في خضم الأحداث المتسارعة والتحديات الكبرى التي تواجه القضية الفلسطينية، يظل الأردن ركيزة أساسية في دعم الشعب الفلسطيني وصموده، مستندًا إلى مواقفه التاريخية والسياسية الراسخة. ومع ذلك، تظهر بين الفينة والأخرى ادعاءات تحاول النيل من هذا الدور أو التشكيك في نواياه. ومن بين هذه الادعاءات ما يتعلق بدور الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.
وهنا أود أن نبحر سويًا في ماضينا وحاضرنا، لنؤكد أن الأردن كان، منذ عقود، في طليعة الدول العربية المدافعة عن الحقوق الفلسطينية، معتبرًا القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من هويته السياسية والإنسانية. ولم يكن هذا الالتزام مجرد شعارات، بل تُرجم إلى دعم سياسي ودبلوماسي واقتصادي وإنساني مستمر. وعلى رأس هذا الدعم، تأتي الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي تُعد الذراع الإنساني للدولة الأردنية في دعم الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق وظروف معيشية قاسية.
ولم تكن الهيئة يومًا إلا مثالًا للنزاهة والشفافية في العمل الإنساني، إذ تعمل بتنسيق كامل مع الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية لضمان وصول المساعدات بشكل مباشر وسريع إلى مستحقيها. وقد أثبتت، على مدى سنوات، قدرتها على تجاوز التحديات اللوجستية والسياسية التي تعيق إيصال المساعدات إلى القطاع المنكوب.
وما آلم قلبي ولوّث سمعي، ما تم تداوله من اتهامات باطلة أطلقتها جهات مغرضة، تزعم أن الهيئة الخيرية الأردنية تفرض مبالغ مالية أو تعرقل إيصال المساعدات. هذه الادعاءات لا تستند إلى أي دليل، وتتنافى مع تقارير المؤسسات الدولية التي أشادت مرارًا بنزاهة الهيئة وفاعليتها. إن الهدف من هذه الافتراءات هو ضرب الثقة بالمؤسسات الأردنية والنيل من دور الأردن المحوري في دعم الفلسطينيين.
فالأردن لا يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية أو مالية من خلال تقديم المساعدات، بل إن دوره نابع من التزامه القومي والأخلاقي تجاه الأشقاء في فلسطين. وقد أثبتت التجارب السابقة أن المملكة كانت دائمًا في مقدمة الدول التي تسعى لتخفيف معاناة الفلسطينيين، سواء عبر الدعم المالي أو الإغاثي أو السياسي في المحافل الدولية.
إن الواجب الوطني والقومي يُحتم علينا رفض كل المحاولات التي تهدف إلى تشويه صورة الأردن ومؤسساته الإنسانية. فالأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الأبي، سيبقى دائمًا إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة، ملتزمًا بمبادئه الراسخة في الدفاع عن الحق الفلسطيني ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع.