عندما اتجهت نقابة الصحفيين الأردنيين قبل سنوات إلى فتح فروعٍ لها في إقليمَيْ؛ الجنوب والشمال، كان الهدف منه واضحاً، وهو تعزيز أواصر التعاون والتقارب بين الزملاء الصحفيين في شمال وجنوب المملكة. لكنّ المتتبع لواقع الحال يجد أنّ بعض الفروع شكّلت عنصر تباعد لا تقارب بين الزملاء، وبقيت مغلقة طيلة سنوات، نتيجة «تحالفات» بين زملاء المهنة على انتخاب لجان تلك الفروع، التي أصبحت للأسف مقارّ طاردة لا جامعةً للزملاء.
لا نريد الخوض في تفاصيل تلك الخلافات، وإنّما المطلوب اليوم من مجلس نقابة الصحفيين الجديد إعادة الدور الحقيقيّ الذي على أساسه أُنشئت الفروع ونصّ عليها قانون نقابة الصحفيين في المادة الثالثة منه.
وبقراءة نصّ المادة الثالثة/ب المعنية نجدها تنص على أنْ: «يكون المركز الرئيسي للنقابة في مدينة عمّان، ولها أن تُنشئ فروعاً في أيّ مدينة من مدن المملكة بقرار من المجلس»، وبقراءة النصّ يتضح أن المقرّ الرئيسي للنقابة في العاصمة عمّان دون غيرها، وأعطى المشرّع الأردني الحق لمجلس النقابة بإنشاء الفروع في أيّ مدينة من مدن المملكة، وقد نظمت النقابة هذه المسألة في النظام الداخلي على نحوٍ أكثر تفصيلاً في المادة 27 التي نصّت على: «أ- إذا قرّر المجلس فتح فرع للنقابة في أي مدينة من مدن المملكة فيُشكّل لجنة من ثلاثة أشخا? من بين أعضاء الهيئة العامة العاملين في تلك المدينة لإدارة شؤون الفرع. ب- تختصّ لجنة إدارة الفرع بتنشيط النواحي المهنية والاجتماعية والثقافية والعلمية والرياضية وفقاً لما يقرّره المجلس بهذا الشأن. ج- يرصد المجلس المخصّصات المالية اللازمة لإدارة الفرع، ويتمّ الإنفاق منها وفق التعليمات التي يصدرها المجلس لهذه الغاية».
ونرى هنا، أنّ الخطوة الأولى في إعادة اللُّحمة للجسم الصحفي في الفروع تقتضي أن تأتي من تطبيق النصّ القانوني بحرفيّته، وهو ضرورة قيام مجلس النقابة بدوره وتشكيل لجنة من الزملاء في تلك المدن التي توجد فيها الفروع، وألّا تشكَّل بطريقة «الانتخاب» فالقانون والنظام لم ينصا على ذلك، لا سيّما أن تجارب الانتخاب أثبتت فشلها في إدارة الفروع، وخلقت جواً مشحوناً أبعدت الزملاء عن الفرع وتركته مغلقاً فترةً طويلة.
وأهداف الفرع واضحة وصريحة في نصّ النظام الداخلي، إذ بيّنها في المادة 27 فقرة ب، بــ"تنشيط النواحي المهنية والاجتماعية والثقافية والعلمية والرياضية»، وقد نصّ النظام على مخصّصات مالية لتنفيذ هذه الأنشطة، التي غُيّبت خلال الفترة الماضية، ما يقتضي إعادة تفعيلها من خلال تعيين لجانٍ قادرة على إدارة الفروع ووضع برامج حقيقية تستند إلى القانون والنظام، وتحقّق الغاية في صون المهنة وتعزيز أواصر التعاون بين الزملاء في محافظات المملكة كافّة، وهذا يقتضي بالضرورة أن تكون الفروع أذرعَ حماية للصحفي في ميدان العمل بكلّ مناط? المملكة، ليستعيدَ دوره الحقيقي في نقل الحقيقة بحيادية وموضوعية ومسؤولية.
