ذكر تقرير عبري، أن الصاروخ اليمني الذي أحدث حفرة في ساحة مطار بن غوريون الدولي منح الحوثيين إنجازًا معنويًا مهمًا، لكن يجب وضع الأمور في نصابها: أولاً، هذه هي المرة الثالثة التي تفشل فيها منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، حتى مع دعم بطاريات THAAD الأمريكية، في اعتراض صاروخ باليستي إيراني يُطلق من اليمن.
وحسب التقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإنه على عكس تصريحات الحوثيين، فإن الصواريخ التي تُطلق نحو إسرائيل ليست فرط صوتية، إلا أن منظومتي «حيتس 2» و«حيتس 3»، رغم معدل اعتراضهما البالغ نحو 90%، تتعرضان أحيانًا لإخفاقات ناجمة عن أسباب مختلفة، بعضها ظروف جوية تعيق الكشف المبكر، وأخرى لا يُنصح بنشرها.
وبشكل عام، هناك سباق تسلح بين إسرائيل وبين الإيرانيين الذين يوجهون الحوثيين ويطورون من قدراتهم، وضمن هذا السباق، بات الحوثيون يُطلقون صواريخهم في وضح النهار، اعتقادًا منهم أن ذلك يُصعب مهمة الاعتراض. علاوة على ذلك، زاد الحوثيون من وتيرة الإطلاق، على الأرجح لأن الضربات الأمريكية ألحقت أضرارًا كبيرة بمخازنهم ومنصاتهم، ويريدون الاستفادة مما بقي بحوزتهم.
وبحسب القيادة المركزية الأمريكية، التي تُدير قوتين بحريتين قرب اليمن بقيادة حاملتي الطائرات "ترومان" و"كارل فينسون"، فإن الضربات الأمريكية أدت إلى انخفاض بنسبة 60-70% في وتيرة إطلاق الصواريخ الباليستية من اليمن ضد إسرائيل والسفن في البحر الأحمر، وألحقت ضررًا بالغًا بمنظومة الدفاع الجوي التي زودتها بها إيران.
خطر الحوثيين ما زال قائما؟
ووقف التقرير، فإنه رغم الضربات، ما زال الحوثيون يحتفظون بقدراتهم، والسبب أن منصاتهم متنقلة ويُعاد نشرها في أماكن شاسعة داخل اليمن، مما يصعب على الاستخبارات رصدها وتدميرها. الأميركيون يبذلون جهدًا كبيرًا لإحباط تهريب الأسلحة من إيران، سواء كانت صواريخ أو طائرات مسيرة أو قطع ذخيرة، كما يستهدفون مصانع الحوثيين وقادة النظام.
والنظام الحوثي يعمل بطريقة لا مركزية ويعتمد على قبائل متفرقة، كما أن اليمن بلد ضعيف البنية التحتية، مما يصعب جمع المعلومات. لذلك، وحتى بعد ستة أسابيع من القصف الأمريكي، ما زال خطر الحوثيين قائمًا على الملاحة البحرية وعلى إسرائيل.
المعضلة الإسرائيلية: ما الهدف من الرد، وهل يمكن تحقيقه؟
وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أعلن بعد الهجوم الحوثي أن «من يعتدي علينا، سندمره أضعافًا». لكن إذا أرادت إسرائيل تنفيذ هذا التهديد، تواجه معضلة: ما الهدف من الرد، وهل يمكن تحقيقه؟ وإذا قررت الرد، فما نوع العملية الممكنة؟
ووفق المحرر العسكري في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، فإن الهدف الأول هو تقليص قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة. يمكن أن يشمل الرد الإسرائيلي ضربات جوية أو بحرية لتقليل الخطر على الملاحة.
والهدف الثاني هو ردع الحوثيين عبر ضربهم داخل اليمن، ليُدركوا أن أي هجوم إضافي سيؤدي إلى رد أقسى يهدد بقاء نظامهم. والتجربة الإسرائيلية والأمريكية تشير إلى أن التهديد الذي يوجَّه مباشرة لبقاء النظام هو الأكثر فعّالية.
والهدف الثالث يمكن أن يكون ضرب رموز النظام والبنى التحتية لإثارة الغضب الشعبي.
لكن إذا لم تتمكن إسرائيل من تحقيق واحد على الأقل من هذه الأهداف، فمن الصعب تبرير عملية عسكرية على بعد 2000 كلم. فعملية كهذه معقدة ومكلفة وتتطلب طائرات تزود بالوقود، قوات إنقاذ، وجهدًا استخباريًا كبيرًا. وحتى لو نفذتها، ليس واضحًا إن كانت ستتجاوز في تأثيرها الضربات الأمريكية الحالية.
وحسب بن يشاي، فإن القوات الأمريكية، التي تشمل أكثر من مئة طائرة هجومية وتعمل من بُعد 350 كلم من الساحل اليمني، قادرة على الرد بشكل أسرع وأعنف من إسرائيل، التي يمكنها حشد بضع عشرات من الطائرات فقط في عملية واحدة. كما أن أي عملية إسرائيلية ستتطلب تنسيقًا وثيقًا مع القيادة المركزية الأمريكية وموافقة البيت الأبيض، وهو أمر حساس في ظل اتهامات أمريكية بأن إسرائيل تسعى لجرّ واشنطن إلى مواجهة مباشرة مع إيران.
ردع الحوثيين صعب
واختتم بن يشاي قائلا «حتى لو تجاهلنا الكلفة والتعقيد، تظل مسألة ردع الحوثيين صعبة؛ لأنهم مدفوعون بعقيدة دينية وكراهية عميقة ضد إسرائيل، ونظامهم يؤمن بأن التضحية واجبة في سبيل الجهاد. وهذا النموذج لا يقتصر على الحوثيين، بل ينطبق على حماس، التي لم تخضع للضغط رغم الحصار، وحزب الله، الذي توقف فقط بعد أن جُرد من قدراته، وكذلك النظام الإيراني. لذا، حتى لو قصفت إسرائيل البنى التحتية المدنية في اليمن، مثل مطار صنعاء أو ميناء الحديدة، فإن احتمال ردع الحوثيين سوف يظل منخفضًا. بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية دوليًا».
