أكدت نخبة من الرياضيات الأردنيات أن الرياضة أصبحت وسيلة فاعلة لتمكين المرأة وتعزيز حضورها المجتمعي، مشيرات إلى أن التحديات الثقافية والاجتماعية لم تمنعهن من إثبات جدارتهن، بل تحولت إلى دوافع لتحقيق النجاح، وتغيير الصورة النمطية عن المرأة، خاصة في الرياضات التي كانت تُعد سابقاً حكراً على الرجال. واتفقن على أن التقدير الإعلامي، والدعم المؤسساتي، ونماذج النجاح المُلهمة، هي مفاتيح أساسية لتوسيع مشاركة الفتيات في الرياضة، وصناعة جيل واثق وطموح.
ففي مشهد يتسم بالحيوية والتطور، تبرز أصوات اللاعبات الأردنيات لتؤكد أن الرياضة لم تعد ترفًا أو مجرد هواية للفتيات، بل منصة حقيقية للتمكين، والتعبير عن الذات، وكسر القيود المجتمعية.
اللاعبة دانا فضة، عضو الاتحاد الأردني لكرة السلة، ترى أن النجاح في الرياضة هو انعكاس للإرادة، وتقول: "الرياضة علمتني كيف أواجه التحديات. نعم، هناك ضعف في الدعم أحيانًا، لكن عندما تؤمنين بنفسك، يمكنك تجاوز أي عائق."
وتضيف أن الصورة النمطية عن الرياضة كحكر على الذكور بدأت تتلاشى: "أصبحنا نرى اللاعبات في الإعلام، في المنتخبات، على المنصات، وهذه صورة قوية للبنات الصغيرات."
وتدعو فضة إلى برامج رياضية مدرسية وورش تدريبية لتكون الرياضة جزءًا من التنشئة منذ الطفولة.
روبي حبش، مدربة نادي الفحيص للسيدات لكرة السلة، تؤمن بأن التأثير لا يكون فقط من خلال النتائج، بل من خلال القدوة:
"كنا أول فريق نسائي أردني يحقق بطولة الأندية العربية، والفضل يعود إلى عقلية اللاعبات اللواتي كسرن كل الصور النمطية، وأثبتن أننا لا نقل عن أي فريق عربي أو دولي. "
وتوضح أن تدريب الإناث لا يقتصر على المهارات البدنية، بل يشمل بناء الثقة والانضباط والإيمان بالنفس.
من جانبها، تشير لاعبة المنتخب الوطني لكرة القدم بانا البيطار إلى أن كرة القدم النسائية تطورت بسرعة لافتة:
"اليوم هناك جمهور، وتغطية إعلامية، وبنات يحلمن بأن يصبحن محترفات. كل هذا لم يكن موجودًا قبل سنوات."
وتؤكد البيطار أن مجرد الظهور في الملاعب والبطولات هو تحدٍ لصورة نمطية طويلة الأمد تقول إن الفتاة لا تصلح للرياضات الجماعية أو التنافسية.
أما البطلة راية حتاحت، التي شاركت في أولمبياد لندن، فتتحدث من موقع تجربة دولية ناضجة:
"قبل عشر سنوات، كان من النادر أن نجد مدربة أو حكَمة أو حتى فتاة تتحدث عن التايكوندو بثقة. الآن لدينا لاعبات ومدربات، وأرقام تشهد على المشاركة النسائية."
وتلفت إلى أن تجربتها في تمثيل المنتخب كانت نقطة تحول: "من لاعبة نادٍ إلى من ترفع علم الأردن دوليًا… شعور لا يُنسى."
وفي السياق ذاته، تروي اللاعبة نادين دواني، أول أردنية تتأهل لثلاث دورات أولمبية، قصة مختلفة من الصبر والإصرار، قائلة:
"الرياضة لم تمنحني فقط ميداليات، بل علّمتني الانضباط، وعلمتني كيف أكون قوية في مواجهة الحياة."
وحول الصورة النمطية، تضيف: "الناس كانوا ينظرون للتايكوندو كرياضة عنيفة لا تناسب البنات، لكن مع الوقت، أثبتنا أن القوة ليست عيبًا، بل ضرورة."
كما دعت الفتيات إلى الإيمان بقدراتهن: "الثقة تصنع البطلات، قبل التدريب والميداليات."
ما بين الملاعب والحلبات، تثبت المرأة الأردنية أن الرياضة مجال مفتوح لمن يملكن الشغف والالتزام، وأن الصور النمطية تتهاوى أمام التجارب الحية، والإنجازات المتراكمة. دعم هؤلاء اللاعبات، وتسليط الضوء على قصصهن، لا يُسهم فقط في تغيير ثقافة المجتمع، بل في صناعة جيل رياضي جديد يحمل الراية بثقة واقتدار.