أن لا نساعد غزة... تلك هي غايتهم وما يسعون إليه، ليس لأنهم يجهلون حقيقة موقفنا الإنساني والقومي فحسب، بل لأن هذا الموقف يفضح صمتهم، ويسقط ورقة التوت عن متاجرتهم بالقضية الفلسطينية. فكلما أرسل الأردن قافلة، أرسلوا أكذوبة، وكلما أنزلنا مساعدات، انهالوا علينا بالفيديوهات المشككة، وكلما أعلنا موقفًا، أطلقوا حملة تشويه وشائعات. فمن هم سماسرة الدم الحقيقيون؟
من المؤسف أن يجرؤ البعض على اتهام الأردنيين في نخوتهم وغيرتهم على قضايا الأمة، وأن يشككوا في مواقفنا المشرفة تجاه أهلنا في غزة. لكن ما يجعلنا واثقين بما نفعل، هو أن الحقيقة لا تُخفى خلف الشعارات الزائفة أو الأخبار الممولة من جهات لا تريد الخير للأردن، مهما ادعت عكس ذلك.
نحن، كمواطنين أردنيين، وليس كدولة فقط، نتحدى أي جهة في الأردن أو خارجه، أو أي دولة في العالم، قدمت مساعدات، أن تقول إن الأردن أخذ منها فلسًا واحدًا. فالأردن، يا سادة، قد تحمّل كلفًا باهظة لنقل المساعدات وإيصالها، رغم محدودية موارده وإمكاناته، وابتدع الحلول لكسر الحصار. فهل هكذا يُردّ الجميل؟
لم يكن الأردن يومًا من الأيام متاجرًا بالدم، ولا سمسارًا يعيش على هموم الآخرين. وإذا أردتم أن تعرفوا من هم سماسرة الدم الحقيقيون، فاسألوا التاريخ وأصحاب الضمائر الحية، فهم من استخدموا ويستخدمون القضية الفلسطينية ورقة سياسية، ومادة للمزايدة، وحوّلوا دماء الأبرياء إلى أداة ضغط ومساومة.
ما يقدمه الأردن من دعم لغزة هو موقف مبدئي نابع من ضمير وطني وإنساني، لا نبتغي منه جزاء ولا شكورًا، فهذا هو نهجنا الثابت، ليس تجاه فلسطين فقط، بل تجاه كل مظلوم ومحتاج في هذا العالم.
وهنا أسأل كل عاقل سؤالًا مهمًا: إذا كانت معظم المساعدات التي دخلت غزة أردنية المنشأ، وتبرع بها الأردنيون من حكومة وشعب وقطاع خاص، فمن أين "نقبض"، كما يزعمون، إذًا؟ هل نقبض من أنفسنا؟ والأهم: من هي الجهة التي دفعت لنا مقابلًا؟ ومن هي الدولة التي اشترطنا عليها أن تدفع لنا مالًا لوصول مساعداتها إلى غزة؟
خلاصة القول: أكاذيبكم لم ولن تغيّر الحقائق، ولن تثنينا عن موقفنا وجهودنا في دعم غزة. والأهم أننا ماضون في نصرة الحق، دون مقابل، ودون أي شكر أو ثناء من أحد. ولهذا، فمن لديه دليل، فليقدّمه. وباستثناء ذلك، لن نتوقف عن دعم الأبرياء هناك، حتى لو اتهمتمونا وصدّقكم الحاقدون أمثالكم. فالحقيقة والثقة هما عنواننا، فيما نقدمه إنسانيًا، وعربيًا، وقوميًا.