منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، لم يتوانَ الأردن، قيادةً وشعباً، عن تقديم كل ما يُمكّن لدعم الأشقاء الفلسطينيين.
فتحت المملكة جبهة إغاثية لم تُغلق أبوابها رغم الحصار، مُرسلةً آلاف الأطنان من المساعدات عبر البر والجو، ومُثبتةً أن دعمها لفلسطين ليس شعاراتٍ عابرة، بل التزامٌ تتوارثه الأجيال.
لم تكن الاستجابة الأردنية رد فعل عابراً، بل خطة إستراتيجية شاملة. أرسلت القوات المسلحة والهيئة الخيرية الهاشمية 106,581 طناً من المواد الغذائية والدوائية، عبر 7732 شاحنة و391 إنزالاً جوياً، منها 125 طائرة أردنية خالصة.
ولم يقتصر الدعم على الإغاثة الطارئة؛ فالأردن أقام مستشفيين ميدانيين في غزة، وعيادةً للأطراف الصناعية، ومخبزاً متنقلاً يُنتج 574,464 وجبة ساخنة، فضلاً عن توفير 13 مليون لتر مياه صالحة للشرب.
هذه الأرقام ليست "ادعاءات"، بل سجلاتٌ مُوثقة بتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الشريكة.
لم يكن الدعم حكراً على المؤسسات الرسمية، فالشعب الأردني، بكل فئاته، خرج بحملات تبرعٍ عفوية، من بيع الحليّ إلى التطوع في تعبئة المساعدات.
هذا التلاحم الشعبي الرسمي ليس جديداً؛ فهو امتدادٌ لموقفٍ تاريخي يجعل من فلسطين قضية كل أردني. وكما قال أحد المتطوعين: "فلسطين ليست مجرد جغرافيا، بل جزء من هويتنا".
رغم الوضوح، لم تسلم المملكة من حملات تشكيكٍ مُمنهجة، فموقع إلكتروني مقره لندن اتهم الأردن بـ "التربح من المساعدات"، مُتجاهلاً أن المملكة تحملت عشرات الملايين من الدولارات كتكاليف مباشرة، ومئات الملايين كتكاليف غير مباشرة.
ورداً على ذلك، أكدت الهيئة الخيرية الهاشمية أن "كل قرش تبرع وصل لغزة دون اقتطاع"، مُعلنةً عزمها ملاحقة الموقع قانونياً، بل جاء دعمٌ دولي لموقف الأردن، حيث أعلنت منظمة "خوم" الماليزية أن الأردن موّلَ بنفسه مهمة إنزال جوي ماليزية، تضمنت 480 صندوقاً غذائياً، دون أي رسوم.
في زمنٍ تتفشى فيه الشائعات، تبقى الأرقام شاهدةً على إنسانية لا تُجارى. الأردن، بموارده المحدودة، حوّلَ التحديات إلى فرصٍ للعطاء، مُرسخاً أن دعم فلسطين ليس ترفاً سياسياً، بل واجباً أخلاقياً.
تلك "الدعايات المغرضة" لن تُخفي حقيقةً يعرفها العالم: أن الأردن ظلَّ – وسيبقى – قلعةَ الصمود الأولى في وجه كل محاولات تشويه القضية الفلسطينية.