لم أصل في حياتي إلى مرحلة تأنيب النفس كما وصلت إليها في هذه الأيام، الأيام التي كان من المفترض أن أنهي فيها قرضاً كنت قد حصلت عليه لشراء قطعة أرض، لكنني فوجئت بأنه ونتيجة عمليات "تأجيل الأقساط" فقط تم ترحيل نهاية القرض لعام 2028، فأي غلطة ارتكبت؟ وأيّ همّ سيرافقني للسنوات الثلاث القادمة؟
أنا متأكد أن كثيرين منكم، وخصوصا من اعتادوا في كل موسم المطالبة بتأجيل الأقساط، وجدوا أنفسهم اليوم في الموقف ذاته، وندموا كما أندم أنا الآن على كل عملية تأجيل قمنا بها، باستثناء الأشهر الأولى من جائحة كورونا فانفقنا دون حساب، وها نحن اليوم نعيش ندما عميقا و"ندفع ثمن" هذا التأجيل لسنوات طويلة، وهنا بدأت استذكر المثل القائل "وجع ساعة ولا وجع كل ساعة".
ثلاث سنوات جديدة تقريبا سأبقى خلالها ملتزما بقسط كبير كان من المفترض أن ينتهي، وكان يمكن توجيهه نحو أولويات أخرى واحتياجات ملحة أنا في أمس الحاجة إليها، فرافقني حلم الانتهاء من هذا القسط لسنوات حتى استيقظت على كابوس تمديد عمر القرض، واستمراري بدفع الأقساط لأشهر وسنوات قادمة، وحينها كم تمنيت لو أنني لم أقم بتأجيل أي قسط لأي سبب كان.
اليوم أدرك أن التأجيل لم يكن سوى "هروب إلى الأمام"، و"تأخير بمواجهة الحقيقة"، التي وإن طال الزمن أو قصر لن تتغير، فأدركت انه لولا ذلك التأجيل لكنت بدأت اتجه الآن نحو تحقيق "حلم جديد"، واتخذت قرارات كانت جميعها ستصب بمصلحة حياتي الأسرية، الا انني تعلمت من هذا الدرس ألا أؤجل شيئا بعد اليوم، فما تؤجله اليوم سيلقاك غدا شئت أم أبيت.
الندم لا ينفع الآن بعد أن ظهرت الحقيقة، لكنني قررت أن أشارككم هذه الخطيئة التي ارتكبتها، علها تكون درسا وعبرة لا تقتصر فقط على موضوع تأجيل الأقساط، بل تمتد الى كل مجالات الحياة، فالتأجيل قد يؤدي إلى خسائر وتعطيل للخطط المستقبلية وتأخير لتحقيق الأحلام، لهذا أدعوكم وانصحكم بألا تؤجلوا شيئا بعد اليوم كي لا تندموا كما نادم أنا حاليا.
خلاصة القول؛ تأجيل الأقساط خلال جائحة كورونا كان خطوة إيجابية قامت بها البنوك الأردنية، وأسهمت بالحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد وعدم دخولنا بازمة، لكن ما تلا ذلك تحول لنقمة وخطأ أدفع ثمنه اليوم وسأدفعه لثلاث سنوات مقبلة، لذا لا تؤجلوا بعد اليوم لا الأقساط ولا المهام ولا الحقائق ولا المتطلبات أو الالتزامات... فالغد قادم لا محالة، وما تؤجله اليوم يتعجل عليك غدا.
