الرأي – بروكسل
كشف تقرير جديد صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن التقدم في معدلات التنمية البشرية يشهد تباطؤًا غير مسبوق، مسجّلًا أدنى مستوياته منذ 35 عامًا، وسط تحديات عالمية معقّدة وتفاوت متزايد بين الدول الغنية والفقيرة.
التقرير، الذي حمل عنوان 'مسألة اختيار: الإنسان والإمكانات في عصر الذكاء الاصطناعي'، أشار إلى أن التقدم التنموي العالمي، وفق مؤشر التنمية البشرية الذي يقيس مستويات الصحة والتعليم والدخل، لم يشهد انتعاشًا بعد تداعيات أزمات الأعوام 2020–2021، بل دخل في حالة ركود طويلة يُنذر استمرارها بتقويض أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وأكد مدير البرنامج، أخيم شتاينر، أن العالم كان يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق تنمية بشرية عالية، إلا أن التباطؤ الحاصل في عام 2024، إذا استمر، قد يؤخر إنجاز تلك الأهداف لعقود، مما يجعل العالم 'أقل أمنًا وأكثر انقسامًا وأكثر عرضة للصدمات البيئية والاقتصادية'.
وأبرز التقرير اتساع فجوة التفاوت بين الدول، حيث تتدهور أو تتعثر مؤشرات التنمية في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، خاصة في ظل تصاعد أزمات الديون، وزيادة اعتماد أنماط الإنتاج غير المرتكزة على العمل البشري، وتفاقم التوترات الجيوسياسية والتجارية.
وفي المقابل، يسلط التقرير الضوء على الدور المحتمل للتقنيات الناشئة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في إحداث تحول إيجابي، شريطة أن يتم توجيه استخدام هذه التكنولوجيا لخدمة الإنسان. فقد أظهر استطلاع عالمي أُجري ضمن التقرير أن 60 بالمئة من المشاركين يتوقعون أن يسهم الذكاء الاصطناعي في خلق وظائف جديدة، فيما عبّر 70 من سكان الدول النامية عن تفاؤلهم بزيادة الإنتاجية نتيجة استخدام هذه التقنيات.
ويدعو التقرير إلى تبني ثلاثة مسارات عمل رئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي ضمن منظومة التنمية البشرية: بناء اقتصاد تكاملي بين الإنسان والآلة. وإدماج الإنسان في جميع مراحل تصميم وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتحديث أنظمة التعليم والرعاية الصحية لمواءمة احتياجات القرن الحادي والعشرين.
وشدد بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية، على أن السياسات التي ستُعتمد خلال السنوات القليلة القادمة ستُحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيصبح أداة تمكين عالمية أو مصدرًا جديدًا للتمييز والفجوة. وقال: 'بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يكون جسرًا للمعرفة والفرص، إذا ما وُجّه لصالح الإنسان، من المزارعين إلى رواد الأعمال'.
ورغم التفاؤل النسبي، حذر التقرير من أن مجرد الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي ليس كافيًا، إذ يجب أن تُسخّر هذه الأدوات لتعزيز قدرات البشر، وليس إحلالهم، مؤكدًا أن المستقبل التنموي سيعتمد على نوع الخيارات التي يتخذها صانعو القرار اليوم.
تباطؤ قياسي في التنمية البشرية وتفاؤل حذر تجاه الذكاء الاصطناعي
04:44 7-5-2025
آخر تعديل :
الأربعاء