأدنى المعايير المهنية، معتبرًا أن الحملة جزء من هجوم ممنهج يستهدف الأردن ودوره الإنساني في وقت عجز فيه المجتمع الدولي عن التحرك. وأشاد الحزب بالوعي الوطني الذي أفشل هذه المحاولات.
واعتبر حزب النهج الجديد ما نُشر سقوطًا إعلاميًا مدويًا لموقع مشبوه، شكك في نزاهته وولائه، مذكّرًا بالدور التاريخي والإنساني الثابت للأردن بقيادته وشعبه.
اما كتلة تقدم النيابية فوصفت الادعاءات بأنها «ترهات وأكاذيب» لا تمت للمهنية بصلة، مؤكدة على الدعم الأردني الثابت للقضية الفلسطينية ورفض أي محاولة للنيل من الجهود الوطنية.
لجنة التوجيه الوطني والإعلام النيابية، دانت الهجمة الإعلامية المضللة التي تستهدف «الخيرية الهاشمية» عبر أحدى المواقع الإلكترونية التي تدار من لندن بدعم وتيسير من مواقع إلكترونية، ومنصات تواصل اجتماعية ذات أهداف مغرضة.
وعبرت اللجنة، عبر رئيسها النائب فراس القبلان عن رفضها المطلق لتلك الأفعال القائمة على مزاعم كاذبة مؤكدة على النهج الوطني الحر الذي تعمل خلاله الهيئة انسجاماً مع التوجيهات الملكية المقدرة.
وزادت اللجنة أن جميع المعلومات التي تبنتها تلك المواقع المارقة ليست إلا معلومات مغلوطة ومغرضة لا تريد بالأردن خيراً رغم جهوده وإنجازاته تجاه عديد من قضاياه العروبية والقومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تعد ثابتاً وطنياً يتربع أعلى سلم الثوابت الأردنية.
وقالت أن تلك الأفعال لن تنجح بالنيل من عزم الأردن وأفعاله الملموسة لصالح القضية الفلسطينية وشعبها الأبي، لافتة إلى الجهود العظيمة التي بذلها جلالة الملك لصالح القضية الفلسطينية عبر إعادته الزخم الدولي لها،و دوره المعزز في حماية المقدسات الإسلامية و المسيحية في القدس من خلال الوصاية الهاشمية التي حافظت على هوية المدينة المقدسة المكاني و التاريخي و الزماني.
وحدة داخلية ورسالة خارجية
تظهر ردود الفعل المتكاملة على الهجمة الأخيرة مدى التلاحم بين مؤسسات الدولة والشعب في وجه محاولات التشويه، فالموقف من غزة ليس محل خلاف داخلي، بل هو إجماع راسخ نابع من إرث هاشمي، ووعي وطني لا تنال منه الإشاعات، وفي ظل استمرار العدوان، تؤكد الدولة أنها ماضية في دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني، دون استعراض أو مقايضة، في رسالة واضحة بأن الأردني حاضر حيثما وجب أن يكون، وأن صوت الحق لا تُخمده الأكاذيب.
ويبقى الأردن، رغم كل الضغوط والتشويش، سندًا حقيقيًا لفلسطين، وحائط صد أخلاقيًا وسياسيًا وإنسانيًا أمام محاولات تسليع المساعدات أو تسييس المعاناة. ومن يقف في الصفوف الأمامية، لا تُزعزعه أقاويل الخلف.
محاولات بائسة للتشكيك بالجهد الأردني الإنساني في غزة
02:11 11-5-2025
آخر تعديل :
الأحد